مايكل أنجلو، أسطورة الحجر
التاريخ وعلم الآثار >>>> التاريخ
هو واحد من أكثر الفنانين المعروفين في العالم، كافح لسنوات لإكمال واحدة من أروع القطع الفنية. سنوات حياته الأولى شهدت كِفاحاً من قبله، ساهم في قولبة حياته وتوجيهَها لشكل ما،
تماماً كما لو أنه هو نفسه ينحت أحد تماثيله العظيمة.
في السادس من آذار عام 1475م في" كازينتينو، إيطاليا " وُلِد مايكل أنجلو. والده لوديفيكو دي ليوناردو بوناروتي – سيموني، وأمه فرانشيسكا دي نيري دي مينياتو ديل سيرا، أنجبت خمسة أولاد في ثمانية سنوات فقط، مما تسبب بوفاتها، بالنسبة لمايكل أنجلو أمه هي الخسارة التي تجسد كامل حياته. عندما كان طفلاً قامت ممرضة بإرضاعه بسبب سوء صحة والدته. أحبته واعتنت به ورعته ؛ هي زوجة لأحد الحجّارين تعيش في التلال الصخرية في بونتاسييفي . بدأت الأسطورة العظيمة من شفاه مايكل أنجلو عندما كان طفلاً، فيقال أنه بلع غبار الحجر مع حليب هذه المرأة، الأمر الذي قاده لعشق الحجر ونحته طوال حياته. كان عمره ستَ سنوات عندما توفيت والدته ومنذ تلك اللحظة عاش حياته في عزلة. أما والده كان مهموماً بالحزن والكآبة و لا قدرة له على رعاية الأطفال الذين تركتهم له فرانشيسكا. قامت عمة مايكل أنجلو "كساندرا "بالاهتمام بالمنزل والإعتناء باحتياجات الأولاد ولكن مع القليل من الحب والعاطفة. فعرضت جدتهم "أليساندرا" بعض المودة والعاطفة لهم، ولكنها لم تكفي مايكل أنجلو لمى الفراغ الذي كونه فقدان والدته.
عندما أصبح في الثالثة عشرة من عمره أرسله والده إلى مدرسة في المدينة تحت رعاية فرانشيسكو دا أوربينو، ولكنه أهمل كل دراسته واهتم بالرسم، وعلى الرغم من أن والده وعمه حاولا بشدة التغلب على الميول الفني داخل هذا الطفل لكنهما لم ينجحا اطلاقاً، و في النهاية استسلما إلى رغبة و ميول مايكل أنجلو وقاما بدعم إنجازاته الفنية.
في ذات السنة ساقته الأقدار للتعرف على أعظم فناني عصور النهضة، عندما دخل مرسم الشقيقين دومنيكو (1449 – 1494م) و ديفيد جيرلاندايو (1452–1525) فقد كان هناك نخبة المجتمع الثقافي في فلورنسا ، وهناك تعلم أكثر التقنيات تطورا في ذاك العصر، ليدرس أعمال عمالقة ذاك العصر كـ جيتو(1266 – 1337م)، دوناتيلو (1386 – 1466م)، جيبرتي (1378 – 1455م)، وغيرهم من الآباء المؤسسين لعصر النهضة في أوروبا.
والتحق بمدرسة النحت التي أسسها دوناتيلو، ليدرس تحت إشراف بيرتولدي ذائع الصيت، وكان ذلك سنة 1489م ليلفت أنظار النحات العظيم لورنزو دي ميديتشي (1449 –1492م) بهوسه الملحوظ بالنحت. كان لهذه الخطوة الوقع الأكبر في حياة مايكل أنجلو، إذ ستغدو أيام عمره اعتبارا من الآن سلسلة من التعليم الغير منتهية . ليس التعليم الفني فحسب وإنما أيضا التعليم الفلسفي والتنوير الذاتي، فقد حضر مجموعة من النقاشات الفلسفية حول نظرية الوجود والإنسانية في مرسم لورنزو، كما درس التشريح البشري، حيث كان يتسلسل خلسةً إلى مشرحة كنيسة كانت تُشرَح فيها الجثث قبل الدفن، لقد كان لديه براعة لا مثيل لها في إعادة كل مكون من مكونات الجثث إلى مكانها دون ترك أي أثر.
وطنيته الصادقة وتحمسه لأرضه توسكان كانت واضحة ، إذ شارك في العديد من الثورات والحركات التي شهدتها المدينة، وبسبب مواقفه تحمّل الكثير من الأذى الذي لاقاه من الكنيسة الأرثدوكسية التي حاسبته على ولائه لميديتشي أستاذه ولمدينته أيضا، فأصبح بذلك محط سخط البابوات، وفي نفس الوقت محط إعجاب الرجال والنساء في المدينة.
ومما يذكر أيضا في سيرة مايكل أنجلو، أنه كان انطوائيا بالرغم من تواجد أصدقاء مخلصين حوله ،إذ كان من النوع الذي لا يفضل أن يخوض في النقاشات مع أي أحد ونادراً ما يتحدث عن أموره الشخصية بعمق، انطوائيته هذه جعلته وحيداً في كثير من تفاصيل حياته.
أعماله التي لا حصر لها جعلت منه الفنان الأعظم على مرِّ العصور حسب رأي العديد من المؤرخين والمتخصصين، فقد كان رساماً وفناناً ومهندساً معمارياً وشاعراً، ولعل أكثر ما يشدّك إلى فنه لوحته "الاستثنائية" على سقف وجدار مذبح كنيسة سيستين التي رُسمت بين عامي( 1508 و 1512م) ، هذه اللوحة تعد رمزا فنيا خالدا على مر العصور.
ومن بين منحوتاته الحجرية المهمة أيضا؛ "ديفيد العظيم "أو "العملاق" نحتها بين عامي(1501 و 1504م) ولقد وأولاها مايكل أنجلو اهتماما بالغا، فهي في نفس الوقت المعروفة به والمعروف بها.
الثامن عشر من شباط سنة 1564 م ، كان يوما مأساوياً في كل إيطاليا،حيث فقدت إيطاليا أنجب أبنائها...مايكل أنجلو
أبرز من نشر الفكر النهضوي وترك بصمته على الفن والعلم،بِرؤى أصبحت منارة علمية ذات قيمة إنسانية عالية، وإلهام وخيال وضعا إيطاليا كأفضل بوابة للفن والعمارة في كل القارة الأوروبية ولكن أعماله ستبقيه حيّاً في عالم الفن حتى يأتي من يكرر ذاك النجاح الفني والإبداع الذي تركه مايكل أنجلو .
المصدر :
هنا