تحديد كيفية إزالة الخلايا الميتة من الجسم
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
من المعروف أن جسم الإنسان ينتج البلايين من الخلايا الميتة كل يوم، وهذه الخلايا يتم إزالتها عن طريق الخلايا المناعية المتخصصة في أغلب أنسجة الجسم، والتي تعمل على ابتلاع تلك الخلايا الميتة و تفككها، وعندما لا تقوم الخلايا المذكورة بعملها، فإنَّ الخلايا الميتة والفضلات التي ينتجها الجسم سوف تجتمع مع بعضها، وتتكوَّم لتدمر الأنسجة السليمة، وتسبب أمراض مناعة ذاتية، مثل: الذِّئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
بشكل أساسي، فإن عملية تنظيف الجسم من الخلايا الميتة تقوم به خلايا مناعية متخصصة تعرف بالبلاعم (Macrophages)، وقد اكتشف العلماء وجود نوعين أساسيين من المستقبلات الأساسية على تلك الخلايا المناعية المتخصصة، تساعدها في التعرف على الخلايا الميتة، وابتلاعها والتخلص منها. اكتشاف مثل هذه المستقبلات أعطى أملاً جديداً للعلماء لعلاج أمراض المناعة الذاتية والسرطان، ولكن وقبل أن نعرف دورها في العلاج، فإنه يتوجب علينا أن نحدد بشكل دقيق الدور الذي يلعبه كلٌّ من المستقبِلَين والظروف التي يتفعل بها كل منهما، وما اكتشفه العلماء في هذه الدراسة سيخبرنا ذلك.
كما ذكرنا سابقاً، تعرف الخلايا المناعية المتخصصة بالبلاعم، وهي تمتلك منظمات من المستقبلات على سطحها، اثنين منها (Mer و Axl) تعتبر المسؤولة عن تمييز الخلايا الميتة في مختلف البيئات الطبيعية، والملتهبة. تعمل مستقبلات (Mer) بشكل روتيني اعتيادي بغية التخلص من الخلايا الميتة الموجودة في الأنسجة السليمة يومياً، في حين تنشط مستقبلات (Axl) في حالات طارئة حيث تستنهض ما يتوافر من بلاعم للعمل في المناطق الالتهابية نتيجة عدوى ما، أو أذية لنسيج، حيث توجد أعداد أكبر من الخلايا الميتة.
ساد الاعتقاد بأن مستقبلات (Mer و Axl) تقوم بنفس الدور من خلال التقاط وتمييز إشارات محددة على سطح الخلايا الميتة، لكن اتضح فيما بعد أنها تعمل في أماكن مختلفة عن بعضها البعض. كما أنّه يوجد لدينا مستقبل ثالث يضاف إلى سابقَيه، حيث يُرمز للثلاثة مجتمعين بـ (TAM) حيث اكتُشِفت منذ عقدين من الزمن أدوارها في الدماغ، وبعدها لوحظ أن لغياب هذه المستقبلات تأثيرات مفاجئة على النظام المناعي، بما في ذلك تطور أمراض المناعة الذاتية. أصحبت المستقبلات الثلاثة منذ ذلك الحين ذات أهمية متزايدة في الأبحاث حول السرطان، والمناعة الذاتية، كما أنها تعمل في مناطق مهمة أخرى من الجسم، كالأمعاء، الأعضاء التناسلية، ولها أيضاً دور في الإبصار.
وقد وجد الباحثون عدة اختلافات جوهرية بين مستقبلات (Mer و Axl)، فعلى سبيل المثال: تستخدم المستقبلات جزيئات تسمى "ربائط ligands" مختلفة عن بعضها البعض كي تتنشط. فمستقبلات (Axl) تستخدم ربائط أحادية، وتنفصل عن سطح البلاعم فور التحامها بها. إن مستويات مستقبلات (Axl) الحرة في الدم هي في الحقيقة مستويات دقيقة، وتظهر هذه المستقبلات في الدم مباشرةً بعد أذية نسيجية، أو جرح ما.
تمَّت المقارنة بين سلوك وتنظيم كل من المستقبلات حيث جاءت النتائج صادمة، فمستقبلات (Axl) على عكس (Mer) يزداد عددها على سطح البلاعم كاستجابة للعديد من المنبهات المسببة للالتهاب، في حين أن هرمونات الكورتيزول (الستيروئيد القشري) المستخدمة بشكلٍ واسع لإيقاف الالتهاب، تسبب زيادة في أعداد مستقبلات (Mer) على سطح البلاعم، وتكبح مستقبلات (Axl) في ذات الوقت!
من خلال استيعاب هذه الاختلافات، فإنّه يمكن توجيه هذه المستقبلات والتحكم بها للوصول الى علاجات أكثر دقة لأمراض المناعة الذاتية والسرطان. أما الخطوة القادمة، فهي دراسة نشاط المستقبلات بصورة أكثر تفصيلاً، ومعرفة المزيد حول دورها في محاربة الخلايا الميتة، حيث أنَّ ما كشفته هذه الدراسة فتح آفاقاً جديدة لم يعلم بها أحد في السابق بما في ذلك أخصائيّو المناعة.
المصدر:
هنا
الصورة:
Credit: Anna Zagórska and Matt Joens، Waitt Advanced Biophotonics Center، Salk Institute