ترانيم الميلاد الشرقية والغربية ... تاريخها وكيف انتشرت
الموسيقا >>>> موسيقا
بالبداية سنقدم تعريفاً عاماً لترنيمة الميلاد: هي أغنية تتميز بالفرح الديني المرتبط بولادة يسوع المسيح.
عرفت الكنسية المسيحية بشقيها الشرقي والغربي ترانيم عيد الميلاد وطورتها عبر تاريخها الطويل. وسنبدأ الآن مع الترانيم المشرقية، وبالتحديد ترانيم التقليد البيزنطي، وهو أحد أهم التقاليد الموسيقية التابعة لكنائس المشرق:
في التقليد البيزنطي نجد عدداً من الترانيم الشهيرة التي يرجع تاريخها إلى كل من القرن الخامس والسادس والسابع الميلاديين. نظم هذه الترانيم ولحّنها عدد من المرنمين، نسبة لا بأس بها منهم كانوا من مدينة دمشق، من أمثال قزما ناظم التسابيح، ويوحنا المتوحد (الشهير بالدمشقي)، واندراوس الذي صار أسقفاً على مدينة كريت، وصفرونيوس الذي صار رئيس أساقفة أورشليم، إضافة إلى رومانوس المرنم الحمصي وغيرهم أسماء أخرى كثيرة. جميع هؤلاء نظموا الترانيم باللغة اليونانية، رغم أنها لم تكن اللغة المحكية السائدة في سورية، لكنها كانت تعتبر لغة أساسية للثقافة في ذلك الوقت.
من الترانيم البيزنطية الشهيرة ترنيمة "اليوم العذرء تلد الفائق الجوهر"، وهي من نظم وتلحين رومانوس المرنم الحمصي، على اللحن الثالث البيزنطي الذي يقابل في الموسيقى الغربية سلم فا ماجور وفي المقامات الشرقية مقام جهاركاه، ولهذه الترنيمة قصة مميزة متناقلة في التقليد الكنسي، وهي أن بطريرك القسطنطينية أعجب بصوت وأداء المرنم رومانوس وهو شاب وعينه مرتلاً في كنيستها بمكانة وراتب مميزين، الأمر الذي أثار حسد المرنمين الغيورين، مما دفعهم إلى إحراجه ليلة الميلاد ليرتل ترتيلة ارتجالياً ومن دون أي استعداد، ولما لم يستطع أن يقدم أي شيء شعر بالإحراج والحزن الشديدين. بعد انتهاء الصلاة وأثناء نومه تراءى له في حلمه السيدة العذراء وهي تحمل في يدها ورقة ملفوفة، وطلبت منه أن يبتلعها ففعل. في صباح الميلاد ذهب إلى الصلاة وتقدم ليرتل بشجاعة، فخرجت من فمه ترنيمة "اليوم العذراء تلد الفائق الجوهر" بكلمات ولحن جديدين كلياً.
ومن الترانيم الشهيرة أيضاً ترنيمة "المسيح ولد فمجدوه"، من نظم قزما ناظم التسابيح الدمشقي وهي الجزء الأول من مجموعة من الترانيم والتي تقال على التتالي وتعرف باسم "القانون" على اللحن الأول البيزنطي والذي يقابل في الموسيقى الشرقية مقام البيات، كما يوجد أيضاٌ ترنيمة ميلادية أخرى من نوع "القانون" من نظم يوحنا الدمشقي، مطلعه "لقد أعجز السيد بتحويله قديماً أمواج البحر السيّالة إلى يابسة"، وترنيمة "ميلادك أيها المسيح" التي ترنم على اللحن الرابع الذي يقابل مقام هزام، وترنيمة "افرحوا أيها الصديقون" من نظم اندراوس الكريتي على اللحن الرابع، وترنيمة "لما حان أوان حضورك" من نظم جرمانوس المرنم، وأخيراً ترنيمة "اليوم يولد المسيح في بيت لحم" من نظم يوحنا الدمشقي.
أما في تقاليد الكنيسة الغربية فكان للترانيم الميلادية منحى وتاريخ آخران. فقد احتوت الترنيمة في أواخر العصور الوسطى على مقاطع شعرية ونثرية تتناوب فيما بينها. أما كلماتها فمن الأرجح أنها تعود إلى أغاني راقصة شعبية مرتبطة بالعادات والطقوس الوثنية في العبادة والتي كانت تعبر عن الإيمان وكان يتم أداءها بشكل محدد مع وجود حشد شعبي وديني.
بالنسبة للترانيم الإنكليزية تعد الفترة بين (1350-1550) هي الفترة الذهبية للترانيم الخاصة بالميلاد، والتي احتوت على قصائد يغلب عليها الطابع الديني، ولكن ما وصل لنا من نغمات الترانيم ليس إلا عدد قليل بالإضافة إلى حوالي 500 نص مكتوب معظمهم يشير إلى السيدة مريم العذراء، الطفل يسوع والرهبان المسيحيين.
