لغز الدبِّ البنيِّ السوري
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
هل كنت تعلم بوجود دببة في سورية؟؟ وهل كنت تعلم بأنَّ الاسم العلميّ لأحد أنواع الدببة هو الدبُّ البنِّيّ السوريّ؟ وهو ليس الحيوان الوحيد السوري فهناك حيوانات مميَّزة كثيرة غيره في سورية (الهامستر السوريّ مثلاً والذي يستخدمونه في البحوث العلمية).
تابعوا مقالنا الآتي لتتعرَّفوا أكثر إلى هذا الكائن الجميل.
لغزُ الدببة البنِّيَّة في سورية:
تكشفُ العديد من القصص المكتوبة و الأعمال الفنِّيَّة أنَّ الدبَّ السوريّ -وهو سلالةٌ من الدببة البنِّيّة- عاش في فترة من الفترات في أنحاء الشرق الأوسط، ووصلَ حتّى شبه جزيرة سيناء في الجنوب. كانت هذه الدببة تعدُّ حيواناتٍ مضرَّةً و مهدِّدةً لسلامة البشر، ولذا فقد كانت تُقتل على الدوام.
ترافقت عمليّات صيد هذه الدببة و قتلها مع فقدان الدببة موطنها الطبيعي بسبب التصحّر وإزالة الغابات، وأدّت إلى نقص ملحوظ بتعدادها في مناطق تواجد هذه الدببة.
في هذه الأيّام؛ يعيش الدبُّ السوريّ في المناطق الممتدّة من تركيّا إلى إيران، بما في ذلك جبال القوقاز في روسيا، وجورجيا، وأرمينيا و أذربيجان، لكن عموماً ساد الاعتقاد بانقراض هذا النوع في البلد الذي يحمل هذا الدبّ اسمه؛ في سورية، و كذلك في لبنان المجاور. لكنّ اكتشافاً حصل في سنة 2004 قد يغيّر هذا الافتراض.
من الصعب دوماً معرفة ما إذا كان نوع نادر من الحيوانات مستمرّاً بالوجود في جيوب بعيدة في البلد الذي يُعتقد أنّه انقرض فيه. فعلى سبيل المثال؛ مجموعة اختصاصيّي الدببة كانت جاهلة بوجود الدببة في العراق حتّى سنة 2006 عندما رأى طيّار أمريكيّ عبر منظار الأشعَّة تحت الحمراء ما اعتقد بأنّه دبٌّ برِّيٌّ سوريّ. بحث هذا الطيّار عن خبراء الدببة في الشرق الأوسط على الإنترنت، و وجد مجموعة اختصاصيّي الدببة و أخبرهم عمّا رآه. ونحن نعلم اليوم بأنّ الدببة السورية لا تزال موجودة في منطقة كردستان شمال العراق بكلّ تأكيد، وفي مقابلات أُجريت سنة 2010، أبلغ السكّان المحلّيّون في 10 من أصل 30 موقعاً عن وجود الدببة، وأحياناً يَقتل الصيّادون المحليّون الدببة و يوثّقون هذه الحوادث بكاميرات هواتفهم المحمولة.
لكن في سورية يوجد على ما يبدو إجماع عامّ على أنّ الدببة غائبة منذ قرابة خمسين عاماً. حتّى في تواريخ قديمة كثمانينيّات القرن التاسع عشر، كانت التقارير تتحدّث عن ندرة الدببة في سورية، إذ كانت تعيش فقط حول جبل الحرمون و بعض المناطق التي تبقّت فيها غابات قرب لبنان أو داخله.
يذكر تقرير بواسطة الدكتور لي تالبوت مشاهدات مستمرّة للدببة السورية، و كذلك جلودها ودياسمها (جرائها) للبيع في الأسواق حتّى سنة 1955. لكن يبدو أنّ هذا التقرير هو آخر الأدلّة القويّة على وجود الدببة في سورية، و هي الآن مصنَّفة على أنّها منقرضة ضمن قائمة IUCN الحمراء للأصناف المهدَّدة.
