الوسواس القهري
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
يُقالُ إنَّ الممثلة كاميرون دياز تمسح مقابضَ الأبواب وتفركها بشدة قبل أن تستخدمها حتى يكاد لونها يزول تمامًا، وتُقدِم في كثير من الأحيان على فتح الأبواب بمرفقها خوفًا من الجراثيم. ويُقال إنَّ رجل الأعمال الشهير دونالد ترامب لا يُصافح أحدًا يدًا بيد، ويتحاشى دائمًا أن يضغط على زر المصعد (G) الذي يُوصل إلى الطابق الأرضي. أما المغنية فيونا آبل فهي تُواظب على إبقاء محتويات القمامة مرتبة! المصادر :
يُعاني هؤلاء اضطرابًا يُدعى بـ (الوسواس القهري).
الوسواس القهري: هو واحد من اضطرابات القلق، ويتظاهر صاحبها بأفكار وهواجس من المستحيل مقاومتها وتصرفات وسلوكيات مَقُودَة بواسطتها، وعلى الرغم من اقتناع المريض بسخافة هذا التفكير؛ ولكنَّ هذه الفكرة تكون قهرية؛ أي إنه لا يستطيع إزالتها أو التخلُّص منها. ويتدخَّل هذا الاضطراب في حياة الفرد وأعماله الاعتيادية، وقد يعيقه تمامًا عن العمل. والمألوف عن هذا الاضطراب أنَّه يظهر بأنماط عدة؛ منها:
1 – هواجس اجتياحية تتضمن أفكارًا جنسية أو دينية أو مرتبطة بإحداث ضررٍ جسدي أو دوافع لتكرار تفقد الأشياء.
2 – هوس بالتناسق والتنظيم؛ وهو مترافق مع أفعال الترتيب والحفاظ على التناظر والدقة الشديدة (كما في مسلسل Monk).
3 – هوس العدوى والتلوث؛ وهو مترافق مع التنظيف والغسيل المُتكرِّر.
إنَّ هذا الوسواس سائدٌ بنسبة 2% من السكان في أنحاء العالم، وهو معروف في الحقل الطبي منذ أكثر من 100 سنة، ويميل إلى إصابة الذكور أكثر من الإناث؛ ولكن لا تزال الدراسات جاريةً فيما يخصُّ الفروق في الإصابة به أو بَدء ظهور الأعراض بين الجنسين.
يُعاني المصابون باضطراب الوسواس القهري أنواعًا أخرى من الاضطرابات المرتبطة بالقلق كالاكتئاب أكثر من غيرهم، والمتوسط العمري لبداية ظهور هذا الاضطراب هو سنُّ الـ 19، وعلى الرغم من ذلك؛ لكن قد تبدأ أعراضه بالظهور منذ الطفولة أو فترة المراهقة، ويتطوَّر في سن الثلاثين. ولا يستوعب المصابون بهذا الاضطراب في سن الطفولة أنَّ هذه الأفكار والهواجس غير عقلانية؛ بل ويصابون بنوبات من الغضب إذا حاول الأهل إيقافهم عن الانصياع لها. ويُعاني الأطفال والمراهقون -إضافة إلى الأعراض المعتادة- أعراضًا جسديةً كالصداع والإرهاق والاضطرابات الهضمية.
كثيرًا ما تتطور عادةُ نتف الشعر على نحوٍ مزمن لدى المصابين باضطراب الوسواس القهري، إضافة إلى اضطرابات الشهية (الشَّرَه المرضي وفقدان الشهية المرضي)، ويجعلهم عرضة لمخاوف مفرطة بشأن أجسادهم كما في داء المُراق؛ وهو داء عصبي يتميز بقلق مُفرط من الإصابة بمرض خطير.
لا يوجد مُسبِّب مُحدَّد للوسواس القهري؛ ولكن قد يُساهم تاريخُ العائلة واضطرابُ التوازن في كيميائية الدماغ في تطور المرض. وعلى الرغم من عدِّ التاريخ العائلي عاملَ خطورة؛ لكنَّ معظم من يصابون بالوسواس لا يمتلكون تاريخًا عائليًّا للإصابة، ويُعتقَد أنَّ اختلال توازن هرمون السيروتونين يُساهم في تطور المرض، وتعدُّ بعض الضغوطات النفسية عاملًا خطرًا يرفع إمكانية الإصابة بالوسواس كأن يكون الشخص البالغ ضحية للاعتداء الجنسي في طفولته.
ومن جهة أخرى؛ فقد أظهرت دراسات حديثة أنَّ العدوى البكتيرية بالمكورات العقدية قد تُحفِّز حدوث الوسواس القهري لدى الأطفال؛ إذ إنَّ الأجسام الضدِّية التي ينتجها الجهاز المناعي لمكافحة العدوى قد تُهاجم الجزء الذي يتحكَّم بالعواطف والسلوك والحركات الجسدية من الدماغ، وتُسمَّى هذه الحالات اختلالات المناعة الذاتية النفسية والعصبية المُصاحِبة للعدوى البكتيرية بالمكورات العقدية لدى الأطفال، وتُدعى اختصارًا PANDAS. ونشرت مجلة Nature بحثًا في يناير 2012 يُفيدُ بأنَّ خللًا في الدماغ قد يكون السبب في اضطراب الوسواس القهري؛ إذ أظهر تصويرُ الدماغ عند أفراد مصابين بالوسواس القهري نشاطًا متزايدًا في منطقة القشر الحجاجي الجبهي (المنطقة المعنيَّة باتخاذ القرارات)، وكذلك في منطقة الجسم المخطط (وهي مرتبطة بالوظائف الحركية والإدراكية)؛ ولكنه من الصعب تبيان وجود علاقة سببية.
هناك عديدٌ من الأساليب المُتَّبعة لعلاج هذه الحالة، بَدءًا بالعلاج النفسي مرورًا بالمعالجة الدوائية (مثل الفلوكسيتين والكاربامازيبين)، وانتهاءً بأساليب لا تزال قيد التجارب ولم تُطبَّق بعدُ على البشر مثل التقنيات المُعتمدة على علم الجينات الضوئي؛ والتي تُساعد على تشغيل خلايا دماغية معنية بالحالة وتعطيلها باستخدام الضوء، ومثل تقنية زرع نِقي العظم؛ والتي تعتمد على الرابط بين الاضطرابات النفسية واضطرابات الجهاز المناعي. وتُظهِر هاتان التقنيتان مستقبلًا واعدًا في علاج الوسواس القهري.
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
لا تبخل على الآخرين بالمعلومة، انشرها واجعل غيرك يستفيد