"كريسبر كاس CRISPR cas" يطرق الباب من جديد
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
تمتلك الكائنات الحية الدقيقة صبغي (كروموسوم) حلقي واحد أو اثنين يُرمِّز بصمتها الجينيّة الضرورية لاستمرارها، أو ما يسمى بالريبليكون (replicon)، إضافةً إلى عناصر خارج صبغيّة ((Extrachromosomal Elements (ECEs) تُرمَّز الجينات غير الضروريّة للحياة لكنّها مسؤولة عن فوعة الجرثوم ومقاومة المضادات الحيوية، وتتناقلها هذه الكائنات بينها وتتشارك فائدتها، والمؤكّد علميّاً أنّه غالباً ما تكون هذه العناصر ECEs ذات بنية حلقيّة بطول يتراوح بين 5000 -100,000 شفع نكليوتيد (1).
وقد اكتُشِف دنا جديد في بحثٍ أمريكي، وكان اللافت للانتباه في هذا الاكتشاف أنّ الدنا خطّي البنية ويتراوح طوله بين 600,000 والمليون شفع نكليوتيدي، وهذا الطول يُقارب ثلث طول الجينوم الأصلي للبكتيريا المضيفة لذلك عُدَّ ضخماً، وعمل الباحثون عليه لاحقاً لمعرفة قرابته الوراثيّة ودور الجينات التي يحملها وأهميتها بحثيّاً وحيويّاً (2).
صُنّف هذا الدنا المكتشف بدايةً ضمن عائلة Borg التابعة لعائلة بروتينات Cdc42، وبما أنها اكتُشفت منذُ خمسَ عشرَ عاماً ولا يوجد معلومات كافية عن بنيتها وتنظيمها أو دورها (3).
وبعد ذلك رجّح العلماء تصنيفَه إلى نطاق العتائق (Archaea)؛ وهي بالتعريف كائناتٌ دقيقة وحيدة الخلية تختلف عن البكتيريا، وقد عُزِل منها بنى ECEs بحدود 60 فيروس (Archaeal viruses) و60 بلاسميد (Archaeal plasmids) أو أكثر.
تُصنّف هذه البلازميدات حسب محتواها من الجينات إلى ثلاثة أنواع تبعاً إلى شجرة القرابة الوراثيّة، إحداها هو (Methanogenic plasmids) والتي تحوي الجينات المسؤولة عن عملية إنتاج الميثان (4).
وكانت الأبحاث على بلازميدات العتائق صعبة جدّاً بسبب صعوبة استنباتها في المخبر، فلذلك بقيت آلية تضاعفِها مجهولة حتى اكتشاف وجود مضاهئات Homologs من بادئ التضاعف الخاص بالعتائق Orc1/Cdc6 فيها (4)، ومن هنا يمكن أن يرتبط تصنيف الدنا المكتشف بنطاق العتائق بسبب اشتراكها بجينات الـ Cdc.
لاحقاً، قد توجّهت آراء الباحثين إلى احتمال ارتباطه بكائنات من شعبة Anaerobic methanotrophs المكتشفة حديثاً من العتائق، ولِأنه يحمل جينات تتعلق بدورة الكربون وإنتاج الميثان.
وبذلك قد يكون التسلسل المسؤول عن عملية توليد الميثان Methanogenesis وأكسدته اللاهوائية القائمة في كائنات هذه الشعبة، والتي أكّدت الأدبيّات أهميتها في تخفيف حدّة انبعاثات البيوت الزراعية والاحتباس الحراري (5).
قد يكون هذا الدنا لا ينتمي إلى عائلة Borg أو ليس بـ ECE وذلك لتميّزهِ بحجمٍ كبير وبنيةٍ خطيّة، ولكن الأهم من ذلك أنّه يحوي تسلسلات تكراريّة معكوسة على طرفيّ السلسلة والعديد منها ضمن المناطق الجينيّة المرمّزة وغيرها فيما بينها.
وتعود أهمية هذه التكرارات في نطاق العتائق إلى نظام كريسبر CRISPR، وهو نظام دفاع مكتسب يتطوّر في خليّة المضيف للعتائق بعد الغزو الفيروسي (4)، إذ تتشكل مكرّرات بنيوية متباينة تمثّل أجزاء من الكود الجيني للفيروس الغازي، وتكون بمنزلة ذاكرة تفيد بمقاومة الفوعة عند انتقالها إلى مضيف آخر، إضافةً إلى إسهامه في مجال تعديل التعبير الجيني ومعالجة الأمراض الوراثية/المكتسبة والوقاية منها.
ومن هنا تكمن أهميّة الاكتشاف الجديد وتسلسلاته التكراريّة التي تدعم نظام كريسبر وتؤكّد ارتباطه تصنيفيّاً مع نطاق العتائق/ شعبة Anaerobic methanotrophs.
المصادر: