كومبيوتر يتجاوز اختبار تيورينغ
المعلوماتية >>>> عام
تم اجتياز هذا الاختبار الشهير للمرة الأولى منذ إنشائه قبل 65 عامًا بواسطة برنامجٍ حاسوبي يدعى «يوجين غوستمان» مثبتٍ على حاسوب فائق (supercomputer)، وذلك خلال اختبار تيورينغ 2014 الذي عُقد يوم السبت في الجمعية الملكية الشهيرة في لندن.
تمّ تطوير يوجين، والذي هو عبارةٌ عن برنامجٍ حاسوبي يحاكي صبيًا بعمر الـ13 عامًا في ساينت بيترسبرغ في روسيا.
يتكون الفريق المطوّر من مهندسي الحاسوب «فلاديمير فيسيلوف» من روسيا، وهو الذي أنشأ يوجين، ويعيش الآن في الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى «يوجين ديمشينكو»، والذي يعيش في روسيا حاليًا.
يستند اختبار تيورينغ على لعبة السؤال- جواب الشهيرة المطورة من قبل عالم الرياضيات ومفكك- الشفرات المعروف في القرن العشرين آلان تيورنغ عام 1950 والتي أطلق عليها: «هل يمكن للآلة أن تفكّر؟».
يبحث هذا الاختبار فيما إذا كان باستطاعة الناس تمييز من يتحدثون إليه، أي هل هو انسانٌ أم آلة.
هذا الحدث مؤثرٌ بشكلٍ خاص باعتباره الذكرى الـ60 لوفاة تيورينغ، بعد نحو ستة أشهر من منحه العفو الملكي من إدانته عام 1952 بـ «الفحش الجسدي» والتي كانت تعتبر تهمةٌ جنائيةٌ في ذلك الوقت، ما يعرف الآن بالمثلية الجنسية.
إذا اعتقدت لجنة الحكّام بأنّ الشيء (البرنامج الحاسوبي) الذين يتحدثون إليه على الطرف الآخر هو إنسان بأكثر من 30% من الوقت، وذلك من خلال سلسلة من المحادثات المفتوحة عبر لوحة المفاتيح، فإنّه ينجح بالاختبار. في الواقع، لم يتمكن أيّ برنامجٍ حاسوبي من تحقيق هذه النسبة من قبل. فقد تمكّن يوجين من إقناع 33% من لجنة الحكّام أنّه صبيٌّ أوكراني يعيش في مدينة أوديسا يدعى يوجين غوستمان وعمره 13 عامًا، يتكلم الإنجليزية كلغة ثانية، يحب أكل الهامبرغر والحلوى، ووالده يعمل كطبيبٍ نسائي.
وقد تمّ تنظيم هذا الحدث التاريخي من قبل كليّة الجامعة لهندسة الأنظمة بالتعاون مع منظمة "RoboLaw" المموّلة من الاتحاد الأوروبي، والتي تُعنى بتنظيم التقنيات الروبوتية الناشئة.
وقال الأستاذ «كيفين وارويك»، أستاذٌ زائر في جامعة ريدنغ ونائب مدير الجامعة للأبحاث في جامعة كوفنتري:
’’في مجال الذكاء الاصطناعي، ليس هنالك حدثٌ أشهر وأكثر إثارةٍ للجدل من اختبار تيورينغ، فعندما يقنع حاسوبٌ عددًا كافيًا من لجنة الحكّام الذين يستجوبونه بأنّه ليس آلةً وإنما انسان. من الملائم أنّه تم التوصل إلى نقطة التحول الهامة هذه في الجمعية الملكية في لندن، موطن العلوم البريطانية ومسرح العديد من التطورات في فهم الانسان على مر العصور. هذا الحدث سيسجل في التاريخ كواحدٍ من أكثر الأمور إثارةً."
