الحاضر المزيف
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة
العَدَميّة، هي الرأي القائل بأن لا شيء موجود بالحقيقة! ومفارقة الحاضر المزيف هي تطبيق العدمية على الكون، فحتى يكون شيءٌ ما موجوداً عليه أن يحقق شرط الوجود لزمن معيّن، أي عليه أن يكون موجوداً من اللحظة كذا إلى اللحظة كذا وهذا أمر منطقي جدا، فالقول بأن أمر ما وجِدَ في لحظة وفي نفس اللحظة اختفى يؤول إلى أن هذه الشيء لم يوجد أصلا! وهذا هو معنى أن يحقق كل الموجودات شرط الوجود لزمن محدد.
الماضي والمستقبل غير موجودين وفقاً لذلك، فهما ليسا في أي مكان في العالم، ومن الممكن أن الماضي قد وجد مرّة، ومن الممكن أيضاً أن نتائجه ماتزال موجودة إلى يومنا هذا، لكن الماضي ليس موجودا الأن، وإن كان كذلك فأين هو؟ وكذلك الأمر بالنسبة للمستقبل أيضا، ليس موجوداً اليوم، ولربما سيوجد في وقت لاحق، أما الأن فهو غير موجود، ولو كان كذلك فأين هو؟
من الواضح جدّا أن الماضي والمستقبل غير موجودين، والكون ماهو إلا المجال الممتد بينهما، وهو الحاضر.
ولكن السؤال الحقيقي الآن هو التالي: كم هو طول هذا المجال بين الماضي والمستقبل؟ وإن كان الحاضر موجوداً، فكم طول فترته الزمنية؟ دقيقة؟ ثانية؟ نانو ثانية؟
من الواضح أن الحاضر لا يدوم ولو لدقيقة! فالدقيقة بحد ذاتها تحوي أجزاء زمنية مختلفة، أولها بداية الدقيقة، ثم وسطها، ثم آخر أجزاء الدقيقة! فإن كان اولها هو الحاضر فإن وسطها وأخرها هما المستقبل، وإن كان وسطها هو الحاضر فأولها هو الماضي وأخرها هو المستقبل، وإن كان أخرها هو الحاضر فإن أولها ووسطها هما الماضي. وإن صحّت أي من الحالات السابقة فإن الحاضر الذي هو تلك الدقيقة سيتكون من عناصر الماضي والحاضر والمستقبل معاً! وهذا مخالف لتعريف الحاضر! فالحاضر هو الحاضر فقط ولا يشمل أي من الماضي الذي يسبقه ولا المستقبل الذي يليه!
الأمر ذاته سيكون واقعا إن افترضنا ان الحاضر ماهو إلا ثانية أو حتى جزء من مئة مليون جزء من الثانية، فعلى أي حال ستتكون هذه المدة الزمنية من أجزاء زمنية اصغر هي، أولها، وسطها وآخرها!
فنستطيع عندها أن نفرض الفرضيات الثلاثة السابقة – أن الحاضر هو أولها أو وسطها أو اخرها، وفي هذه الحالة، فإن وجدت اي قيمة لطول الحاضر فستكون مكوّنة من الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا يخالف تعريف الحاضر!
وإن انعدام المجال بين الماضي والمستقبل يعني عدم وجود فترة زمنية يكون عندها امتداد الحاضر، وكما قلنا سابقا، فإن كل ما لا يمتد وجوده على فترة زمنية محدودة هو غير موجود! إذا، فالحاضر كالمستقبل والماضي غير موجود أيضا!
وبما أن كل من هذه الأشياء الثلاثة غير موجودة، فما هو الموجود إذا؟ لا شيء! لا شيء موجود وهذا بالذات إثبات نظرية إنعدام الكون!
المقال الأصلي: هنا
مصدر الصورة: هنا