الإدارة في 1940s: فترة ظهورة المدرسة السلوكيّة
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> العلوم الإدارية
ولد أبراهام ماسلو في مدينة نيويورك، الأخ الأكبر لستة أشقاء من أبوين مهاجرين من روسيا.
سبّب أبراهام لأهله الكثير من عدم الرضى عند اختياره لدراسة علم النفس في جامعة ويسكونسن عوضاً عن دراسته للقانون في نيويورك، وكذلك عند اختياره لقريبته بيرثا غودمان زوجةً له.
يعدّ ماسلو دون أدنى شك أهم علماء الأنثروبولوجي (علم الإنسان) ممن عملوا في الصناعة. فبعد دراسته الأنثروبولوجية لمجتمع هنود البلاكفوت في ألبيرتا، كندا، ادّعى وجود "نفس المدى تقريباً من الشخصيات الموجودة في مجتمعنا".
عمل في الصناعة قبل أن يصبح أستاذاً في علم النفس في جامعة براندايس، ماستشوستس.
أصبح قائداً للمدرسة الإنسانية لعلم النفس في خمسينات القرن الماضي، حيث دعاها ب"القوة الثالثة" التي أمل أن تكسر الحاجز بين علم النفس الفرويدي والعلوم السلوكية. يكمن الإبداع في تفكيره في اعتماده على مراقبة السلوك الطبيعي عوضاُ عن الانحرافات والأمراض العقلية.
أهم ما يعرف به هو ابتداعه لهرم الاحتياجات، الذي يعد إطاراً للتفكير في الدوافع الإنسانية. لم تكن نيته أن يطبّق هذا النموذج فقط في أماكن العمل، ولكن المدراء سرعان ما أدركوا الصلة الوثيقة التي تربط فكرة ماسلو بالتعويضات الممنوحة للعاملين.
"ما هي ظروف العمل، أنواع العمل، أنماط الإدارة، وأنواع المكافآت أو الأجور التي ستساعد على نمو احترام الإنسان لذاته بشكل صحّي، أو على نمو ذلك الاحترام لأعلى درجة ممكنة؟ يمكن أن تخضع النظرية الاقتصادية الكلاسيكية، التي تعتمد على نظرية غير ملائمة في الدوافع الإنسانية، إلى تغيير جذري في حال اعتناقها لنتائج الحاجات الإنسانية العليا، بما فيها النزعة لتحقيق الذات والانتماء لمبادئ عليا".
وُصِفَ من قبل بيتر دراكر بأنه "الأب لعلم النفس الإنساني"، ومع ذلك وجّه انتقاداتٍ لنظرية ماسلو، فمن وجه نظره أن "الرغبات تتغير في أثناء تحقيق الرضا"، بمعنى أنه "عندما تقترب الرغبة أو الاحتياج من مرحلة الإشباع التام تنخفض قدرتها على المكافأة وقوتها التحفيزية بشكل سريع جداً". وكما نعلم، فإن المدراء التنفيذيين في الإدارة العليا لن يصلوا أبداً لدرجة الرضا فيما يتعلق بأجورهم.
اعتبر ماسلو التسلط انحرافاً، وقال عن الصفة التسلطية "أنها أهم الأمراض التي يعاني منها الإنسان اليوم – أكثر أهمية من الأمرض الجسدية، وأكثر الأمراض انتشاراً لدرجة تحولها إلى وباء، حتى في الولايات المتحدة، وحتى في القاعات الدراسية"، وأكد، من وجهة نظره، بأن الأفراد الذين يحققون ذاتهم يتمتعون بنظرة ديمقراطية للأمور أكثر من كونها استبدادية.
يتربع على قمة الهرم تحقيق الذات، وهي الحالة التي أذهلت تابعي ماسلو. ما هي؟ من حققها من قبل؟ للإجابة على هذا السؤال قدم ماسلو قائمةً بالأشخاص الذين وصلوا إلى هذا المستوى وأهمهم: أبراهام لينكولن، ألبرت أينشتاين، ألبرت شفايتزر، ألدوس هاكسلي وغيرهم.
