راي "العبقري" أسطورة موسيقى ال Soul
الموسيقا >>>> تعرف إلى موسيقيي العالم
وُلد راي في مدينة ألباني في ولاية جورجيا الأمريكية وذلك في 23 سبتمبر (أيلول) من عام 1930، حيث لا أحد يعلم شيئاً عمّا تُخبئه الأيام لأولئك الفقراء من الأفارقة الأمريكيين، لا شيء يدعو للتفاؤل في سهوب الفقر والجوع سوى صوت الوافد الجديد إلى هذه الدنيا.
كانت أسرته فقيرة معدمة حيث والده يعمل كميكانيكي، أمّا أمّه تعمل مزارعة في حقول الذرة، وكان له أخ أصغر منه سناً ويُدعى "جورج"، ولا شيء يدعو للتفاؤل والسرور والبهجة، الكل كئيب وصوت طفلين آتٍ من بعيد يمرحان ويلعبان، إنهما راي وجون.
وبينما كانا يبحثان عن السرور توفي جون، حيث غرق في جردل ماء كبير. وهنا بدأت مأساة راي، والكل يُحّمل راي مسؤولية وفاة شقيقه، لتبقى هذه الذكرى الأليمة رفقيته طيلة حياته.
تلك الذكرى تركت أثاراً نفسياً وجسدياً في راي، فقد خسر آخاه أمام عينيه وها هو يخسر نظره. فالبعض يقول أنّه خَسِر نظره من شدة البكاء، والبعض يقول أنها عدوى الماء والصابون التي لمْ يَكُن لها علاج في تلك الأماكن الفقيرة، والبعض يقول أنه خسر بصره من هذه الأزمة النفسية التي مر بها، وهناك من يقول أنها حمى، إلا أنّ النتيجة واحدة؛ خسارتان كبيرتان لطفل في سن السابعة "البصر والشقيق".
تعلم القراءة والكتابة بتقنية Braille في المدارس الحكومية لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن نجد أنه قد تعلم قراءة النوتة الموسيقية أيضاً بهذه التفنية.
التحق بفريق الموسيقى في الكنيسة الموجودة ببلدته، حيث التقى برفيق دربه"الغراند بيانو".
كانت موسيقى البلوز هي الموسيقى الرسمية لأفارقة أمريكا، فالتراتيل والصلوات تتخذ شكلاً فنياً مختلفاً عن تلك الموجودة في روما. فالأصوات جميلة نعم ولكن بطريقتهم الخاصة؛ من تصفيق وضرب القدم على الأرض وألحان مميزة بسرعتها الخلابة ورشاقتها على البيانو الكلاسيكي، أو ببطء حزين يتميز بعذوبة الألحان. من هنا ومن موسيقى البلوز تفجرت موهبة راي تشارلز.
بعد أن خسر كل العائلة وبقي وحيداً، أصر على الكفاح من أجل الوصول إلى المجد الذي يطمح من أجله، مردداّ كلمته الشهيرة "لربما أكون أعمى، ولكني لست غبياً" مصوباً بوصلته نحو الطريق الصحيح من خلال الإثبات بأن "المعاق هو معاق العقل وليس معاق الجسد".
لكن معاناة راي كانت تتجلى في أنه لا يستطيع إزاحة هذا الحمل الثقيل من على كاهله، إنه فقدان الأعزاء بهذه السرعة الشديدة؛ فقدان والديهوفقدان بصرهوفقدان شقيقه. بحث في كل مكان عن تجاوز هذا الماضي والهروب منه، فكان تعرفه على الهيروئين مبكراً، حيث تجرع أولى الجرعات في إحدى جولاته في الجنوب.
بقي يتنقل من مكان إلى آخر باحثاً عن فرصة من أجل الشهرة، بدأ مشواره مع فرقة مغمورة، فألف أولى أغانيه-كان يكتب ويلحن أغانيه بنفسه-
"Confession Blues" وبعدها أتى النجاح الأكبر بـ"Baby Let Me Hold Your Hand" و"Kissa Me Baby".
كان راي بأسلوبه الكلاسيكي يجعل الناس تحبه، لكن ما تلبث أن تمل بسرعة من هذا الأسلوب الذي يستعملها الجميع، كان بحاجة إلى تجديد أسلوبه وأدائه، فكانت أولى أغنياته مع أتلانتك وهي "Mess Around"والتي كانت بمثابة قنبلة كبيرة.