بعد كلّ ذلك كان اختيار الدبّ البنّيّ كحيوان سورية لسنة 2010 مفاجأة بالنسبة إلى مجموعة اختصاصيي الدببة. تتبّع سبب اختيار هذا الحيوان كحيوان سنة 2010 في سورية قاد المجموعة إلى الدكتور عصام حجّار، الذي شاهد و صوّر آثار هذا الدب في سنة 2004 في منطقة بلودان قرب دمشق. عصام يعمل كباحث و مصوّر للمعهد الفرنسي للشرق الأوسط في دمشق، مركّزاً على الإرث التاريخيّ و الجغرافيّ لسورية. وفي شهر كانون الثاني (يناير) من سنة 2004 كان يتجوّل مع صديقه في سلسلة جبال لبنان الشرقية، وكان الطقس ضبابياً و غطّت الثلوج السهل على ارتفاع 1900 متر. عادة ما صدف الدكتور عصام آثار ذئاب، أرانب و طيور في هذه المنطقة، لكنّ الآثار التي وجدها ذلك اليوم كانت أكبر بكثير، و لديها خمس أصابع و مخالب كبيرة مميَّزة. التقط الدكتور صوراً لهذه الآثار، ليدرك لاحقاً أنّ هذه الآثار التي وثّقها تعود إلى دبّ.
وعلى الرغم من أنّ ذلك كان أوّل دليل على وجود دببة في سورية منذ خمسين عاماً، لكنّ هذا الاكتشاف لم يلقَ تغطية إعلامية إلى أن اختير الدبّ كحيوان سورية بعد ستّ سنوات من هذا الاكتشاف و بسببه.
المميّز في هذا الاكتشاف هو أنّ السكّان المحليّين لم يبدُ عليهم معرفة وجود دببة في الجوار، رغم أن السهول حيث وجدت الآثار كانت تنتشر بها بساتين التفاح التي تعد جذّابة للدببة. مجموعة اختصاصيي الدببة تفحّصت الصور ووجدت بلا شكّ أنّ هذه الآثار تعود إلى دب.
إضافة لذلك، إذا كانت الدببة قد تمكنت من البقاء في المنطقة منذ الخمسينيّات، فهذا يعني وجود مجموعة من الدببة تتوالد وتتكاثر، ليس فقط مجموعة من الدببة المنفردة المتفرّقة التي قد تعيش قرابة عشرين إلى ثلاثين عاماً. و من جهة أخرى، قد تكون هذه الآثار عائدة إلى دبّ ضائع يتجوّل قادماً من تركيّا، أو أنّه كان دبّاً يعيش في الأسر. المتابعات الأخيرة في المنطقة كشفت قصصاً عن دبّ قُتل في تلك المنطقة في السنة نفسها التي اكتشفت فيها هذه الآثار.
في الوقت الحاضر؛ تعدّ 1% فقط من أرض سورية أرضاً محميّة، و السوريون ممنوعون من دخول معظم المحميات الطبيعية. إضافة إلى ذلك فقد أُجريت استطلاعات قليلة عن الحياة البريّة. وبالنتيجة فإنّ السوريين ليسوا على معرفة بالحياة البرية الموجودة في بلادهم، ما يجعل من الصعب تحفيز الأنشطة المرتبطة بالحفاظ على الحياة البرية.
ستتابع مجموعة اختصاصيي الدببة هذا الوضع المثير، مؤمنة بأنّ توثيق إعادة اكتشاف حيوان مهمّ مثل الدبّ السوريّ (الدبّ البنّيّ الذي يعود إلى العصور القديمة) ربّما يكون العامل الذي سيحفّز نشاطات الحفاظ على الحياة البرية.
بعد هذا المقال..نود سؤالكم؛ من منكم يعرف قصصاً مرتبطة بمشاهدات للدبّ البني السوريّ في سورية؟ أنا أعلم قصّة تحكي عن مشاهدة لهذا الدبّ في سبعينيّات القرن العشرين في قريةٍ سوريَّةٍ قرب مشتى الحلو.. فإذا كنتم تعرفون قصة أو معلومة، وخصوصاً إن كانت من تاريخ قريب، فاكتبوا لنا تاريخ ومكان القصة في تعليقاتكم وأفيدونا.
المصدر:
هنا