هل يصل الرجال إلى (سنّ الإياس)؟
الطب >>>> مقالات طبية
هنالك الآن كمية متزايدة من البراهين التي تشير إلى أن الكهول (أكبر من 45 سنة) لديهم احتمال أكبر أن يكونوا آباءً لأبناء يعانون من أمراض عقلية (أو أخرى جينية نادرة كتلك التي تسبب القزامة) إذا ما أنجبوا في سنهم هذا.. فعلى سبيل المثال، لاحظت دراسة حديثة للسويديين الذين ولدوا ما بين عامي 1973-2001 أن الآباء الذين ينجبون وهم بعمرٍ أكبر من 45 عام لديهم احتماليّة أعلى لأن يصاب أطفالهم بأمراض عصبية كالتوحد Autism والاضطراب ثنائي القطب Bipolar والفصام Schizophrenia وغيرها... كما كان لديهم احتمالاً أعلى لأن يكونوا أصحاب معدّلات سيئة في المدرسة وللإدمان أو محاولة الانتحار، وقال الباحثون أن سبب ذلك هو زيادة عدد الطفرات الوراثية في الحيوانات المنوية لدى الكهول.
أحد أهم الدراسات المنشورة في هذا المجال أيضاً، تلك التي نشرت في Nature عام 2012، و التي شملت 78 عائلة أيسلندية كل منها مكون من 3 أفراد (أب وأم وطفل). لاحظ الباحثون أن الرجال يكتسبون وسطياً طفرتين جديدتين سنوياً في حيواناتهم المنوية؛ و بحساباتٍ رياضية تبين للباحثين أن عدد الطفرات الوراثية في الحيوانات المنوية يتضاعف كل 16.5 سنة؛ مما دفعهم لاستنتاج أن عمر الأب عند الحمل (وليس الأم) قد يكوّن السبب الرئيسي للطفرات الوراثية في الذرية. هذا الأمر طرح استفهاماً عمّا إذا كان يمكن تفسير زيادة حالات اضطراب الطيف التوحدي في السنوات الأخيرة من خلال ربطه مع الزيادة الملاحظة مؤخراً في نسبة المواليد لآباء كهول.
وفي الجانب الآخر،توجد دراسات أخرى وصلت لنتائج إيجابية في هذا الشأن.. ففي دراسة شملت أكثر من نصف مليون شخص، ونشرت العام الماضي، لم تتم ملاحظة أي علاقة بين سن الأب عند الحمل و معدل ذكاء الأبناء IQ. كما نُشرت العام الماضي دراسة لم تجد أي علاقة بين عمر الأب عند الحمل وبين احتمال إصابة الطفل بالاضطراب ثنائي القطب Bipolar (بعكس الدراسة السويدية)
يقول أحد الباحثين: "صحيح أن بعض الأبحاث التي درست العلاقة بين السّن وانخفاض كفاءة الحيوانات المنوية مثيرة للجدل، إلا أنك إذا نظرت إلى البيانات سيبدو لك أن هنالك فعلاً تناقصاً في الكمية والحجم مع العمر؛ وذلك لا يدعو للاستغراب، فكمية التستوستيرون تبدأ بالانخفاض تدريجيا بعد تجاوز الذكر سن الأربعين. ورغم أن ذلك يتسبب في انخفاض كفاءة الحيوانات المنوية، إلا أن الرجال يبقون ذوي خصوبة عالية."
في النهاية، يرى بعض العلماء أنّ هذه النتائج السلبية ولو استطعنا إثبات صحتها، فإنها قد لا تكون ذات أهمية كبيرة.. فعلى سبيل المثال يقول أحد العلماء أن طفرتين سنوياً عدد غير مؤثّر ولا يعتدّ به، ويشدّد آخرون على أنه حتى لو تضاعف احتمال إصابة أبناء الكهول بتلك الأمراض النادرة مرتين أو ثلاث مرات، فإن هذا الخطر سيبقى ضئيلاً...
و في الجانب المشرق، فهناك فوائد لأن تكون ابنًا لأب وأم كبيرين، فذلك يعني أنهما ذوا تعليم أعلى و دخل أعلى مقارنة بآباء كوّنوا أسرهم وهم في العشرينات.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
مصدر الصورة:
هنا