أغنية جديدة وعنوانه"I Got a Woman" كانت كفيلة باحتلاله المرتبة الأولى، لقد كانت أغانيه تبعث للبهجة والسرور الكبيرين.
كتب النقاد عنه أنه كان يقلد الـR&B الشهير في تلك الفترة Nat King Cole،لكن هذه الأغنية كانت بمثابة خروجه من عبائة الفن الكلاسيكي واتجاهه نحو مزيد من الإبداع.
ولكن في مكان جديد، والنقاد يرددون "يبدو أننا على أعتاب ابتكار موسيقي جديد".
وبالفعل كان النقاد محقون، حيث أتت أغنية"What'd I Say"بنمط يكسر البوب ويمزه بالR&B ليتشكل لدينا أسلوب جديد في الموسيقى حيث أطلق عليه لاحقاً "Soul". وعد راي الأب الروحي لهذا النمط.
كان لابد من أغنية تعيده إلى الماضي، وتذكره بمدينته الأم جورجيا، وبأغنية
"Georgia on My Mind" الحزينة جداً. حصل راي على أولى جوائز الجرامي
Grammy في مشواره الفني الحفال – الذي سيشهد 12 جائزة أخرى إضافة إلى هذه – وبينما كان الجميع مشغولين بما يقدمه فرانك سيناترا العظيم من موسيقى جاز رائعة، كان راي يجهز لأغنية ستبقى حية لعقود وعقود.
"أقصد طريقة جاك ولا تعد أبدا" – " Hit the Road، Jack"
تلك التي تفوقت على كل الظروف وبقيت حتى يومنا منذ عام عام 1960، تبعث البهجة في كل مكان، ولاقت رواجاً كبيراً، لتكون جائزة الجرامي الثانية من نصيب هذا المبدع، الذي كان يتطور أسلوبه يوما بعد يوم ويتشكل أسلوب السول في موسيقاه بصورة أوضح مع الوقت.
وفي عام 1962 بدا وكأنه يعرف كيف يصنع خطاه، لقد بلغ الذروة عندما بدأ يضيف أصنافا جديدة إلى موسيقى السول ومن بين ما أضافه موسيقا Country و موسيقا Western Music مع تغيرات طفيفة على صوته، لينتج لنا في النهاية أغنية جديدة عنوانها "Unchain My Heart".
لكن كل تلك النجاحات ما كانت تنسيه أبدا عذابات الماضي، لقد أصبح واضح للجميع أن راي يعاني من إدمان قوي على الهيروئين ولابد له أن يقلع عنه كي لا يخسر آخر ما تبقى لديه"موسيقاه".
بدأ كفاحه مع الإدمان سنة 1965 حيث ألقي القبض عليه ثلاثة مرات لحيازته الكوكائين، كان من المفترض أن يسجن، لكن المحكمة أبطلت هذا الحكم نتيجة التزامه في مصح في لوس أنجلس بالعلاج ضد الإدمان.
غاب عن الساحة بقية الستينات وجزء من السبعينات، كل تلك الفترة كافية لأن يعتقد الجميع أنه انتهى، ولكن الإرادة الصلبة لديه جعلته يعود بقوة، *ففي الثمانينيات عاد هذه المرة إلى مجال جديد وهو عالم الكوميديا، ليشارك في سلسلة أعمال مع James Brown، Elvis Presley، Sam Cooke، Buddy Holly. حيث حصد جائزة جرامي جديدة.
وفي 2003، تفاجئ الجميع بخبر إلغاء إحدى الجولات الفنية لراي الرائع للمرة الأولى في مسيرته، حيث خضع لعملية استبدال مفصل الورك، كانت العملية ناجحة، ولكن بسببها اكتشف أن راي يعاني من مرض في الكبد، لتوافيه المنية في العاشر من يونيو تموز لعام 2004.
سجل راي أكثر من 60 ألبوم و 10،000 حفلة موسيقية، وما هي إلا أشهر حتى دشن الممثل الأمريكي جيمي فوكس واحد من أروع فلامه، ذلك الفيلم الذي يستند إلى السيرة الذاتية التي دونها راي، تابعه الجميع، حيث كان مميزا بكل المواصفات جعل جيلا جديدا لم يعرف راي يحبه ويعشق موسيقاه، كان ذلك الفيلم أسمه "Ray".
نترككم مع بعض من أجمل أعمال راي تشارلز
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
مصدر الصورة: هنا