حياة النساء في العصور الوسطى
التاريخ وعلم الآثار >>>> التاريخ
هل سبق لك أن تساءلت كيف كانت حياة ربة منزل عادية في العصور الوسطى؟ أو ما هو مقدار طاقة سيدة العصور الوسطى حقا؟ كل شيء عن ربات البيوت في العصور الوسطى، الفلاحات والسيدات المهمات والنساء اللواتي عملن بالتجارة والنساء في الكنيسة موجود في كتاب رائع يحمل العنوان "ربات المنزل في القرون الوسطى ونساء أخرى من هذا العصر".وحيث أن توجه المؤرخين في الماضي كان إلى ما لا تستطيع المرأة فعله، خرج هذا الكتاب من وجهة نظر الكاتبة توني ماونت التي صورت حياة هؤلاء النساء في ضوء أكثر إيجابية، حيث امتلكت المعرفة لحقوقهن والفرص المتاحة لهن، محاولةً كشف نساء حقيقيات كن تحت طبقات من الغبار المتراكم على مر القرون.نشر الكتاب في آذار من العام 2014.
بعد يوم من الحياة اليومية في العصور الوسطى في لندن ما زالت الكاتبة توني تتعمق في حياة نساء ذاك العصر من جميع نواحي الحياة. من فلاحات يعملن في الحقل، لنساء عملن في التجارة. ومن يوم حافل لربة منزل إلى يوم مرهق بنفس القدر لامرأة نبيلة، وحنى النساء اللواتي لا نفكر بهن بنفس القدر؛ نساء الكنيسة. هذا الكتاب يقدم لك الحياة اليومية لنساء عاديات وملحوظات أكثر مما تعتقد.
وكما ذكر فإن المؤرخين القدماء كانوا يركزون على ما لا تستطيع النساء فعله، مما قد يضائل من أهمية المرأة في العصور الوسطى نتيجة لذلك، ولكن ذلك يعتمد على موقفك. فليس لدى الكاتبة شيء سوى الإعجاب بالنساء اللواتي يطبخن ويصنعن الخمر وينظفن ويغسلن ويخطن ويصنعن منتجات الألبان ويعتنين بالخنازير والدواجن والأبقار والأغنام، هذا كله جنباً الى جنب مع رعاية الأطفال والأنجاب، بالاضافة لمساعدتهن لأزوجهن في ورشات العمل أو في الحقل. تعداد هذه الأعمال فقط هو عمل شاق بحد ذاته. وهذا كله كان يحصل بدون الغسالة الكهربائية أو آلة تنظيف الغبار أو غسالة الصحون أو المجفف أو المكواة أو المايكرويف أوالفرن. لقد كن بطلات حقيقيات.
وقد كان من المتوقع من المرأة أن تتعلم عن إدارة الأسرة، حيث كتب "غودمان من باريس"كتاباً كاملاً عن هذا الموضوع في عام 1395م، وهوعبارة عن تعليمات لعروسه الجديدة ، التي تراوح عمرها بين 15- 16عام، يخبرها كيف أراد لها أن تدير منزله، حيث كان هو أرملاُ في الستينات من عمره. هذا الكتاب ليس بحجم شهرة كتاب "السيدة بيتون في إدارة الاسرة "، ولكن غودمان، أعطى زوجته تعليمات كاملة عن كيفية لبسها، وقائمة بأفضل الجزارين والخبازين وباعة الديك الرومي وباعة السمك في باريس، وكذلك ذكر التسليات التي يظنها مناسبة لامرأة شابة، مثل بعض الألعاب المنزلية. والأهم من هذا هو كيف أنها يجب أن تعطيه الكثير من الاهتمام الشخصي، بما في ذلك غسل قدميه عند العودة إلى المنزل من العمل. أما التعليم الذي من الممكن أن تتلقاه المرأة في ذلك العصر فهو في الغالب التربية العملية، ولكن أن تكون المرأة زوجةً لتاجر أو للورد فمن الممكن أن تضطر لتفسير الحسابات أوعلى الأقل تقدير الحساب المطلوب. إذ على عكس اليوم، لم يكن هناك نظام عشري وكانت حسابات المال عبارة عن كابوس، ومثال على ذلك: 12 بنس = الشلن (عملة بريطانية قديمة)، و20 شلن = 1 جنيه. أما الأوزان والمقاييس كانت أكثر