(شيفرَةُ دافِنشي).. بين الحقيقةِ والخيالِ
كتاب >>>> روايات ومقالات
بين حقيقةٍ وخيال، وبين حدثٍ واقعيٍّ وآخرَ مبتكر، وبين لوحاتِ (دافنشي) التي تعرِفُها، ورموزٍ لم يخطُرْ لكَ تفسيرُها، وبين جمعيّةٍ تعملُ ما بوسعِها لتُحافِظَ على سرٍّ، وأُخرى تحاولُ كشفَهُ لتدميرِه.. بين رموزٍ لدياناتٍ سماويّة، وطقوسٍ جنسيّةٍ لعباداتٍ وثنيّة؛ تجد نفسَكَ غارِقًا وحبيسًا لأفكارٍ لاتدري ما تصدِّقُ منها، ثُمَّ تصحو لتَجِدَ نفسكَ مأسورًا في مَتحفِ (اللّوفَر) بين قاتلٍ وضحيّةٍ عاريةٍ ممدّدةٍ على ظهرِها؛ متّخذةٍ وضعيّةِ الرّجلِ الفيتروفي (اللّوحةُ الأكثرُ دِقّةً من النّاحيةِ التّشريحيّةِ في ذاكَ الزّمن)، وأشهرِ رسومِ (ليوناردو دافنشي)؛ أهمِّ فنّاني عصرِ النّهضة.
تتصاعَدُ أحداثُ الرّوايةِ في إطارٍ بوليسيٍّ لتلقى نفسَكَ في دوّامةِ البحثِ عن قاتلٍ طليق وبريءٍ مُتّهم في أماكنَ محاطَةٍ بالرّموزِ، وكلٌّ منها يقودُكَ إلى أماكنَ أخرى على هذهِ الأرض.
مفاجآتٌ تقودُكَ إلى مفاجآت، وألغازٌ تقودك إلى أخرى؛ بدءًا من الرّجلِ (الفيتروفي) إلى متواليةِ (فيبوناتشي) إلى النّسبةِ (فاي) وغيرها.. تعيشُ في هذه التّفاصيل، وتندمِجُ بأحداثِها؛ لتكشفَ لكَ أسرارَ شخصيّاتٍ مرموقةٍ وعظماءَ كان لهم دورٌ في إخفاءِ سرٍّ قديمٍ قد يتغيّرُ منحى التّاريخِ بإظهارِهِ للعلن، ودافنشي أحد تلك الشخصيات! ذاكَ الفنّانُ العبقريّ المثيرُ للجدلِ؛ تجدُ الأسرارَ والألغازَ في لوحاتِه؛ من (العشاءِ الأخيرِ) إلى (الموناليزا) إلى غيرِها.
تقرأ بعضًا من المعاني الخفيّةِ أوّلِ مرّة، وتكتَشِفُ دورَ ذاكَ المبدعِ في حمايةِ السرِّ الذي طُمِسَ لأهدافٍ سياسيّةٍ منذُ القِدَمِ في عهد الإمبراطورِ قسطنطين.
تروي تفاصيلَ عن المرأةِ وقدسيّتِها منذُ بدايةِ المجتمعاتِ القديمةِ الوثنيّةِ؛ منذُ عهدِ الآلهةِ الأُنثى، وكيف هُمِّشَت وتضاءلَ دورُها مع الزّمنِ لتصبحَ رمزًا للعار!
يلخِّصُ الكتابُ -بتعبيرٍ فنّيٍّ فريد- رحلةَ الإنسانِ التراجيديّة، وصراعَهُ البائسَ بحثًا عن سرِّ الوجود، وطمعًا في امتلاكِ الحقيقةِ المُطلقة، ويُحفِّزُكَ على إعادةِ النّظرِ والتّفكيرِ في كلّ ما تصدِّقُهُ من حولِكَ؛ مهما بلَغَت درجَةُ ثقَتِكَ ويقينِكَ به.
تُرجِمَ العملُ إلى أكثرِ من خمسينَ لغةً، وبيعَت منهُ ملايينُ النُّسَخ، وسُمّي بـ(الكتاب القنبلة)!
أُغنيَ الكتابُ بعملٍ سينمائيٍّ بعد ثلاثِ سنواتٍ من إصدارِه؛ فأحدثَ ضجّةً كبيرةً، وخرجَت العديدُ من ردودِ الأفعالِ بين المؤيّدةِ والمعارِضَةِ له؛ فكُتِبَت العديدُ من الكتبِ المضادّة، مثل :(الحقيقةُ وراءَ شيفرةِ دافنشي) و(حلُّ شيفرةِ دافنشي) و(الخيالُ في شيفرةِ دافنشي)...
والجديرُ بالذّكرِ؛ كان مؤلّفَ الكتابِ (دان براون) المولودِ عامَ 1965 مُدرّسًا للّغةِ الإنكليزيّة قبلَ أن يترُكَ التّدريسَ ويتفرَّغُ للعملِ الرِّوائي؛ ممّا لاشكّ فيهِ أنّ دراستَهُ للفنّ في جامعاتِ إشبيلية ومساعدةَ زوجتِهِ الرّسّامةِ والمؤرّخة للفنّ زادَت من قدرَتِهِ في سردِ هذا الكمّ الكبيرِ من التّفاصيلِ الدّقيقةِ والحقيقيّةِ للأعمالِ الفنيّةِ والمعماريّةِ وتفاصيلَ الطّقوسِ السريّةِ المذهلة! إضافةً إلى اعتمادِهِ -في كثيرٍ من المعلوماتِ- على قسمِ دراسةِ اللّوحاتِ، وإدارةِ التّوثيقِ في مَتحفِ اللّوفر، وجمعيّة لندن للسّجلّاتِ، ومجموعةِ الوثائقِ في ويستمينستير.
كان له ثلاثُ رواياتٍ سبقَت شيفرةَ دافنشي؛ لكن لم يكُن لها ذاكَ القَدرُ الكبيرُ من الأهميّة، إلا أنّه-بالتّأكيد-استطاعَ أن يُثبِتَ ذاتَه وقدراتَهَ الإبداعيّة في قصّةٍ محبوكَةٍ بخصوصيّة، وفي غايةِ التّشويقِ في (شيفرة دافنشي).
الكتاب: شيفرةُ دافنشي
تأليف: دان براون
ترجمة: سمة محمد عبد ربه
دارُ النّشر: الدار العربية للعلوم
نوعيّةُ الكتاب: ورقيٌّ متوسّط، 496 صفحة.