دور الفن في العلاج السلوكي والمجتمعي.
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
عندما تم تعيين الأخصائي النفسي 'Arthur C. Evans' الحاصل على شهادة الدكتوراة والمختص بعلم النفس السريري وعلم النفس المجتمعي مندوبا لمديرية خدمات الصحة النفسية والاجتماعية كان على علم مسبق بضرورة إضفاء بعض من الإبداع على العمل، كما كان مدركاً أيضا لردود أفعال المجتمع التي غالبا ما ستتسم بالتجاهل والرفض فيما إذا قرر أن ينهج منهجا مباشرا في التحدث عن الاضطرابات النفسية، إلا أنه و بعد حضوره لبرنامج فني يُعنى برسم اللوحات الجدارية الزيتية لمدينة فيلادلفيا وهو برنامج يشترك فيه الفنانون و الهواة من غير الفنانين، استلهم Arthur أفكاراً من هذا البرنامج وعمل على استخدام بنية مشابهة له للتطرق للأمور المتعلقة بالاضطرابات النفسية.
- فمن ناحية يُساعد هذا الأسلوب على الحد من وصمة العار التي غالباً ما تُصاحب مواضيع الاضطرابات النفسية من خلال الجمع بين أفراد المجتمع وبين من يتلقون خدمات نفسية و اجتماعية، ومن ناحية أخرى قد يُوفر هذا الأسلوب للأشخاص الذين يعانون مشكلات سلوكية أو قصورا فكريا نشاطاً ممتعاً ونافعاً يُمكن أن يخفف من مشكلاتهم.
يقول الدكتور Evans: "إن رسم اللوحات الزيتية الجدارية يعتبر طريقةً آمنةً وغير مؤذية وفي نفس الوقت ممتعة لخدمة المجتمع و إيصال الرسالة التي نود إيصالها، قكأننا نسلك طريقاً غير مباشراً لنصل إلى ما نريد الوصول إليه". وقد كانت النتيجة برنامج 'Porch Light' الذي تم إطلاقه عام 2008 ولازال في ازدهار دائم منذ ذلك الحين، فبالنسبة ل 'Brenda Carter' وهي فرد من أفراد المجتمع، يُعد حضور الجلسات الاسبوعية مع زملائها لمساعدة الفنان 'Ben Volta' على صياغة أفكار جديدة للوحات جدارية بمثابة أمر يبعث على السعادة و السرور لديها ويخفف من حدة التوتر الذي تشعر به في بعض الأحيان، حيث تقول: "يكون جُلُ تركيزنا على المواد الأولية والأفكار التي يثيرها الفنان، فلا داعي للشعور بالقلق إزاء ما يحصل في الخارج في تلك اللحظات".
- و قد تم إنجاز 24 لوحة جدارية، منها واحدة تُدعى "اليقظة الشخصية" رُسمت على حائط بناء سكني برعاية برنامج لمكافحة الإدمان و قد تم اضفاء اللمسات الأخيرة عليها من قبل مرضى يخضعون للعلاج وأيضا بعض الأفراد الذين يعيشون في جوار هذا البناء. وتصور اللوحة الطريق الشاق الذي يسلكه المدمن وصولا إلى التخلص من الادمان والشفاء التام باستخدام رموز شعرية نسجها أحد المرضى. عملاً بما توصل اليه علم النفس من أن أحد الأساليب الناجعة للتحرر من عقلية القولبة والحكم المسبق على الناس هو المشاركة في تنفيذ عمل ما بالتعاون مع أولئك الأشخاص الذين نحمل تجاههم أفكار و تصورات مسبقة، فقد ساهم هذا المشروع بتقريب وجهات النظر وبث روح الألفة بين أبناء المجتمع.
- تُجري حالياً كلية 'Yale' للطب تقييما لنتائج تطبيق هذا البرنامج في ثلاثة مراكز اجتماعية تابعة لمشروع 'Porch Light' و تُشير النتائج المبدئية إالى فعالية هذا البرنامج، حيث زود المشاركين بفوائد عديدة من الناحية الاجتماعية والعاطفية، فتفاعل المشاركين قد أضفى الكثير من الايجابية في الأحياء أو الجوار التي يتم فيها رسم وانجاز اللوحات الجدارية، و عزز من روح الجماعة والعمل المشترك لديهم وهذه النتائج تنسجم تماما مع نتائج اكتشافات ذات صلة بهذا الموضوع كتلك التي صدرت عن برنامج البحوث الشامل الذي يحمل اسم "التأثير الاجتماعي لمشاريع الفنون" و الذي يترأسه المؤرخ 'Mark Stern' حامل الدكتوراة من جامعة بنسلفانيا حيث يوثق المشروع التأثيرات الإيجابية التي يحملها كلٌ من المثقفين و المجتمعيين المزودين لثقافة النشاطات المجتمعية و ما لها من اثر كبير في تحسين نوعية الحياة في الأحياء المتمدنة.
يُعتبر برنامج 'Porch Light' واحد من المشاريع المتعلقة بالفن والتي يقوم العديد من الاخصائيين النفسيين بالانضمام إليها وصولا لاكتساب سبل أفضل لتقوية روابطهم مع فئات و شرائح المجتمع التي يكونون على احتكاك دائم معها، بينما يدير أخصائيون نفسيون آخرون فرق مجتمعية أُخرى يقومون فيها بإحياء وخلق مناسبات غنائية وفنون حرة، ومساعدة الأطفال على تعلم التاريخ من خلال الفنون.
المصادر:
هنا