وقد وصف ماسلو ما يحفز الأشخاص في هذا المستوى. فهؤلاء، كما ادّعى، يبحثون عن الحقيقة بدلاً عن الكذب، التميز بدلاً عن الامتثال، الكمال عوضاً عن النقص، البساطة عوضاً عن التعقيدات غير الضرورية، والاعتماد على الذات لا التبعية.
بعد إصابته بالمرض نقل ماسلو إقامته إلى كاليفورنيا، وتوفي هناك.
هرم الاحتياجات الإنسانية:
فكرة هرم الاحتياجات تعود إلى شخصٍ واحد، أبراهام ماسلو، أكثر علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) تأثيراً في عالم الصناعة.
هي نظرية عن الطرق التي يتحفز بها الأفراد، تم تقديمها للمرة الأولى في بحث ( نظرية الدافع الإنساني) الذي تم نشره في مجلة Psychological Review عام 1943. افترضت النظرية أن الاحتياجات الإنسانية تصنّف في خمس فئات، ويجب إشباع الاحتياجات في الفئات الأدنى حتى تتحول الاحتياجات الأعلى إلى محفزات. بناءً عليه لا يمكن أن يشعر عازف الكمان بالدافع لعزف مقطوعةٍ لموزارت في حال كان يتضور جوعاً، والعامل في متجر لا يسمح له بالحصول على استراحة غداء سيتمتع بإنتاجية أقلّ بعد منتصف النهار من العامل في متجرٍ يسمح بأخذ الاستراحة.
نشأت النظرية من الإدراك أن المدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد لم تكن تقدم الكثير من المساعدة للمدراء بسبب عدم أخذها تعقيداتِ الدوافع الإنسانية بعين الاعتبار. وقد وزع ماسلو الاحتياجات في خمس فئات:
• الاحتياجات الفيزيولوجية: الجوع، العطش، الجنس، النوم. يعمل مصنّعو الطعام والمشروبات لإشباع الاحتياجات في هذه الفئة، وكذلك مزارعو التبغ.
• الحاجة للأمان: الأمان الوظيفي، الحماية من الأذى وتجنب الخطر. في هذا المستوى تتجه أفكار الفرد نحو الحصول على تأمين، جهاز إنذار ضد السرقات، وودائع الادخار.
• الاحتياجات الاجتماعية: المحبة الأسرية والأصدقاء. يتم إشباع هذه الاحتياجات عن طريق المناسبات الاجتماعية كالأعراس، المطاعم الفخمة، وشركات الاتصالات.
• احتياجات تقدير الذات (كما تدعى احتياجات الغرور): وتقسم إلى حاجات داخلية، مثل احترام الذات والشعور بالإنجاز، وحاجات خارجية، مثل المكانة الاجتماعية . الصناعات التي تركز على هذا المستوى تتضمن ما يتعلق بالرياضة والعطلات التفاعلية.
• تحقيق الذات، وتم وصفه من قبل ماسلو: "لابد للموسيقي أن يعزف، للفنان أن يرسم، وللشاعر أن يكتب حتى يصلوا إلى السعادة المطلقة. ما يستطيع الإنسان أن يكون عليه، هو ما يجب أن يكون عليه. وهذه الحاجة هي ما يمكننا تسميتها تحقيق الذات."، وهذا ما يتطلب القيام بنشاطات مثل زيارة معارض فنية، تسلق الجبال وكتابة الروايات. المسرح ،السينما والموسيقى تعدّ من أهم الصناعات التي تركز على هذا المستوى، ويختلف هذا المستوى عن المستويات الأخرى للاحتياجات في عدة نواحٍ أهمها أنه لا ينتهي ولا يتم إشباعه تماماً.
