لماذا ندمنُ جميعاً رسائل الجوال وتغريدات تويتر وغوغل؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
الدوبامين المدانُ الوحيد في هذا:
اكتشف كلٌّ من ( Arvid Carlsson) و ( Nils-Ake Hillarp ) الدوبامين عام 1958 في معهد the National Heart في السويد. ويُوجد الدوبامين في أجزاءٍ مختلفةٍ من الدماغ وهو ضروريٌّ في جميع أنواع الوظائف الدماغية بما فيها التفكير والتّحرّك والنوم والمزاج (الحالة النفسية) والانتباه والتحفيز والإثارة والبحث والرغبة والمكافأة.
المتعة مقارنةً بالسعيّ لتحقيقها:
ربما تعرف أنّ الدوبامين يتحكّم بنظام الّلذة والمتعة في الدماغ ; أيّ يجعلك تشعر باللذة والمتعة وبالتالي يُحفزّك للبحث عن سلوكٍ محدّدٍ يجلب لك هذه المتعة كالطعام والجنس والمخدرات. إلاّ أنّ بحثاً جديداً قد غيّر هذه الرؤية. فقد وجد هذا البحث أنّ الدوبامين لا يُشعرك باللّذة بل يدفعك إلى البحث عن السلوك الذي يسببها. حيث يدفعك الدوبامين لترغب وتحبّ وتريد وتبحث. إنّه يزيد من مستوى إثارتك العام وسلوكك نحو الهدف؛ وهذا ضروريٌّ من وجهة النظر التّطورية. فنظام السّعي الخاص بالدوبامين يبقيك متحفزاً للتقدّم في عالمك والتعلّم والبقاء على قيد الحياة. ولا يقتصر هذا السعي على الحاجات الجسدية كالطعام والجنس وإنّما يتعداه إلى المفاهيم التجريدية. فيجعلك الدوبامين فضولياً للأفكار ويشحذ عزيمتك للبحث عن المعلومات. ويظهر هذا البحث أن النظام الأفيوني المنفصل عن الدوبامين هو المسؤول عن شعورنا هذا باللذّة.
رغبتنا بالشيء مقارنةً بحبّنا له:
تبعاً للباحث Kent Berridge فإنّ هذين النظامين: إرادة الشيء (الدوبامين) وحبّه ( الأفيون) متكاملان. حيث يدفعك نظام الرغبة والإرادة لتفعل ويجعلك نظام المحبة تشعر بالرضا فتتوقف عن سعيك وبحثك. ولكن إن لم يتوقف بحثك وسعيك هذا خلف اللذة ستبدأ بالدوران في حلقةٍ لا متناهية. ونظام الدوبامين أقوى من النظام الأفيوني. فأنت تميل للبحث عن الشعور بالرضا أكثر من الرضا في حدّ ذاته. وبذلك نعود إلى وجهة النظر التطورية فسعيك هو من يبقيك حياً لا جلوسك في حالة غيبوبةٍ من الرضا.
حلقات الدوبامين:
بوجود الانترنت وتويتر والرسائل الخليوية في هذه الأيام أنت تمتلك حالةً من الإشباع الفوري لرغبتك في البحث. أترغب في محادثة شخصٍ ما؟ أرسل إليه رسالة وسيجيبك في ثوانٍ. أترغب في البحث عن بعض المعلومات؟ اكتب طلبك في صندوق بحث غوغل. أتريد أن تعرف ما يستطيع زملاؤك عمله ؟ تصفّح موقع (لينكد-إن). إذاً من السهل أن تدخل حلقة الدوبامين المفرغة. حيث يبدأ عمل الدوبامين بالبحث ليصل إلى المكافأة على البحث والتي تجعلك في دورها تبحث عن المزيد؛ فيصبح توقفك عن تفحّص البريد الالكتروني أو رسائل الخليوي، لترى إن كان ثمة رسالة جديدة، صعباً أكثر فأكثر.
