سرطان الثدي: هل الرجال هم الضحايا المنسيّون؟
الطب >>>> السرطان
عندما تصل الفتاة إلى سن البُلُوغ، فإن المستويات العالية من هرمون الإسْتُروجين الأنثوي تؤدي إلى حدوث نمو حقيقي في الفُصَيْصات والقنوات والأسداء وبالتالي الحصول على أثداء كاملة. أما عند الفتيان والرجال، فمستويات الأسْتُروجين تكون منخفضة وهذا ما يجعل احتمال نمو وتشكل الأثداء الكاملة ضعيفاً جداً.
كيف يتطور السرطان في ثدي الرجل؟
يحتوي نسيج الثدي عند الرجل على قنوات، وتحتوي هذه القنوات على خلايا، فهذه الخلايا مثل باقي خلايا الجسم بإمكانها أن تصبح خلايا سرطانية. ومن الممكن أن تدخل الخلايا السرطانية لاحقاً إلى الأوعية اللمفاوية في الثدي، وتنمو في العُقَد اللمفاوية التي تقع فوق وتحت عظم الترقوة والعقد تحت الإبط وتحت عظم القص، وتنتشر إلى مناطق أخرى من الجسم بعد دخولها مجرى الدم.
مع أنّ معظم حالات سرطان الثدي عند الذكور تبدأ في القنوات وتُعرف بـ "السرطانة القنيوية" إلا أنّها من الممكن أنْ تتطوّر في فُصَيْصات الثدي أيضاً وعندها تُسمى هذه الحالة بـ "السرطانة الفُصَيْصية"، وهو يشكل حوالي 2% فقط من سرطانات الثدي عند الذكور.
ما هي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال؟
لا يزال غير معروف ما الذي يسبب بالضبط سرطان الثدي عند الرجال، لكن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي عند النساء هي نفسها بالنسبة للرجال، وهي: التقدم بالسن، وجود قصة عائلية للإصابة، عوامل خطورة وراثية متمثلة بطفرات جينية موروثة على المورثتين BRCA1 وBRCA2**، متلازمة كلاينفلتر Klinefelter syndrome (وهي حالة خِلقية تتميز بوجود كروموزوم X إضافي). بالإضافة لعوامل أخرى؛ التدخين والسمنة والتعرض للإشعاع والاستهلاك الزائد للكحول. مؤخراً، تم اكتشاف المورثة RAD51B التي تسبب سرطان الثدي عند الذكور.
ما هي علامات سرطان الثدي عند الرجال؟
العلامات الأكثر شيوعاً: وجود كتل أو تورم في الثدي أو مناطق العقد اللمفاوية، ووجود تضخمات أو تجاعيد في الجلد (علامة قشر البرتقال) وغؤور الحلمة، إفرازات من الحلمة، تقشر أو احمرار في الحلمة أو الجلد المحيط بها. لكن لا تشير هذه العلامات بالضرورة لسرطان الثدي، حيث يمكن أن تسببها حالة تسمى "تَثَدّي الرجل" وهي تضخم حميد في نسيج الثدي، لكن يجب على الرجل مراجعة الطبيب فور ملاحظته أي من العلامات السابقة.
تشخيص المرض والفحص الروتيني :
أغلب حالات سرطان الثدي عند الرجال والنساء تم تشخيصها من قبل المرضى أنفسهم، فيجب أن يعتاد الرجل على فحص صدره وتحت ذراعه (منطقة الإبط) بشكل منتظم، حيث يزيد التشخيص المبكر من فرص نجاح العلاج كما هو الحال مع كل أنواع السرطان.
لِمَ يشعر الرجل بالحرج من تشخيص هذا المرض؟
السبب وراء ذلك أنّ معظم المعلومات والبحوث المتعلقة بسرطان الثدي تركز على النساء مما يمنح هذا المرض طابعاً مؤنثاً ويجعل الرجال يشعرون بالخجل من تشخيصه، حيث تقول إحدى الدراسات أن 43% من الرجال يشككون برجولتهم إذا تم تشخيص سرطان الثدي عندهم، ومن الصعب عليهم تقبل إجراءات التشخيص والعلاج.
كيف يتم التشخيص إذاً ؟
إنّ تشخيص سرطان الثدي عند الرجال مشابه جداً له عند النساء، فبعد الفحص السريري بحثاً عن وجود أي شذوذ في أنسجة الثدي أو العقد اللمفاوية، يخضع الرجل لتصوير شعاعي للثدي إذا كان هناك اشتباه بالمرض، وقد يُطلب منه أيضاً فحص الثدي بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) أو بالرنين المغناطيسي (MRI) وذلك قبل أن تؤخذ عينات من نسيج الثدي لتأكيد ما إذا كان السرطان موجوداً. ويتوجب على الرجال الذين لديهم خطورة عالية اتجاه المرض إجراء فحص سريري للثدي كل 6-12 شهرا ابتداءً من عمر 35 عام، وإجراء التصوير الشعاعي في سن الأربعين.
ما هي العلاجات المتاحة؟
الخيارات العلاجية عند الرجال هي نفسها عند النساء، حيث يلجأ معظم المرضى إلى استئصال كل أو جزء من نسيج الثدي، وفي بعض الحالات إزالة العقد اللمفاوية المصابة، وقد يحتاج المرضى أيضاً إلى علاج كيميائي، علاج شعاعي، علاج هرموني، علاج مستهدف أو العلاج الموجه للعظام (أي علاج النقائل العظمية)، ويتم عملياً استخدام العلاجات التي أثبتت فعالية عند تطبيقها على النساء. ونأمل أن تؤدي الدراسات إلى إيجاد علاجات مصممة خصيصاً للرجال المصابين بالمرض.
إن توجه حملات التوعية بكثرة للنساء يعود لكون سرطان الثدي يؤثر على حياة النساء أكثر بكثير من الرجال، لكن هذا لا يعني أن نتغاضى عن المرض عند الرجال، وقد تم العمل على تخصيص الأسبوع الثالث من شهر تشرين الأول للتوعية بسرطان الثدي عند الرجال، لعلنا نصل إلى أن سرطان الثدي ليس دائماً وردياً أنثوياً وإنما قد يكون أزرقاً ذكرياً.
الهوامش :
*السدى Stroma (أو اللُحمة) هي النسيج الذي يملأ الفراغ بين الفصيصات ، يتكون بشكل رئيسي من نسيج دهني ، واختلاف كمية هذا النسيج بين الأشخاص هو المسؤول عن اختلاف حجم الثدي من شخص لآخر.
**إن مورثات BRCA1 و BRCA2 مفيدة للجسم فهي المسؤولة عن إنتاج بروتينات من شأنها إصلاح الحمض النووي عند إصابته بأذية ، وعندما تصاب هاتان المورثتان يصبح الشخص الحامل للطفرة على خطورة عالية للإصابة بسرطان الثدي وغيره.
المصدر :
هنا