عبقرية الحضارة البشرية تتلخص في اختراعاتٍ عشر ... الساعة الميكانيكية
التاريخ وعلم الآثار >>>> تاريخ العلوم والاختراعات
موقع ستونهينج في المملكة البريطانية
وقد قامت بعدها حضارات المصريين القدماء والإغريق بتصميم العديد من النصب العمودية الشكل ، والتي يعتقد باحتمالية كونها مساعدا في قياس الوقت.
ثم ما لبثت أن أصبحت الحياة أكثر تعقيدا بمتطلبات جمة عقبها حاجة ماسة لتحديد الزمن بشكل دقيق . و نذكر للإغريق فكرتهم في الاستفادة من المياه لحساب الوقت وكان ذلك في عام 325 ق .م التي أطلق عليها اسم Clepsydras. تعتمد آليتها على تدفق المياه من حاوية لأخرى تدفقاً ثابت المستوى ،و تتم قراءة الوقت باستعمال العلامات الظاهرة خارج وعاء الماء. ومع حلول الألفية الأولى بدأت عملية تزويد الساعات المائية بقطع ميكانيكية لتدعيمها وتحسين عملها ،و في النهاية أبصر اختراع الساعات الميكانيكية نور الكون. وقد تمت صناعة أول ساعة من هذا النوع في إنكلترا التي تعد من أعظم الانجازات التقنية على مر العصور، ولكن يبقى اسم مخترعها أو تاريخ صناعتها مجهولين إلى يومنا هذا. وللأسف لم يتبق لدينا أي أجهزةٍ لقياس الوقت مما صنعت قبل العام 1300م ، إلا التي في كاتدرائية القديس بول في لندن وفي كانتيربيري والتي يعتقد أن تاريخ بنائها يعود لعام 1275 م.
عقب نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة الأوروبي ، لحقت العديد من التطورات على المستوى الثقافي والفكري مما خلق اهتماماً كبيراً بصناعة الساعات امما أدى لولادة تشكيلة رائعة ومختلفة من نماذج الساعات النقالة. فأصبحت صغيرة الحجم لوضعها في الجيب والتنقل بها بسهولة ، رغم أن كفائتها لم تصل للمستوى المطلوب. أما في القرن السادس عشر فتمّ استبدال العديد من القطع داخل الساعات وتزويدها بنوابض وفرت دقة أفضل في تحديد الوقت ، فأصبحت هذه النماذج المحدّثة رمزا دالّاً على المكانة الاجتماعية الرفيعة، وتحولت الى موضة داعية للمفاخرة في جميع أجزاء القارة العجوز، ويعود ذلك بشكل رئيسي لحجمها الصغير وثمنها الباهظ.
صمم المخترع غاليليو غاليلي أنموذجاً لساعة مزودة بنواس ولكن لم تمهله الحياة وقتا لصناعتها فوافته المنية عام 1642م. وقد سجل العالم الهولندي كريستيان هيوجينس براءة اختراع لتحويله نموذجا يشبه الذي صممه غاليلي من رسم إلى حقيقة وذلك خلال سنة 1656م؛ والتي شهدت أعظم نقطة في سجل صناعة الساعات والسبب يعود لقدرتها الرهيبة على تحديد الوقت بشكل اكثر حرفية ودقة.
للقرن الثامن عشر حكايات للكثير من الاختراعات النيرة ، حيث صمم صانع الساعات السويسري أبراهام لوي بيرلي ساعة دائرية الشكل تفتح من جهتين اثنتين عن طريق مفتاح دوار، فسمّوها ساعة الجيب التي تعتبر البذرة الأولى في ظهور ساعة اليد الآلية وقد برز صانع آخر ليصبح من أعظم من ابتكر الساعات في العالم الحديث وهو: أبراهام لويس بريغو الذي اخترع ما يسمى ميزان الساعة وتعوض هذه القطعة الأخطاء في ضبط الوقت والمسبَّبَة من فعل قوى الجاذبية عند وجود الساعة في مواقع مختلفة.
صورة لساعة جيب من القرن التاسع عشر
جاء القرن التاسع عشر ليكون منارةً بارزةً في صناعة الساعات المنزلية و تضمنت العديد من الماركات التي أصبحت مشهورةً منها كارتيير و باتيك فيليب
(Cartier-Patek Philippe) كما لعبت الثورة الصناعية دوراً مهماً في هذه الصنعة.
ويعود تاريخ صناعة أول ساعة يد إلى العام 1790 م، من قبل جاك دروز و بول ليسكوت السويسريين. ولكن في تلك الفترة لم يكن سهلاً تقبل الناس لهذه الظاهرة فكان ارتداء ساعة على الرسغ آنذاك كفكرة ارتدائنا لساعات على الكاحل في وقتنا الحالي. ويرجع الفضل لتغيير وجهة نظرة العامة لطيارٍ برازيليٍّ مخضرم وجنود الحرب الذين برهنوا أهمية استخدام ساعة اليد خلال مهماتهم الحربية وسنسرد القصة كما حصلت. بحلول العام 1908 م، طلب الطيار البرازيلي البرتو سانتوس دومونت من لويس كارتيير أن يصمم له ساعة ليلبسها بيده ، وذلك ليسهل عليه قراءة التوقيت خلال قيادته للطائرة وبنفس الوقت دون تحريك أيّاً من يديه عن المقود، فلبّى كارتيير طلبه وصنع له ساعة أطلق عليها اسم : الطيّار سانتوس. رغم أن رأي المجتمع لم يتغير بين ليلة وضحاها إلا أن ارتدائها أصبح أمراً شائعا لضرورات حربية خلال الحرب العالمية الأولى، فغلبت ساعات اليد موضة ساعات الجيب وتحولت لأكثر أدوات قياس الوقت نجاحاً وإثارة.
ازدهرت هذه الصنعة مع تقدم العلوم الحديثة كاختراع الحواسيب والهواتف المحمولة وفي عام 1957م، وبعد عشر سنوات من الخبرة في مجال صناعة الساعات قامت شركة هاملتون ووتش بإنتاج أول ساعة الكترونية مزودة ببطارية. ومنذ ذلك الوقت والصنّاع في تنافس محتدم لصناعة أفخر وأحدث النماذج تِقَنيَّةً وتمييزاً ،و قد اختلفت المواد المستخدمة كالتيتانيوم أو الخزف وغيرها. بالإضافة إلى الاهتمام بصناعة أكثرها سهولة للاستخدام ،فبرزت تصاميم الساعات السويسرية لتتصدر قمة هذه الحرفة . فمن المعروف ان سويسرا تنتج وفق أعلى معايير الفخامة والرفاهية. ويقام سنوياً في جنيف وبازل العديد من المعارض المختصة في عرض أحدث الساعات. وكما نرى فإن هذه الصناعة تتطور بشكل ثابت ومستمر لتصبح التصاميم التي عجز الإنسان عن تخيلها منذ سنوات مضت حقيقة ملموسة بين أيدينا وللمفارقة فإن الوقت هو الكفيل الوحيد الذي سيحمل لنا المفاجأت وسيرينا ما قد نصل إليه في هذا المجال .
المصادر:
هنا
هنا
هنا