المعالجة بالتنويم الإيحائي Hypnotherapy
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
لو سألنا الذين يقودون السيارة منكم، هل مررتم يوماً بالحالة التي تدركون فيها فجأة أنكم قد انغمستم بالتفكير و لم تركزوا كلّياً على الطريق في الأميال الأخيرة؟ لحسن الحظ في هذا الوضع فإن العقل اللاواعي يستلم مهمّة القيادة بينما تقومون بهدوء بالتركيز على تجاربكم الداخلية.
إن عملية التنويم الإيحائي السريري أو العلاجي Clinical hypnotherapy تعمل بالطريقة ذاتها! فأنت تصبح أكثر استرخاءً في العمق عبر التركيز، و يحضُر عقلك اللاواعي إلى المقدمة، مما يمكّن المعالج من التخاطب معكَ مباشرة.
تتم العملية عادةً عبر مساعدة معالِجٍ باستخدام التكرار اللفظي والصور الذهنية. عندما تخضع للتنويم تشعر عادةً بأنك هادئٌ ومسترخٍ، وتكون أكثر تقبّلاً للاقتراحات.
يمكن استخدام التنويم الإيحائي لمساعدتك في التحكم بتصرفاتك غير المرغوبة أو لمساعدتك في التعامل بشكل أفضل مع القلق أو الألم. من المهمّ أن تعرف أنّك وبالرغم من أنك ستصبح اكثر تقبلاً للاقتراحات أو الإيحاءات اللفظية خلال التنويم، إلا أنّك لن تفقد التحكم في تصرفاتك، بل وبشكل عام سوف تدرك و تتذكر ما يحدث خلال التنويم.
الكلمة "Hypnosis" لها أصول يونانية بمعنى النوم، وقد تعرّف الإنسان على هذه الظاهرة واستخدمها منذ آلاف السنين (حيث عثر على مصادر تاريخية مكتوبة تدل على استخدامه عند المصريين القدماء والإغريق والهنود*)، ولكنّ تطبيق طريقة التنويم واستكشافها بشكل علمي تم لأول مرة في القرن الثامن عشر من قبل الطبيب النمساوي فرانز ميسمر Franz Mesmer، وحازت على قبول واسع في خمسينيات القرن العشرين. واليوم يستخدم التنويم لعلاج الاكتئاب و العديد من المشاكل الأخرى.
كيف يعمل العلاج بالتنويم ومتى بدأ استخدامه؟
في العلاج عبر التنويم ، يقوم المعالج بوضع المريض في حالةٍ ذهنيةٍ تُدعى الغشي. يكون الشخص في هذه الحالة قادراً على أن يكون أكثر تركيزاً على موضوعٍ معيّنٍ وأكثر تقبّلاً للاقتراحات. وكما ذكرنا فإنّ المريض الذي يخضع للعلاج بالتنويم لا يفقد إرداته الحرة أو تحكّمه بنفسه بل بالأحرى قد يتعلم كيف يتحكم بحالة وعيه بشكل أفضل.
تستغرق الجلسة عادةً حوالي السّاعة (ولكن ليس بالضرورة؛ فبعضها يستغرق ربعَ أو نصفَ ساعةٍ لا أكثر). يقوم معالِجٌ متدرّبٌ باستخدام تقنياتٍ متنوعةٍ للاسترخاء لقيادة المريض الى حالة التنويم. في هذه الحالة، لا يزال المريض واعياً. لكنَّ الجسد يصبح أكثر استرخاءً والدماغ أكثر استجابةً للإيحاءات اللفظية من المعالج.
وتعتمد هذه الإيحاءات أو الاقتراحات على الحالة أو التصرف المطلوب علاجه. يمكن استخدام التنويم لعلاج العادات غير الصحية أو غير المرغوبة، واستبدالها بعادات أكثر صحية (مثال، التدخين أو إدمان العقاقير أو الإفراط بشرب الكحول). قد يتضمن هذا القدرة الأفضل على التحكم بالألم أو القلق أو تعديل الأفكار السلبية التي تسبّب الاكتئاب.
إيجابيات العلاج بالتنويم :
يمكن تطبيق التنويم لتحسين العديد من الحالات، من الاكتئاب إلى القلق والتوتر والأرق واضطراب متلازمة ما بعد الصدمة PTSD، وكذلك حالات الخوف المرضي (الفوبيا). ويمكن أن يفيد أحياناً في تخفيف الألم بدون أدوية (كما عند الخضوع لعمليات جراحية بسيطة أو عند طبيب الأسنان أو آلام المخاض وغيرها) ويعتبر العلاج بالتنويم إحدى طرق العلاج الآمنة عموماً.
سلبيات العلاج بالتنويم:
علينا أن نتذكّر أن العلاج بالتنويم لا يطبّق إلا في حالاتٍ طبيّةٍ محددة، حيث أنّه لا يُغني تماماً عن العلاج بالأدوية والجراحة عندما تستدعي الحاجة. كما أنه لا ينجح عند كل المرضى بنفس الدرجة.
كذلك تملك هذه الطريقة بعض المخاطر، فلا يمكن تطبيقها في بعض الحالات مثل مرضى الصرع أو من يعانون من بعض الأمراض العقلية الشديدة وتحدث لديهم هلاوس وأوهام، حيث قد تسوء حالتهم أكثر عند خضوعهم للتنويم دون استشارة مسبقة من طبيبهم.
بعض التأثيرات الجانبية المحتملة للتنويم: احتمال تشكّل ذكريات مزيفة لدى المريض، الصداع، الدوار، القلق. بأيِّ حال، فإنّ هذه التأثيرات تزول بعد الجلسة بوقتٍ قصير.
وقد انتقينا لكم هذه الأمثلة لفيديوهات تبيّن كيفية تطبيق التنويم الإيحائي في علاج بعض الحالات:
المصادر: هنا
هنا
هنا
هنا
*التنويم المغناطيسي منذ أقدم العصور حتى الآن (تأليف: الدكتور روجنوف، الدكتورة روجنوفا. تعريب: د. نزار عيون السود).
مصدر الصورة: shutterstock