وقد كان اختبار تيورينغ نقطة خلافٍ بين الباحثين، إذ اعتقد البعض أنّه ليس طريقةً صالحة لتحديد ما إذا كان بمقدور الحاسب على التفكير. وقد قام الأستاذ وارويك بالرّد على هذه الادعاءات وأوضح أنّ هذا الإصدار من الاختبار بالغ القوة، قائلًا:
’’سيدّعي البعض أنّ هذا الاختبار قد تمّ اجتيازه قبلًا. تمّ تطبيق عبارة اختبار تيورينغ على مسابقاتٍ مماثلة في جميع أنخاء العالم. على الرغم من ذلك، فإنّ هذا الحدث تضمّن اختبارات المقارنة الأكثر تزامنًا من أيّ وقتٍ مضى، وقد تمّ التحقق من صحتها بشكلٍ مستقلٍ، والأهم من ذلك كله، كانت المحادثات غير مقيدةٍ بأي ضوابط. فاختبار تيورينغ الصحيح لا يتمّ فيه تعيين أسئلةٍ أو مواضيع قبيل انعقاد المحادثات.’’
’’بالطبع، فإنّ للاختبار انعكاساتٌ على المجتمع اليوم. وجود حاسوبٍ يمكنه خداع الناس بأنّ شخصًا أو حتى شيئًا ما أنه شخصٌ نثق به هو تحذيرٌ كدعوةٍ للاستيقاظ لجرائم الإنترنت. يعدّ اختبار تيورينغ أداةً حيوية لمكافحة هذا التهديد. من المهم أن ندرك بشكلٍ أكبر كيف أنّ التواجد على شبكة الإنترنت والتواصل في الوقت الحقيقي في مثل هذا النوع يمكن أن يؤثر على شخصٍ ما بطريقةٍ يتم خداعه ليصدق بأنّ شيئًا ما صحيح، في حين أنّه ليس كذلك أبدًا.’’
يوجين واحد من خمسة أجهزةٍ حاسوبيةٍ فائقة تتنافس للفوز بجائزة اختبار تيورينغ 2014. وقد قال «فلاديمير فيسيلوف» في هذه المناسبة:
’’ولد يوجين عام 2001، وكانت فكرتنا الأساسية أنّه يستطيع الادعاء بمعرفة أيّ شيء، لكنّ عمره يجعل من المعقول تمامًا بأنّه لا يعرف كل شيء. لقد قضينا وقتًا طويلًا في تطوير شخصيةٍ تتسم بالإقناع والتصديق. في هذه السنة قمنا بتطوير «متحكم الحوار» الذي يجعل المحادثات أقرب بكثير بمحادثات البشر بالمقارنة مع البرامج التي تجيب على الأسئلة فقط. للمضي قدمًا، نخطط بجعل يوجين أكثر ذكاءً ونواصل العمل على تطوير ما نطلق عليه «منطق الحديث».’’
ثمّ اختتم الأستاذ وارويك هذا الحدث قائلًا:
’’قبل أن يتوفى ألان تيورينغ في 7 يونيو عام 1954 بفترةٍ قصيرة، توقع بنفسه وهو عضوٌ في الجمعية الملكية أنّ هذا الاختبار سيتم اجتيازه في الوقت المناسب. من الصعب أن تتصور أنّه استطاع تخيل ما قد ستؤول إليه أجهزة الحواسيب والشبكات التي تربط بينها في عصرنا هذا.’’
مما يجدر به الذكر أنّ يوجين قد شارك باختبار تيورينغ عام 2012 وحصل على المرتبة الأولى بالرغم من أنّه قد خدع 29% من لجنة الحكّام فقط.
هل يجب أن نشعر بالقلق فعلًا بعد نقطة التحول الهامة في عصر التقانة والذكاء الصنعي وما قد ينتظرنا من مستقبلٍ غامض؟ أم أنّه ليس هناك أيّ داعٍ للقلق، خاصةً أنّ يوجين قد نجح بنسبة 33% فقط؟ ربما يمكنكم ضمان أنّ الروبوتات لن تحتال على البشرية وتقوم بأي انقلابٍ في الوقت القريب.
إذا أردت التأكد من صحة هذا الأمر ومحادثة أول برنامجٍ حاسوبي قادرٍ على التفكير، يمكنك التحدث إليه من هنا. فقط كن صبورًا، فإنّ يوجين تصله العديد من طلبات المحادثة الآن.
هذا هو الرابط
هنا
ٍ
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا