استكشاف أعماق الكواكب العملاقة
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
بالإضافة لذلك يستطيع الباحثون الآن قياس خصائص المواد التي أثرت على كيفية تطور هذه الكواكب بمرور الزمن مما يوفر لنا معلومات أساسية لفهم كيفية تشكل هذه الأجسام الضخمة. ركزت هذه الدراسة على عنصر الكربون الذي يعد رابع أكثر العناصر وفرة في الفضاء (طبعاً بعد الهيدروجين، الهيليوم و الاوكسجين) و الذي له دور هام في عدة انواع من الكواكب داخل المجموعة الشمسية و خارجها. وقد نشرت هذه الدراسة في شهر حزيران الماضي في مجلة Nature.
اجتمعت في مختبر لورانس ليفرمور الوطني فرق من جامعات عالمية مختلفة ( كاليفورنيا، بيركلي،برينستون) إضافة إلى مجموعة من فيزيائيي المختبر ، واستخداموا أضخم أجهزة الليزر في العالم لضغط عيّنات حتى خمسين مليون مرة من ضغط الغلاف الجوي للأرض، أي ما يماثل قيمة الضغط في مركز المشتري و زحل. تمكّن الباحثون من توظيف 176 شعاع ليزر _بمواصفات محددة _ لتشكيل موجة ضغط ليزرية تضغط المواد لفترة قصيرة من الزمن. أما عينة الماس التي طبق عليها هذا الضغط فقد تبخرت في اقل من جزء من عشرة مليار جزء من الثانية.
وبالرغم من أن الماس هو أقل المواد القابلة للانضغاط إلا أن الباحثين تمكنوا من ضغطه إلى كثافة غير مسبوقة بل و أكبر من كثافة الرصاص في الظروف المحيطة.
يقول راي سميث الفيزيائي في مختبر لورانس لايف مور والمؤلف الأساسي للبحث "إن التقنيات المستخدمة في هذه التجربة تزودنا بإمكانات جديدة لخلق ظروف مخبريّة تحاكي ظروف الضغط و الحرارة عميقاً في باطن الكواكب".
تم التوصل إلى مثل هذه الضغوط العالية سابقاً في الواقع عن طريق ما يعرف بأمواج الصدم، لكنها كانت تولد حرارة عالية جداً (مئات آلاف الدرجات المئوية و ربما أكثر) أي أعلى بكثير من الحرارة الداخلية الحقيقية للكواكب. إذ أنّ التحدي التقني يتمثّل بحفظ درجة الحرارة منخفضة بما فيه الكفاية لتكون قريبة من تلك التي على الكواكب. و لقد تحقق ذلك عن طريق الضبط الدقيق لمعدل تغير شدة شعاع الليزر مع الزمن.
و يقول الفيزيائي "ريب كولنز" من مختبر لايف مور أيضاً "إن الامكانيات الجديدة التي أتاحتها لنا هذه التجربة فرضت المزيد من القيود على نظريات فيزياء المادة الكثيفة ونماذج تطور الكواكب".
البيانات المقدمة في هذا البحث كانت من بين أول الاختبارات للتوقعات التي قدمها ميكانيك الكم منذ أكثر من 80 عاماً حول فيزياء المادة الكثيفة وهو الوصف الفيزيائي المستخدم لوصف خواص المواد في شروط مشابهة لقلب الكواكب الغازية العملاقة. وفي حين أنه من الجيد أن تجد تطابقاً بين البيانات الجديدة والنماذج النظرية فهناك أيضاً اختلافات مهمة تم اكتشافها تدل على خواص هامة محتملة للماس المضغوط حتى درجات عالية كما في التجربة. وستركز التجارب المستقبلية على هذه الخواص الهامّة الخفية.
المصدر: هنا
حقوق الصورة: Damien Jemison/LLNL