ومن ترانيم وأغاني تلك الفترة "O Come، O Come Emmanuel" التي تمت إعادة كتابة الكلمات لها في القرن 18 وأغنية "The First Noel".
بقيت ترانيم الميلاد في القرن 15 نموذجاً أدبياً وأغانٍ شعبية، موسيقياً كانت أكثر ثباتاً إذا ما قورنت بالترانيم الفرنسية. و في نهاية هذا القرن ظهرت مخطوطات لترانيم الميلاد كمخطوطات "Fayrfax".
أما في القرن 16 فقد ظهرت ثلاث أغاني خاصة للعيد وهي: "Christmas Tree" التي تعد ثاني أغنية مشهورة في ألمانيا، و"The Twelve Days of Christmas"، وأغنية "God Rest Ye Merry Gentlemen" والتي كانت تعني في ذلك الوقت وبحسب الإنكليزية القديمة "ليبقِك الرب بسعادة".
خلال القرن السابع عشر تم نقل أغاني الميلاد الى المستعمرات الأميركية من قبل البريطانيين،كما أن الحجاج كانوا يجلبون معهم بعض الأغاني، و معظم الترانيم والتراتيل التي توضع في الكنائس البريطانية تعود إلى تلك الفترة.
أما القرن الثامن عشر فقد كان عصر انتشار أغاني الأعياد التي اكتسبت شعبية بين الملحنين، وذلك بسبب ظهور مايسمى حقوق النشر. كما قام الموسيقي المشهورGeorge Frederick Händel بتلحين عدة أغاني ما يزال بعضها معروفاً حتى الآن ومنها "Joy to the World" و"We Think".
أما العام 1840 فقد شهد تغيير بشكل الاحتفال، وذلك بسبب زواج الأمير الألماني ألبرت من فيكتوريا ملكة إنكلترا، حيث جاءت معه عادات المانيا القديمة ومنها الاحتفال بالميلاد والذي هو احتفال شتوي يعود إلى التقاليد الألمانية كما كان احتفال وثني. وبهذا تم مزج الأسلوب الألماني و الإنكليزي بالاحتفال.
وفي منتصف القرن 19 (1838-1868) تم توزيع وكتابة أول مجموعة لألحان الميلاد عُرِفَ منها:
(1846-50) "It Came Upon a Midnight Clear"
(1853) "Good Kind Wenceslas"
(1850-59) "Jingle Bells"
(1868) "O Little Town of Bethlehem"
ومن أغاني تلك الفترة التي أصبحت مشهورة فيما بعد"Gather Around the Christmas Tree" و"We Three Kings of Orient Are"
ولكن في منتصف إلى أواخر القرن 19 لم تعد الأغاني تكتب فقط، بل انتشرت الترجمة، وبشكل خاص من الفرنسية الى الإنكليزية مثل "Adeste Fideles" عام 1841، وتمت إضافة الكلمات الى الألحان القديمة مثل المقطع 2 و 3 من "O Christmas Tree" في عام1824 ،
وفي العام 1871 تم إعادة توزيع ثلاث ألحان تعود للقرون القديمة وهي:
" The First Noel" القرن 13
"God Rest Ye Merry Gentlemen" القرن 16
"Here We Come A-caroling" القرن 17
ومع دخول القرن العشرين ساهم انتشار وسائل الإعلام ( التلفاز، الإذاعة، أجهزة التسجيل، والسينما ) في بث أغاني الميلاد تبث التي أصبحت تصل إلينا عبرها.
ونذكر من أوائل الأغاني التي تم بثها على الراديو: "Santa Claus Is Coming to Town" وهي أغنية للأطفال ( 1932-1934)
لحن "Winter Wonderland" عام 1934 والذي قام بتسجيلهGuy Lombardo ومن ثم لاقى شعبية كبيرة عند تأديته من قبل Andrews Sisters عام 1950
ومن أشهر مؤلفي تلك الفترة: Bing Crosby، Bob Hope، Judy Garland
كما أن عدة أغاني تم غناؤها ضمن الأفلام لكن المغنيين هم من جعلوها تبقى في الذاكرة مثل:
أغنية الميلاد الأبيض "White Christmas" للمغني Irving Berling من فيلم "Holiday Inn" والتي تصدرت مبيعات أغاني الميلاد، كما كانت الأغنية المحبوبة و الأكثر شعبية حيث أصدر حوالي 500 نسخة منها و بِ 12 لغة مختلفة. ولكنها أصبحت ذات شعبية عندما تم اداؤها بصوتBing Crosby
بالنهاية نترككم مع مجموعة من التراتيل التي نامل أن تنال إعجابكم. كما نتمنى لكم ميلاداً مجيداً وكل عام وأنتم بخير:
وأنتم متابعينا شاركونا بالترانيم و الأغاني الميلادية التي تحبونها
المصادر:
الترنيمة المشرقية :
هنا
هنا
هنا
تاريخ الترنيمة في أوروبا :
هنا
هنا
هنا