الفلسفةُ الصينيةُ القديمة (الين واليانغ)
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
أخذ جميع ُالمفكرين الصينين بفكرة اليانغ والين بأشكالٍ مختلفة، واعتبروها أساسَ الإنطلاقِ في أي بحثٍ فلسفيّ يدورُ حول الطبيعة والمجتمع والإنسان. ومع نموِّ وتطورِ البحثِ الفكري، تحولت فكرة اليانغ والين لتصبحَ مع الزمن نظريةً أو بالأحرى فلسفة، يمكن على أساسِها تفسيرُ كلِ شيء. ويمكن القول بأن فكرة اليانغ والين تمثلُ البعدَ الواعي واللاواعي في كلِ التفكيرِ الصيني، منذ ماقبل لاوتزو وكونفوشيوس وبعدِهما وحتى يومِنا هذا. وتروي الحكاياتُ الصينية الشبيهة بالأساطير بأن نظريةَ اليانغ والين قد ظهرت في كتاب التغيراتِ الذي أعاد وضعه كونفوشيوس وعلَّق عليه ويستمد مبادِئَه من الامبراطور الأسطوري فوشي سنة 1852 ق.م وهو الأولُ بين الأباطرة الأسطوريين الخمسة في التواريخ الصينيةِ القديمة، ويُعتَبر هذا الكتاب من أهمّ المراجع الصينية في البحث الميتافيزيقي على الإطلاق.
البيضةُ الكونيّة:
يرتكزُ الفكرُ الصيني على نظرية اليانغ والين في تفسير وتعليلِ وفهمِ كلِ الوجودِ الطبيعي والمجتمعي والإنساني. يمكنُ القول بأن اليانغ والين يمثلان في الفكر الصيني الوَحدةَ فيما وراء ثنائيتهما الظاهرة.
- فاليانغ يمثل العنصرَ الإيجابي الفعَّال القادرْ على إنتاج أي شيء، وهو يرمُزُ إلى العنصر السماوي الذكوري المتحرك المتمثل في : الشمس، الضوء، الحرارة، والحياة.
- أما الين فهو يمثل العنصرَ المنفعل الساكن والسلبي والأنثوي اللين ويتمثل في: القمر، الأرض، الظلمة، البرودة، والموت.
فكلُ حقائقِ الوجود الكونية والطبيعية والاجتماعية والإنسانية تعود في النتيجة إلى تعارضِ أو اتحادِ عنصر الذكورة اليانغ وهو الموجب الحامل للحركة، مع عنصر الأنوثة الين وهو السالب الساكن المتلقي لفعل الحركة، أي المستجيبُ بردةِ فعلٍ على اليانغ.
وفي اليانغ والين يتوافر التناسق والانسجام في كل الوجودِ والموجودات. وعندما يركّز الفكرُ الصيني على القولِ بثنائية اليانغ والين فهو يعني عدمَ إمكانيةِ وجودِ الواحد دون الآخر، فهما موجودان و يتواجدان معاً دوماً. والقول بالذكورة أي اليانغ يعني بالضرورة القول بالأنوثة أي الين. وحين يقال تأثيرُ اليانغ، فذلك يعني التأثيرَ بالين أو تأثرَ الين باليانغ. إذ للاثنين معاً، في البداية والنهاية، التأثيرُ الفاعلُ والتأثيرُ المنفعل، ولاوجودَ لأحدهما دونَ الآخر إلا لفظاً، كما لا يمكن حضورُ أحدهما في الذهن دونَ حضورِ الآخر.
كلُ حضارةٍ تقدم نتاجاً فكريّاً مختلفاّ عن نتاج الحضارات الأخرى، نتيجةَ اختلاف الشروط المتعلقة بنموِ المجتمعِ وتقدمه وتباين ظروفه التاريخية والطبيعية وبنيتِه الذهنية وأنماطِ التفكيرِ السائدة. والحضارةُ الصينية انتشرَت في مناطق شرقِ آسيا وجنوبِ الشرق الأقصى بشكلٍ واضح ولم تنتشر أبعدَ من ذلك، ولم تُعرَفْ هذه الحضارة بشكلٍ واضحٍ في أوروبا إلا في القرن الثامنَ عشر.
إن فكر لاوتزو وكونفوشيوس، أنبتا مدارسَ فكرية تقليدية تجّددت بأثوابٍ محدّثة، وانتشرت شُهرتها في العالمِ أجمع، وإضافاتُ فكرِ ماوتسي تونغ ورفاقِه على الفكر الماركسي-اللينيني وعلى تطبيقاته في الصين، تركَتِ الأثرَ الكبير على التياراتِ الفكريةِ الماركسية والشيوعية المعاصرة وساهمَتْ في إغنائها، لاسيما أن التجربةَ الصينية َالإشتراكيةَ الحديثة مازالت باقيةً ومستمرة.
المراجع:
1- عمرعبد الحي، الفلسفة والفكر السياسي في الصين القديمة(بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشروالتوزيع،الطبعة الأولى،1999).
2- هنا
3- هنا