يُظهر مسح الدماغ أنّ الدماغ يكون أكثر نشاطاً عندما نتوقع حصولنا على مكافأةٍ أكثر مما يكون عليه عندما نحصل عليها. وأظهر البحث على الجرذان أنّه بعد تدمير عصبونات الدوبامين لديها تبقى قادرة على المشي والمضغ والبلع ولكنها تموتُ جوعاً على الّرغم من وجود الطعام بجانبها، لأنّها فقدت الرغبة في تناوله أو توقع الحصول عليه. ويشمل هذا الرغبة والسعي؛ فقد أظهر البحث أنّ نظام الدوبامين لا يمكن أن يصل إلى حالة الإشباع الذاتيّ. فمن المحتمل أن يبقى نظام الدوبامين يطالبك بالمزيد فتستمر في البحث حتى وإن حصلت على ما تُريده من معلوماتٍ. فكم مرّة استمريت في البحث عن شيءٍ في غوغل على الرغم من حصولك على الإجابة، بحثاً عن معلوماتٍ أكثر؟
المفاجأة هي المفتاح:
يُثار نظام الدوبامين بالأمور غير المتوقعة. فنحن لا نعرف متى أومِن مَن سيصلنا بريدٌ الكترونيٌّ جديدٌ أو تغريدةٌ على تويتر أو رسالةٌ خليويّة فهذا غير متوقع؛ وهذا تماماً ما يُحفز نظام الدوبامين.
الإشارات البافلوفية:
نظام الدوبامين حساسٌ للإشارات التي تُنبّه بقدوم المكافأة. فإذا كان هناك إشارةٌ صغيرة تُفيد بأنّ شيئاً ما سيحدث، فإنّ هذه الإشارة تستثير نظام الدوبامين لدينا. ويزيد وجودُ إشارةٍ مرئيةٍ أو صوتٍ يُنبّه لقدوم رسالةٍ أو بريد الكتروني هذا التأثير الإدماني.
الرسائل التي لا تتجاوز المئة والأربعين حرفاً هي الجرعة المسببة للإدمان:
حيث يتحفز نظام الدوبامين بقوة عندما تكون المعلومات الواردة قليلة أو لا تعطي شعوراً كاملاً بالرضا. فرسالةٌ قصيرة أو تغريدة على تويتر لا تتجاوز المئة والأربعين حرفاً قادرةٌ على أن تُشعل وتُثير نظام الدوبامين لديك.
لكلّ شيءٍ ثمن:
فهذه الإثارة الدائمة لنظام الدوبامين يمكن أن تكون مُرهقة؛ وهذا التشتيت والتحويل الدائم للانتباه يجعل انجاز أي شيء أمراً صعباً.
هل تستطيع فعل شيء ما للخروج من حلقة الدوبامين هذه؟ أو أن تمنع دخولك إليها من البداية؟
تعطيل الإشارات المحرّضة:
إنه أهم أمرٍ تستطيع القيام به لتمنع أو توقف حلقة الدوبامين وتصبح أكثر انتاجاً هو أن تضبط اعدادات هاتفك الخلوي وحاسوبك المحمول أو المكتبي أو اللوحي بحيث لا تتلقى الإشعارات بشكلٍ آليّ. حيث تُعتبر هذه الاشعارات الآلية خاصةً رائعة للحواسيب والبرمجيات والتطبيقات، إلاّ أنّها تجعلُ منك فأراً يدورُ في قفص. فإذا أردت أن تنجز عملك أنت في حاجةٍ لأن تُعطّل هذه الإشارات الصوتيّة والمرئيّة قدر المستطاع. وهذه أفضل طريقة لتحطيم حلقات الدوبامين لديك أو منع تكونها من البداية.
ما رأيك الآن؟ كيف ستتعامل مع حلقات الدوبامين؟ هل أنت عازم على تعطيل إشاراتك؟
المصدر:
هنا