هل الإنسان عنصري بالفطرة؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
هكذا هو عقل الإنسان، منذ وعيه يعتاد تصنيف الأشياء والأشخاص من حوله ليسهل عليه التعامل مع محيطه، والمسؤول عن ذلك بدقة هي اللوزة الدماغية (Amygdala) التي تشكل جزءًا من الجهاز الحوفي المسؤول عن تنظيم استجاباتنا السلوكية والعاطفية (1).
أما العنصرية فتُعرّف بأنّها ممارسات تتسم بعدم المساواة والعدالة، عن طريق تمييز فئة من الأشخاص على حساب فئة أخرى فقط لاختلافهم عنهم، وهذه الممارسات قد تكون بفعل أو لفظ أو حتى من خلال قوانين أو أنظمة (عنصرية هيكلية) (2).
وتتكون فكرة التمييز من عدة عناصر في الدماغ بدءًا باللوزة الدماغية؛ التي عندما تنظر إلى فرد على أنّه خارج المجموعة (Out-Group) تعطي إشارات على أنّه مصدرُ تهديد أو خطر لنا، وبالعكس تخبرنا دائمًا أنّ الأشخاص من داخل المجموعة (In-Group) هم أشخاص موثوقون، وربما يأتي هذا من تاريخ المجتمعات البشرية كوسيلة لحماية نفسها من التهديدات (1).
ولكن ليست اللوزة الدماغية اللاعبَ الوحيد هنا، وإلّا كان البشرُ جميعهم عنصريين.
لحسن الحظ؛ تهدّئ القشرة الجبهية (Prefrontal Cortex) روعَ اللوزة الدماغية، بما يسمى عملية إعادة التقييم المعرفي (Cognitive reappraisal)، وهي عملية التفكير العقلاني تجاه المعطيات والمواقف، التي تمكّننا من التحكم أكثر بالمشاعر والانفعالات (1).
وإذا أردنا دراسة الأسباب النفسية لظاهرة العنصرية، فيمكن تلخيصها فيما يأتي:
1. الشعور بالخوف والقلق:
يمكن أن تنشأ السلوكيات العنصرية نتيجةً للخوف أو القلق من التهديدات المُتصوَّرة من مجموعات عرقية أخرى، وغالبًا ما يكون هذا الخوف ناتجًا عن الصور النمطية والروايات السائدة في المجتمع (3).
2. الغضب والعداء:
يُظهِر بعضُ الأشخاص سلوكيات عنصرية نتيجة الغضب أو العداء، وقد تستهدف مجموعات عرقية معينة بسبب تجارب شخصية أو تأثيرات اجتماعية يُعتقَد أنها موجودة (4).
3. عجز التعاطف:
عادةً ما يرتبط الانخراط في سلوكيات عنصرية بنقص التعاطف تجاه المجموعة المستهدفة؛ إذ يفشل الجاني في إدراك الإنسانية المشتركة مع الآخرين (5).
4. التعزيز الاجتماعي والثقافي:
قد يشعر الأفراد بالانتماء أو القبول داخل المجموعات التي تشترك في تحيّزات مماثلة، مما قد يؤدي إلى تعزيز السلوكيات العنصرية تجاه المجموعات الأخرى (6).
وعلى الرغم من آثارها الخطيرة في المجتمع لما يعانيه الأشخاص من آثار صحيّة جسدية ونفسية، ووأد المواهب والإمكانيات غير المكتشفة (7)؛ ولكن غالبًا ما يتجنب الناس الحديث عن هذا الموضوع خصوصًا أمام أطفالهم، وذلك لأسباب تختلف من مجتمع إلى آخر، ولكن غالبًا حرصًا على أطفالهم ألّا يصبحوا أشخاصًا عنصريين بدورهم (8).
ربما كان تمييز الغرباء غريزة منذ الصغر لحماية أنفسنا، لكنّ الأطفال لا يمارسون العنصرية مطلقًا! ولذلك يجب تعليمهم أنّ الاختلاف موجود، لكنّه ليس بالضرورة خطرًا، بل على العكس هو ما يجعل كوكبنا مزدهرًا بالألوان والتفاصيل الجميلة، ويجب علينا جميعًا تقديره والاحتفال به، عندها بالتأكيد سنشهد فجر يومٍ نعيش فيه بعالمٍ خالٍ من سواد العنصرية (1).
المصادر:
2- Kaufman، J. D.، & Hajat، A. (2021). Confronting Environmental Racism. Environmental health perspectives، 129(5)، 51001. هنا
3- Melson‐Silimon، A.، Spivey، B. N.، & Skinner‐Dorkenoo، A. L. (2023). The construction of racial stereotypes and how they serve as racial propaganda. Social and Personality Psychology Compass، 18(1). هنا
4- Leitner JB، Hehman E، Ayduk Ö، Mendoza-Denton R. Racial bias is associated with ingroup bias، empathy deficits، and aggression. Nature Human Behaviour. 2017;1(2):101-107. Available from: هنا
5- Goff PA، Eberhardt JL، Williams MJ، Jackson MC. Not yet human: Implicit knowledge، historical dehumanization، and contemporary consequences. Journal of Personality and Social Psychology. 2008;94(2):292-306. Available from: هنا
6- Dovidio JF، Gaertner SL. Aversive racism and selection decisions: 1989 and 1999. Psychological Science. 2000;11(4):315-319. Available from: هنا
7- Stanley، J.، Harris، R.، Cormack، D. et al. The impact of racism on the future health of adults: protocol for a prospective cohort study. BMC Public Health 19، 346 (2019). هنا
8- Wu، D.، Sánchez، S.، & Perry، S. (2022). "Will talking about race make my child racist?" dispelling myths to encourage honest white U.S. parent-child conversations about race and racism. Current opinion in psychology، 47، 101420. هنا