لماذا يجعل علاج السرطان طعم المأكولات سيئاً للغاية؟!
الطب >>>> السرطان
يُشير المرضى الخاضعون لعلاج السرطان الكيميائي أنَّ أحد الآثار الجانبية الأكثر إحباطًا لهم هو تغيّر طعم المأكولات المفضلة لديهم لتبدو بطعمٍ سيءٍ جدًا، فمذاق المعكرونة يشبه مذاق الكرتون، أما اللحوم فتشبه طعم المعدن. وبالتالي تنخفض رغبة المرضى في تناول الطعام، ممّا يؤدي إلى سوء التغذية وانخفاض عدد السعرات الحرارية التي يحصلون عليها في الوقت الذي هم بحاجة ماسّةٍ للغذاء من أجل محاربة السرطان، هذا فضلاً عن ويلات العلاج.
لكن لماذا يُفسد العلاج الكيميائي مذاق المأكولات اللذيذ؟ وكيف يؤثر على الطعم؟
كما هو معروف أن الخلايا السرطانية تتكاثر بسرعةٍ كبيرة، والعلاج الكيميائي يعمل على قتلها، حيث يقوم باستهداف الخلايا التي تنمو بسرعة، كما أنَّ الخلايا الذوقية تتجدد بشكل سريع أيضًا، حيث تقوم الخلايا الجذعية في قاعدة برعم التذوق بتجديدها بشكل منتظم، وهذا ما يبرر مهاجمة المواد الكيميائية للخلايا الذوقية أيضًا، فهي إما أن تُهاجم الخلية أو تدخلها ومن ثم تدمرها، وبمَوْت العديد من تلك الخلايا يختفي الطعم تدريجيًا.
ماذا عن النكهات السيئة، مثل الطعم المعدني أو الإحساس بالطعم المر، بدلًا من عدم وجود طعم؟!
كما هو الحال بالنسبة لمعظم الأدوية، تدخل المواد الكيميائية إلى مجرى الدم ومن ثَمَّ إلى اللعاب، بعدها يقوم اللعاب بإيصال هذه المواد إلى الخلايا الذوقية التي تقوم بدورها بإرسال رسائل الإحساس بالطعم المعدني أو الطعم المر إلى الخلايا العصبية ومن ثَمَّ إلى الدماغ. قد تستغربون من أن نفكر بالأمر بهذه الطريقة ولكن بالفعل يستطيع الإنسان تذوق الأشياء عن طريق مجرى الدم وليس فقط باللسان، فعلى سبيل المثال، قام باحثون في اليابان بحقن مادة السكّرين Saccharin في مجرى الدم عند بعض الأشخاص، وسرعان ما شعروا بطعمها الحلو !
كما أن العلاج الكيميائي يسبب الغثيان عند المرضى، مما يُقلل بدوره من شهيتهم للطعام، وذلك لأنّ الجسم مبرمج على أن يربط الغثيان مع طعامٍ كان قد أكله.
فمثلاً إذا أكلت غذاءً معينًا ومرضت بعده، سيصبح من الصعب عليك تناول هذا الطعام مرةً أخرى، كذلك الأمر بالنسبة لمرضى السرطان، حيث تُصبح خياراتهم محدودةً لأن الشعور بالغثيان يدفعهم إلى تجنب معظم أنواع الأطعمة التي كانوا يتناولونها.
ماذا عن العلاج الإشعاعي الذي عادةً ما يترافق مع العلاج الكيميائي؟
يمكن أن يؤثر العلاج الإشعاعي في حال استُخدم في منطقة قريبة من الفم، كما في حالات سرطان الفم. أمّا العلاج الإشعاعي لأي مكان آخر من الجسم فلا يملك هذا التأثير.
وعلى الرغم من أنّ العلاج الإشعاعي دقيق في الوصول إلى الخلايا الهدف إلَّا أنه لا يزال من الصعب جدًا تجنّب إصابة الغدد اللعابية،التي قد يتعطل عملها فتؤدي إلى إصابة المريض بجفاف فمٍ مزمن، وبما أن عملية تذوق الطعام تتطلب تحويله إلى محلول بواسطة اللعاب ليتمكن من الدخول في مسام برعم التذوق، فإن هذا يعني أنه بدون اللعاب سيصعب عليه تذوق أي شيء.
هل يؤثر العلاج الكيميائي على الرائحة أيضاً التي تعتبر أساسية للتذوق؟
تتفاعل مستقبلات الرائحة مع المواد الكيميائية في مجرى الدم، إلا أن هذه الخلايا تتجدد بسرعة أبطأ من الخلايا المسؤولة عن التذوق، وبالتالي قد لا تؤثر عليها المواد الكيميائية بشكل كبير، حيث تقوم الخلايا الجذعية أيضًا بتجديدها، إلا ان العملية تستغرق وقتًا أطول كما أنّها أكثر تعقيدًا، لأن الخلايا الشمية في الواقع تمثّل نهايات العصبونات،
وترسل إشاراتها مباشرةً إلى الدماغ، لذا عندما تنمو من جديد، عليها أن تصل إلى مرحلة النضج لتصبح قادرةً على إرسال الإشارات والاتصال بالدماغ. عمومًا تتأثر
الخلايا الشمية أيضًا ولكن بشكل أقل من تأثر الخلايا الذوقية.
والآن، ما هي الخطوات الجيدة والأكثر شيوعًا والتي يمكن أن تُساعد مرضى السرطان في جعل الطعام أكثر استساغةً؟
- بما أن الغثيان يجعلك تربط حدوثه بطعامٍ معين، لا تأكل الأشياء التي كنت معتادًا على أكلها قبل العلاج الكيماوي، إنما تناول أطعمة ليست مفضلة جدًا لديك أو لم تعتد سابقًا على تناولها لأنه قد ينتهي بك الأمر إلى كرهها ولكن ذلك لن يكون ذا أهمية بالنسبة لك.
- إذا كانت المشكلة هي عدم الإحساس بالطعم، عليك الاعتماد أكثر على المواد الغذائية السائلة لتشكيل المحلول القادر على الوصول إلى مسامات براعم التذوق، خصوصًا إذا كنت تعاني من جفاف في الفم.
- بشكل عام، إنّ تناول الطعام ببطء ومضغه بشكل جيد، يعطيه فرصةً أكبر للدخول إلى البراعم الذوقية التي لاتزال سليمة لديك.
- يتم تذوق الطعم الحامض بسرعة أكبر من غيره، لذلك يُفيد استخدام الليمون في تعزيز عملية التذوق، ولتحسين الرائحة عليك باستنشاق المركبات الطيَّارة والأعشاب والتوابل بأنواعها.
هل تعود حاسة التذوق للمريض بعد أن يُتمَّ العلاج؟
مع العلاج الكيميائي، بمجرد أن تزول الأدوية من الجسم يعود جهاز التذوق للعمل مع الوقت، وقد يستغرق التعافي من الإشعاع وقتًا أطول يصل حتى بضعة أشهر، كما قد يحدث أحيانًا ضرر دائم في الغدد اللعابية مما يدفع بعض المرضى لاستخدام اللعاب الصناعي لمساعدة أنفسهم في عملية التذوق.
المصدر:
هنا
مصدر الصورة:
هنا