محمد فارس: أول سوري في الفضاء..وداعاً
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
وفي عام 1985، تلّقت سورية دعوةً من الاتحاد السوفييتي لتدريب اثنين من الطيارين العسكريين بهدف المشاركة في مهمةٍ إلى محطة فضاء سوفيتية، لقد أُرسلِت قائمةٌ نهائية من 4 طيارين اختيرَ منها كل من محمد أحمد فارس ومنير حبيب حبيب وفي العام ذاته وصلا إلى مركز يوري غاغارين لتدريب رواد الفضاء (Yuri Gagarin Cosmonaut Training Center).
وأُعلن عن الطاقم الرئيس في عام 1986 ليكون محمد فارس واحدًا من رواد الفضاء الثلاثة الذاهبين إلى المحطة.
فقد تكون الطاقم الرئيس للمهمة من : قائد المهمة ألكسندر فيكتورنيكو (Aleksandr Viktorenko)، ألكسندر ألكسندروف (Aleksandr Aleksandrov)، محمد فارس.
أما الطاقم البديل تألف من القائد أناتولي سولوفييف (Anatoliy Solovyev)، فيكتور سافينيك (Viktor Savinykh) ومنير حبيب.
صورة لطاقم محمد فارس:
هنا
وكان من المقرر للمهمة أن تتوجه إلى المحطة الفضائية Salyut-7، ولكن مع إطلاق محطة Mir عام 1986 تقرر تغيير الرحلة إلى المنشأة الأكبر (1).
لنتعرف أكثر عن وجهة رحلتنا..
وجهة المهمة: المحطة الفضائية Mir
حُددت الوجهة إلى محطة الفضاء Mir، التي وافق الاتحاد السوفييتي على برنامجها عام 1976 واعتمدت عناصرها على أجهزةٍ وتقنيات طُورِت خلال العمل على محطات أخرى مثل ساليوت (Salyut) و ألماز (Almaz)، واحتوت المحطة تحسينات عدة عن سابقاتها كان أهمُها إضافة مركز لرسو المركبات الفضائية في الطرف الأمامي للوحدة الأساسية، إضافةً إلى تحسينات أخرى في خواص دعم الحياة وأنظمة القيادة والتحكم.
وفي الوقت ذاته كانت Mir أكبر َمحطة فضائية على الإطلاق.
لقد أُطلقت الوحدة الأساسية في 19 فبراير 1986 من قاعدة بايكونور الفضائية (Baykonur Cosmodrome) في كازاخستان، وأضاف السوفييت 5 وحدات بحثية بما في ذلك اثنتان شاركت الولايات المتحدة في تجهيزها بمعدات علمية.
وخلال 13 عامًا من خدمة البشرية، استضافت مير 125 رائد فضاء من 12 دولة، وخرجت في النهاية من مدارها عام 2001 بعدما شكلت تجربة مهمة استُفيد منها في أثناء بناء محطة الفضاء الدولية (2).
صورة للمحطة:
هنا
الانطلاق والعمل داخل المحطة:
استُخدمت في الرحلة المركبة Soyuz MT-3 وهي مركبة صُنِعت وصُمِمت بواسطة شركة RKK Energiya مع القدرة على حمل ثلاثة رواد فضاء ووزن إجمالي يزيد عن سبعة أطنان مترية، فقد بلغ طول المركبة 7 أمتار وتكونت من ثلاثة أقسام رئيسة: الوحدة المدارية ووحدة القيادة ووحدة الخدمة، إضافةً إلى مجموعتي طاقة شمسية لتوفير الطاقة للرحلة التي كان من المفترض أن تستغرق ما يقارب ال 50 ساعة (3).
