المشربية, ليست خشباً.. هي حالة عيش
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عمارة وأرض
وجدتها! كلمة مرتبطة كتير بالاختراعات والمخترعين بعملهم كأفراد او مجموعات, لكن كمان فيه عناصر بحياتنا ليست اختراعات لحظية وإنما نتيجة تراكم خبرة حضارة كاملة على مدى سنين. ودائما بذكر المكدوس كمثال على هالقصة, لأنه لما تصفن كيف انعملت المكدوسة, ما فيك ما تفكر غير أنه في خبرة كذا عقد لورا لوصلتك بهالطريقة. يعني بعتذر عالمثال بس أنه كتير واضح!
وبالعمارة كمان فيه كتير عناصر منعرفها موجودة بهالشكل, وفينا نبحث تاريخ بعضها بطريقة تفصيلية, لكن المشكلة أنه هالعناصر تم إهمالها عمليا وتطبيقيا بالعمل المعاصر, لهيك من الضروري على الأقل نعرف عنها.
المشربية -ليست خشباً، هي حالة عيش (عبد الرحيم غالب)
أحد الاعتقادات تقول أن كلمة مشربية مشتقة من كلمة (شرب) وتعني مكان الشرب، أي أن وظيفة المشربية كانت كحيز توضع فيه الجرار وأواني الماء ليتم تبريدها بفعل التبخر الناتج عن حركة الهواء بين أجزائها. أما الآن فنطلق مصطلح مشربية على الفتحات ذات الإنشائية الشبكية المصنوعة من الخشب. وهي عنصر يكثر وجوده في المناطق الجافة والحارة لذلك نجده في البلدان العربية وباقي الحواضر كفارس والهند. وتغيرت تسميتها وخواصها وأحيانا مواد بنائها. والمشربية المتعارف عليها هي ذلك النتوء الخشبي الذي نجده في فتحات الطوابق العليا والمرتبط دائما بالخصوصية.
لكن الحقيقة أن هذا (التجهيز الفراغي) الناتج عن فهم المجتمع العميق للمناخ يحمل الكثير من الوظائف التي تتعدى الخصوصية وترتبط بالبيئة وتطويعها، سنذكر منها باختصار خمس وظائف ضابطة لـ: تدفق الضوء، درجة الحرارة، تدفق الهواء، الرطوبة، الرؤية.
كيف تعمل المشربية؟
يتكون الضوء الساقط من النافذة على أسطح الفراغ الداخلي من قسمين: الأول هو الضوء المباشر والثاني هو الوهج الذي يدخل عمودياً من سطح النافذة. تقوم المشربية باعتراض الضوء المباشر لتقليل درجة حرارة المكان، ويبقى الوهج الذي يتضاعف عند سقوطه على قضبان الخشب في المشربية والذي يسبب ازعاجاً بصرياً إذا كان زائداً. لذلك تعمل المشربية بحساسية عالية تجاه هذا الوهج فتكون قضبانها متقاربة على مستوى النظر ومتباعدة في الأجزاء العليا. هذا الفرق في البعد بين القضبان يسمح أيضا بالتحكم بمرور الهواء. وإذا كانت الأجزاء ذات الفراغات الصغيرة تعيق دخول الهواء الى الفراغ تصبح المشربية أكبر حجماً لتعويض النقص. كما تقوم المشربية بتعديل درجة الرطوبة في الهواء بين النهار والليل فتفقده أو تكسبه الرطوبة حسب الحاجة والوقت، ويزداد هذا التفاعل بزيادة مساحة سطوح القضبان الخشبية فيها. أما الرؤية فتتضح أكثر بالاقتراب من المشربية والتركيز على المشهد الخارجي بينما تكاد تنعدم بالابتعاد عنها والنظر على الجانب المعتم لها (داخل الغرفة).
باختصار, هذا العنصر المعماري الجميل جداً يتعدى كثيراً عامله التشكيلي فيصبح ضابطاً لعوامل المناخ كافة، فيكبر ويصغر ويقترب من النافذة أو يبتعد عنها وتتسع قضبانه أو تضيق كل ذلك بشكل غير اعتباطي أبدا وبإصغاء تام للمناخ والمجتمع، فيصبح أداة تكييف وستارة وبراد وتلفزيون (عالحارة) في نفس الوقت.
تعقيب هي المرة من حسن فتحي
(كمهندس، طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس فإن الله لن يغفر لي مطلقاً أن أرفع الحرارة داخل البيت 17 درجة مئوية متعمدا).
ملاحظة :شراء مكيف ودفع فواتيره مضمّنه بالمقولة أعلاه.
مراجع
هنا يمكنك مراجعة كتاب الطاقات الطبيعية والعمارة المحلية , حسن فتحي