اكتشاف فيروس الإيدز مجدّداً في طفلة الميسيسيبي بعد شفائها
الطب >>>> مقالات طبية
في مؤتمر صحفي من قبل المعاهد الوطنية للصحة، أوضح الأطباء أنه قد تم إيقاف الأدوية للطفلة لأكثر من عامين وعلى ما يبدو أنها بقيت خالية من فيروس الإيدز تماماً خلال هذه الفترة. وقد تم تتبع صحتها بعناية من خلال زيارات منتظمة للعيادة كل ستة إلى ثمانية أسابيع، لكن في الأسبوع الماضي كشفت الاختبارات خلال الفحص الروتيني أن الطفلة قد ارتفع لديها مستوى الفيروس وكذلك انخفضت مستويات الكريات البيض اللمفاوية التائية المساعدة (CD4)*، وذلك بعد أن تم إيقاف معالجتها بمزيج الأدوية القوي ضد الإيدز لمدة 27 شهراً مضى.
حالما تم تأكيد نتائج الاختبار الجديد تم وضع الطفلة فوراً على المعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية*، و هناك بالفعل دلائل سريرية على أن هذه الأدوية تخفض الحمل الفيروسي مرة أخرى. ويقول أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية و الأمراض الإنتانية: "إن النتيجة السريرية المخيبة للأمل هي صدمة كبيرة للطفلة وعائلتها والمجتمع العلمي". قبل زيارة الأسبوع الماضي لم يكن هناك أي مؤشر على ارتفاع الحمل الفيروسي من جديد لدى الطفلة، وفي الاختبار السابق في نيسان تم العثور على أقل من نسخة واحدة للفيروس في دمها.
أم الطفلة لم تتلق الأدوية المضادة للفيروس أثناء فترة الحمل (تقوم هذه المعالجة الوقائية على منع انتقال العدوى للجنين) (معظم النساء الحوامل و المصابات بفيروس الإيدز في الولايات المتحدة تحصل على مثل هذه المعالجة الآن). طبيبة الطفلة بدأت بعلاج الطفلة بعد 30 ساعة من الولادة (حتى قبل أن يتم تأكيد نتائج الاختبار أنها مصابة فعلاً بالفيروس) بنظام فتاك من مزيج لثلاث أدوية مضادة للفيروسات القهقرية. المعالجة كانت قوية على غير المعتاد بالنسبة لطفل حديث الولادة.
الطفلة عولجت لمدة 18 شهرا قبل أن توقف عائلتها الدواء فجأة. ولسبب غير مفهوم، وبعد حوالي 10 أشهر، أكد الأطباء عدم وجود أثر للفيروس عند الطفلة وهي الآن بعمر يقارب الأربع سنوات، فعلى ما يبدو أن الفيروس قد بقي خاملا حتى بدون تناول الأدوية إلى الآن.
وبناءً على هذا النجاح الواضح في ولاية ميسيسبي، وضع الباحثون خططاً لتكرار المعالجة على أطفال آخرين حديثي الولادة مصابين بفيروس الإيدز على أمل أنها يمكن أن تجنبهم المعالجة طوال الحياة. معاهد الصحة الوطنية لديها خطط وشيكة لإطلاق دراسة عالمية جديدة تهدف لاختيار 54 مولود مصابين بفيروس الإيدز وعلاجهم بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية وتبدأ هذه المعالجة بعد الولادة بعدة ساعات فقط. ثم إذا انخفضت كمية الفيروسات بنجاح لدى الأطفال بعد حوالي سنتين، يتم ايقاف المعالجة الدوائية وتتم مراقبتهم بعناية لكشف أي ارتفاع في الحمل الفيروسي، وهو شيء يحدث عادة عندما يوقف مرضى الإيدز أدويتهم. ويقول فوسي "هذه الدراسة لا تزال قيد التجربة، لكننا الآن نلقي نظرة أقرب عليها". لم يتم حتى الآن تسجيل أي مريض في التجربة، والباحثون سيعدلون الموافقة المسبقة لتتضمن هذا الاكتشاف الجديد. ويضيف "سننظر لهذه الدراسة بشكل أقوى وافضل لمعرفة ما إذا كانت تحتاج بعض التعديلات". إذا توقف الأطباء عن علاج المرضى من تلقاء أنفسهم ليروا إذا ما بقيت كمية الفيروسات منخفضة، سيكون هذا غير أخلاقي، لكن في سياق التجربة السريرية ستتم مراقبته بعناية.
حالياً، لا توجد مبادئ توجيهية حول الكيفية التي ينبغي بها معالجة حديثي الولادة المصابين بفيروس الإيدز سواء بالعلاج الدوائي المبكر الفتاك أو بالعلاج الوقائي. و تهدف الدراسة للمساعدة في الإجابة على هذا السؤال.
انحلال الخيوط المعقدة حول المستودع الفيروسي وكيف تمكن الفيروس من استمرار وجوده في الطفلة في حاجة لاكتشافها، يقول فوسي. هذه النكسة أثارت أسئلة كبيرة: أين تمكن الفيروس من الاختباء في الجسم؟ هل تجمعت أشلاء الفيروس بطريقة ما ليتحول إلى فيروس كامل و ناسخ؟ انتكاس الاطفال المصابين بالإيدز سيقوم على الأقل بإسكات المشككين في المجتمع الطبي الذين سألوا إذا ما كان المولود قد أصيب بالإيدز من قبل بالمقام الأول. "نحن لا نزال إلى حد كبير في مرحلة الاكتشاف المبكر في المحاولة لتحقيق تهدئة فيروسية مستمرة أو حتى ربما علاج" يقول فوسي. ومن المقرر أن تبقى "طفلة المسيسبي" على الأدوية المضادة للفيروسات في المستقبل المنظور، لكن فوسي يضيف أن بحثاً جديداً في السنوات القادمة سيغير بكل أمل هذا المسار.
* عند جميع مرضى الإيدز، تجرى اختبارات لتحري فعالية العلاج ومسار المرض بشكل دوري وهما اختباران، الحمل الفيروسي الذي يقوم على تحديد وكشف كميات الفيروس لدى المريض، والاختبار الثاني هو تعداد الكريات البيض اللمفاوية من النمط CD4 التي يستهدفها فيروس الإيدز.
* مضادات الفيروسات القهقرية، antiretroviral medication. (فيروس الإيدز من نوع الفيروسات القهقرية).
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا