التجارب تؤكد ثبات سرعة الضوء في وجه التأثيرات الكمومية
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
فقد قام الباحثون بتحليل البيانات التي جمعها تلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة غاما و الخاصة بزمن وصول فوتونات الومضات الانفجارية* من أشعة غاما distant gamma-ray burst وأظهرت هذه البيانات بأن الفوتونات التي سافرت لمليارات السنين قادمةً من مسافات بعيدة ضمن هذه الومضات إلى الأرض وصلت كلها بفارق أجزاء بسيطة من الثانية عن بعضها البعض. مما يدل على أن جميع الفوتونات على اختلاف تردداتها – وبالتالي طاقاتها- تتحرك بالسرعة نفسها. عملية القياس هذه هي أفضل القياسات التي تؤكد عدم وجود علاقة بين سرعة الضوء ومقدار الطاقة التي تحملها الفوتونات.
بالإضافة لكون هذا القياس تأكيداً جديد للنسبية العامة ، فهو أيضا ينفي واحدة من أهم الأفكار المتعلقة بتوحيد النسبية العامة مع ميكانيك الكم. فبالرغم من أن هاتين النظريتين تشكلان قطبيّ الفيزياء في الوقت الحاضر، فهناك تناقض جوهري بينهما يعتمد جزئياً على مبدأ الشك لهايزنبرغ والذي يشكل أهم الأفكار الأساسية في ميكانيك الكم.
أحد محاولات الجمع بين النظريتين تعتمد على فكرة تدعى الرغوة الزمكانية أو Space-time foam، وهي الفكرة القائلة بأن النسيج الزمكاني المكوّن لعالمنا ليس هادئاً وفارغاً عند الأبعاد الصغيرة . فاستناداً لمبدأ الشك لهايزنبرغ لا يمكن تحديد طاقة جملة ما في لحظة محددة، لذلك يمكن مثلا خلال فاصل زمني قصير جداً أن يتشكل زوج من الجسيمات: جسيم وجسيم مضاد ليعودا ويفنيا بعضهما في وقت قصير جداً. وبحسب قواعد ميكانيك الكم فالفراغ يعج بهذه الجسيمات مما قد يعاكس فكرتك عن وجود فراغ تام لا يحوي شيئاً فعلى المستوى الميكروسكوبي الصغير جداً يكون الفراغ مزدحماً بالجسيمات التي تتشكل وتفنى بسرعة مما يجعل الوضع أشبه بمليارات الفقاعات المتزاحمة. لذلك أطلق الفيزيائي جون ويلر عليها اسم "الرغوة الكمومية" كما تسمى هذه الفكرة أيضا بالرغوة الزمكانية. فكما ذكرنا حجم هذه "الفقاعات" أصغر بكثير من أن نتخيله و من المستحيل قياسه مباشرةً في الوقت الحاضر، ومع ذلك فالفوتونات التي تتحرك خلال هذا النسيج الفقاعي سوف تتأثر بالبنية الفقاعية للنسيج الزمكاني وسيؤدي هذا بدوره إلى انتشار هذه الجسيمات بسرعات مختلفة بشكل ضئيل عن بعضها البعض اعتماداً على مقدار الطاقة التي يحملها كل واحد منها.
ولكن التجربة تُظهر كما ذكرنا أن الفوتونات تصل مع بعضها تماماً مع أنه من المفترض أنها قطعت مليارات السنين الضوئية عبر الرغوة الزمكانية مما يعني أن هذه الفقاعات الزمكانية في حال وجودها فهي أصغر بكثير مما كان متوقعاً مما يضع حداً أقصى لمدى أبعادها الذي يمكن افتراضه. ويقول البروفيسور Tsvi Piran " عندما بدأنا بتحليل البيانات، لم نكن نتوقع أن نحصل على مثل هذه القياسات الدقيقة." كما أنه يوضح أن هذا الحد الجديد لأبعاد الرغوة الزمكانية في حال وجودها سيقود العلماء في وضعهم لنماذج الجاذبية الكمومية في سبيل دمج النسبية العامة مع ميكانيك الكم.
*الومضات الانفجارية من أشعة غاما: وهي ومضات عالية الطاقة من أشعة غاما التي قد تكون صادرة عن انهيار النجوم بتأثير الجاذبية قُبيل تشكل الثقوب السوداء أو عند انفجارات السوبرنوفا الشديدة.
المصادر:
هنا
A Planck-scale limit on spacetime fuzziness and stochastic Lorentz invariance violation، Nature، 2015
Vlasios Vasileiou، Jonathan Granot، Tsvi Piran Giovanni Amelino-Camel،
DOI: 10.1038/nphys3270
حقوق الصورة: NASA/Dana Berry/Skyworks Digital