كافكا يُحاكم والده مراجعة رسالة إلى الوالد
كتاب >>>> معلومة سريعة
كتب الكاتب التشيكي فرانتس كافكا (1883_1924) Franz Kafka إلى ميلينا "إذا أردتِ أن تعرفي كيف كان الحال معي في الماضي، أُرسل لكِ من براغ الرسالة العملاقة التي كتبتها إلى والدي" معلومات الكتاب:
كان كافكا قد كتب الرسالة وهو في عمر السادسة والثلاثين، وأعطاها إلى أمّه كي تعطيها لأبيه، لكنّها لم تفعل، وفي هذه الرسالة يواجه أبيه للمرة الأولى في كلّ ما جناه عليه، مع إنها مواجهةٌ على الورق، فلم يجرؤ الولد بعد على المواجهة المباشرة.
ويُعبّر كافكا في أكثر من موضع عن خوفه الكبير والمستمرّ من والده، ذاك الخوف الذي بدأَ من الطفولة، حين طلب من والده ماءً للتسلية والإزعاج فحمله الوالد وأخرجه إلى الشرفة ليلاً وأغلق الباب، ليواجه الطفل الظلام والخوف الأول في حياته.
إنَّ الولدَ يعترف بفضل والده عليه، ويشعر بامتنانٍ بالغ، إضافةً إلى شعوره بالذنب لتقصيره في حقّ الوالد، لكنّه يعود مؤكداً أن تصرفات والده هي سبب ذلك، إذ كانَ يرى في أبيه المثل الأعلى في كلّ شيء، وعلى الرغم من قسوته البالغة وشتائمه وتذمّره المستمرّ من أولاده "كنت بالنسبة لي مقياس كلّ شيء" إلّا أنّ والد كافكا لم يكن صادقاً بين قوله وفعله، فكان متناقضاً بصورة واضحة، إذ يزجر الأولاد على فعل ويفعله وهو مرتاح الضمير، وكان صارماً لا يحتمل كلمة اعتراض، لكنّ شعور كافكا الدائم بالذنب جعله لا يرى ظلم والده عليه
"كنت قد فقدت أمامك ثقتي بنفسي، واستبدلت بهذه الثقة شعوراً بالذنب لا نهائياً"
إن كافكا لا يستطيع الخروجَ من عباءةِ أبيه، رغمَ رفضه لها، فلجأ إلى الكتابة ليتحرّر من سطوته إلّا أنه فشِل مجدداً فكتبَ:
"لم أكن حراً، كانت كتابتي تدور حولك، والحق كنت أشكو فيها ما كنت لا أستطيع أن أشكوه على صدرك".
أمّا في القسم الثاني من الرسالة تناولَ كافكا مسألة الزواج، واعترف بأنّ خطبتيه الاثنتين فشِلتا ليس بسبب عيب أو خيبة أمل في أيٍّ من الفتاتين، بل هو من خيّب أملهما، ويحمّل مسؤولية ذلك لوالده أيضاً، إذ يرى أنه بزواجه سيصبح ندّاً لوالده، وسيغدو رجلاً متزوجاً شاكراً لوالده غافراً خطاياه، أي أنّه بذلك سيحذف قسماً كبيراً من حياته وهذا ما لم يستطع فعله.
تُعَد هذه الرسالة وسيلةً هامة لفهم مزاج كافكا السوداويّ، وتشرح كثيراً من الألغاز التي تحيط بأعماله، من خلال معرفة الظروف التي عاشها وحساسيته الكبيرة تجاهها، ويظهر الارتباط الوثيق بين شخصيته وحياته مع مجمل أعماله التي قدّمها.
رسالة إلى الوالد من كتاب فرانز كافكا الآثار الكاملة مع تفسيراتها (1)
ترجمة: إبراهيم وطفي
دار الحصاد للنشر؛ 2003 دمشق
عدد الصفحات: 57