إن موقع الفرد في هذه التراتبية يكون في تغير مستمر، وأيّ فعلٍ يمكن أن يقوم به قد يؤدي إلى إشباع احتياجاتٍ في مستوياتٍ مختلفة. بناءً عليه، فإن احتساء شراب مع أصدقاء في مقهى قد يشبع الشعور بالعطش والشعور بالحاجة إلى الصداقة (المستوى الأول والثالث)، كذلك هناك بعض الصناعات ذات التخصص الواحد التي قد ترضي الاحتياجات في المستويات المختلفة. فمثلاً، قد يقدم الفندق الطعام لإشباع المستوى الأول، ومطعم قريب لإرضاء المستوى الثالث، وجولاتٍ مميزة لمواقع مختلفة في نهاية الأسبوع لإرضاء المستوى الخامس.
التراتبية ليست مطلقة، بل تتأثر بالبيئة العامة التي يعيش فيها الفرد، فالمدى الذي تشبع فيه الاحتياجات الاجتماعية في مكان العمل على سبيل المثال يختلف من حضارة إلى أخرى. في اليابان تشكّل التنظيمات التابعة للشركات مصدراً هاماً لشعور الرجل بالانتماء (لكن هذا لا ينطبق على النساء)، هذا الشعور لا يتواجد بنفس القوة في الغرب.
وقد وجّه بيتر دراكر الانتقادات التالية لنظرية ماسلو:
ما لم يدركه ماسلو هو أن الرغبة تتغير خلال إشباعها.. فعندما تقترب الرغبة من مرحلة الإشباع التام، تتلاشى قدرتها على المكافأة، وكذلك مدى قوتها كمحفز بسرعة، ولكن قدرتها على خلق عدم الرضا وأن تتحول إلى مثبط تتزايد بسرعة كبيرة.
واحدة من أولى الشركات التي اتبعت نظرية ماسلو كانت شركة NLS في كاليفورنيا، في بداية الستينات قامت بإعادة تنظيم خط الإنتاج لديها وقسمت العمال إلى فرق إنتاج كلّ منها مكون من ست أو سبع أشخاص بهدف تحفيزهم، كل فريق كان مسؤولاً عن عملية الإنتاج بأكملها، وعملوا في أماكن مخصصة لكل منها وكانوا قد قاموا بتعديلها لتناسب ذوقهم الخاص. ونتيجةً لبعض إبداعات تلك الفرق مثل الاستغناء عن بطاقات أوقات الدوام، تغيّر عمل الشركة جذرياً، وارتفعت الأرباح والإنتاجية بشكل هائل، ولكن ماسلو بقي مشككاً في هذا النجاح، فقد عبّر عن قلقه من فكرته بأنها كانت تعتبر "حقيقة أكيدة، دون أن يتم التأكد من موثوقيتها".
ومن أهم الأفكار التي ظهرت في أربعينات القرن الماضي:
1- 1940: مناقشة موضوع التعويضات التي يحصل عليها المدراء التنفيذيون في الشركات، وذلك في كتاب ل جون بيكر "خيارات الأسهم للمدراء"، ويقصد بالتعويضات المكافآت المالية وغير المالية التي يحصل عليها المدراء لقاء الخدمة التي يقدموها للشركة. تكون في الغالب مزيجاً من الأجر، المكافآت المالية، أسهم في الشركة، التأمينات المختلفة، والمنافع الإضافية.
2- 1945: طرح السؤال حول الهدف المرجو من الدراسة الأكاديمية لعالم الأعمال والاقتصاد بشكل عام، وذلك في كتاب "تحدي الدراسة التجارية" للباحث روبرت كالكنز. وما زال هذا السؤال قيد البحث والتحليل حتى يومنا هذا.
3- 1947: قدم هيربرت سايمون في كتابه "السلوك الإداري" دراسة للمنطقية المحدودة (العقلانية المقيدة) ودورها في عملية اتخاذ القرارات.
4- 1949: اعتبار إدارة الموارد البشرية وظيفة ذات أهمية للمرة الأولى في كتاب "العلاقات الإنسانية في عالم الأعمال الحديث"، لكاتبه روبرت وود جونسون الثاني، رئيس مجلس إدارة شركة جونسون آند جونسون في ذلك الوقت.
المصادر :
هنا
هنا
هنا
مصادر الصورة :
هنا