تعقيداً، على سبيل المثال: يتم شراء القش على حسب الكمية التي يستطيع رجل أن يحملها ، وعلى هذا يكون المقياس كثير التغيير. وفي بعض الأحيان نتخيل النساء النبيلات يخيطن معظم اليوم، ولكن كانت لديهن مسؤوليات أسرية كبيرة. فالعمل في أسرة نبيلة هو مثل تشغيل شركة خدمات لوجستية حديثة مع متطلباتها المالية والسياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية! كانت نيكولا دو لا هاي آمرة القلعة في قلعة لينكولن وصمدت ضد الحصار، وترأست رجالها على أسوار القلعة خلال الحرب الأهلية من حكم الملك ستيفن في القرن الثاني عشر. كما أن الكونتيسة ليستر أجرت المحادثات الدبلوماسية واستضافت الأساقفة الأقوياء ومواطني موانئ سينك بالنيابة عن زوجها عام 1263م . وكان لامرأة متزوجة من تاجر أن تشارك في الأعمال التجارية للعائلة أو ان تعمل أعمالاً مرتبطة بعمل زوجها. فزوجة الجزارغالبا ما تبيع الشموع الشحمية التي تصنعها من دهون الحيوانات. وزوجة الخمار قد تدير حانة، لسهولة الحصول على النبيذ من خلال عمل زوجها بالتجارة. أما زوجة تاجر الاقمشة فكانت تصنع الحرير بالاعتماد على زوجها في استيراد شرانق الحرير الخام.
بالاضافة لهذه المشاريع التجارية التي ذكرت، تستطيع ربة المنزل أن تحضر الصوف وتنسجه كملابس لاسرتها، أما الملابس الإضافية التي تصنعها فيمكن أن تبيعها في السوق. حتى البيرة كانت تخمر من قبل ربة المنزل وتستهلكها الاسرة، لكن وبسبب أن البيرة تظهر عليها نكهة الحموضة بسرعة كان الفائض منها يتم بيعه، حيث تحول ربة المنزل منزلها لحانة مؤقتة وتزود جيرانها بالبيرة إلى أن يصبح دورهم في تخمير البيرة.
بالنظر إلى أفقر الطبقات، قسوة يوم المرأة الفلاحة يمكن التعبيرعنها بأغنية تعود للقرن الخامس عشر يطلق عليها اسم (الزوج المستبد) يقوم فيها حارث بتحدي زوجته لمبادلة عمليهما ليوم واحد، وتحداها أن تذهب للحرث مع الصبي والثيران والخيول. قبلت الزوجة التحدي وعددت له كل شيء سيكون عليه القيام به. وعدد المهام التي تقوم بها منذ الصباح الباكر بعد أن تكون مستيقظة حتى منتصف الليل مع ابنها الصغير كان هائلاً، بينما زوجها كان لا يزال نائماً في السرير. فرد عليها "علميني أكثر يا ربة المنزل! ". للأسف، فإن نهاية الأغنية غير معروفة ولانعرف من فاز حقيقة بالتحدي ولكن يمكن لنا أن نخمن. ومع أننا لم نسمع كثيراً عن العنف المنزلي، إلا أنه كان ملحوظاً أن كان مسموحاً للرجل أن يضرب زوجته في القانون.كما أنه كان مقبولاً اجتماعياً ولكن في حدود المعقول. حيث أن هناك حالات سجلت لرجال تحت بند (الضرب المفرط للزوجة) مما يوحي وجود حدود اجتماعية وكذلك قانونية آنذاك. ولكن ما كان غير مقبول هو أن تنتقم الزوجة وتضرب زوجها، حتى وإن كان هذا يحدث بلا شك. وكان ضرب الزوج معروفاً كموضوع للمنحوتات وأماكن أخرى خفية في فن العصور الوسطى حيث كان ممتعاً في بعض الاعمال.
وما كان يعجب الكاتبة في إمرأة من العصور الوسطى مرونتها وقدرتها التي لا تصدق على العمل الجاد. فقد أحبت نساء العصور الوسطى أزواجهن وأطفالهن، و رعوهن عندما كانوا مرضى، وصلين لهم في وقت كان الدين بأشد قوته وذا مغزى. بالإضافة لشجاعتهن وإنسانيتهن التي كانت تثير أشد آيات الإعجاب لديها.
المصدر:
هنا