وفي 22 يوليو 1987 انطلقت المركبة من قاعدة بايكونور الفضائية لتلتحم بالمحطة Mir، ففي البداية لم تظهر أي دلائل على وجود مشكلات قد تعيق ارتباط المركبة بالمحطة، لكن عند الوصول واجه الطاقم مشكلةً مع الفتحة الأمامية للمركبة التي كانت مغلقةً بإحكام مما اضطرهم إلى فتحها يدويًّا لتنجح عملية الالتحام، ودخل طاقمنا بعدها إلى المحطة ليكون بانتظارهم كل من رائدي الفضاء يوري رومانينكو (Yuriy Romanenko) وألكسندر لافيكين (Aleksandr Laveykin) اللذان كانا داخل المحطة لما يقارب ستة أشهر وليبدأ بعدها الرواد الخمسة بالقيام بعملهم (1).
هنا
أخذ فارس معه ترابًا من دمشق، وقمحًا سوريًا، ولوحًا اكتُشف في مدينة أوغاريت شمال غرب سورية، مكتوب عليه بأول أبجدية في العالم.
لقد عَملَ محمد فارس مع الرواد الآخرين على عديدٍ من التجارب، من أبرزها تجربة الفرات التي استُخدمت فيها الكاميرا الطبوغرافية للمحطة KATE-140 وذلك لدراسة الموارد الطبيعية والمناطق الزراعية، وقد كانت هذه التجربة منتظرةً بشدة في سورية، ففي أثناء مرور المحطة فوق البلاد التقط رواد الفضاء صورًا وأجروا مسحًا طيفيًّا يمكن أن تفيد بياناته في تحديد المناطق الزراعية في سورية على نحوٍ أكثر دقة، أما تجربة بصرى فكانت للحصول على معلومات جديدة عن العمليات الفيزيائية التي تحدث في الغلاف الأيوني العلوي للأرض، إضافةً إلى تجارب أخرى عمل عليها الطاقم مثل دراسة عمليات التبلور في حالة انعدام الوزن وتجارب طبية حيوية لدراسة الاستجابة البصرية في حالة انعدام الوزن، وتنقية عينات من الإنترفيرون ولقاح الانفلونزا (1).
العودة إلى الأرض:
في 29 يوليو وبعد الانتهاء من عملهم وتحميل بيانات التجارب ربطَ كل من ألكسندر فيكتورنيكو ومحمد
فارس وألكسندر لافيكين (الذي عاد بدلًا من الكسندروف بسبب الاشتباه بمشكلات صحية) أنفسهم بالمركبة الفضائية Soyuz TM-2 استعدادًا للعودة إلى الأرض، ونتيجةً للأحوال الجوية السيئة نُصح الرواد الثلاثة بتأخير انفصالهم مدارين آخرين، وبعد ثلاث ساعات من الموعد المقرر انفصلت المركبة عن المحطة لتعود للأرض، وفي الخامسة وأربع دقائق فجرًا بتوقيت موسكو هبطت الكبسولة بأمان على بعد 88 ميلًا شرقَ مدينة أركاليك في كازاخستان، فتوجهت المروحيات بسرعة إلى مكان الهبوط، ثم نُقل الرواد الثلاثة إلى محطة بايكونور الفضائية (1).
صورة عند الهبوط:
هنا
حصلَ فارس بعد عودته على عدة ألقاب وأوسمة منها لقب بطل الاتحاد السوفييتي، وسام بطل الجمهورية العربية السورية، وسام لينين، وسام الصداقة بين الشعوب، وسام المجد العسكري، وعُين مواطنًا فخريًّا في مدينة أركاليك في كازاخستان (1).
إن مركبة Soyuz MT-3 الفضائية موجودة اليوم خارجَ بانوراما حرب تشرين في دمشق محاطةً بغلاف زجاجي.
لقد توفي محمد فارس في 19 أبريل 2024 عن عمر يناهز الثانية والسبعين عامًا بعد صراع مع المرض.
هنا
المصادر:
2. Uri J. 35 years ago: Launch of Mir Space Station’s first module [Internet]. NASA; 2023 [cited 2024 Apr 25]. Available from: هنا
3. Soyuz-TM 3 [Internet]. NASA; [cited 2024 Apr 25]. Available from: هنا