تقنيات التعديل الجيني وآمال كبيرة في علاجات جديدة
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
من أجل تجاوز هذا العائق، قام الباحثون مؤخراً بإيجاد طريقة محتملة تتمثل باستخدام أنزيم Cas9 يرمز بواسطة جين أصغر بنحو ¾ من حجم ذلك المستخدم حالياً، والذي يمكن أن يكون وسيلة حديثة قد تفتح الباب أمام علاجات جديدة لمجموعة من الأمراض الوراثية.
يقول David Liu، عالم الأحياء الكيميائي في جامعة هارفرد في مدينة كامبرج: "هناك آلاف الأمراض في البشر ترتبط بتغيرات جينية معينة، وجزء كبير نسبياً منها يمكن معالجته باستخدام تعديل الجينوم".
أثارت تقنية تعديل الجينوم جدلاً واسعاً منذ بداية ظهورها، مع وجود تقارير غير مؤكدة عن استخدامها في الأجنة البشرية، حيث أعرب بعض العلماء عن قلقهم بأن هذه التقنية قد يستخدمها الأطباء المختصين بالخصوبة والتكاثر لتعديل الجينات في الأجنة البشرية قبل التأكد من أمانها. وتفاقم هذا القلق نظراً لكون هذه التغيرات التي يتم إجراؤها على الأجنة البشرية، قد يؤدي إلى تمريرها لجميع الأجيال اللاحقة دون إعطاء المتأثرين بها أي فرصة للموافقة على ذلك.
ولكن من جهة أخرى، فإن تطبيق هذه التقنية على الخلايا غير الجنسية عند الأطفال والبالغين، والتي لا تشكل قلقاً على الأجيال والتكاثر، يشكل هدفاً للباحثين وللشركات الطبية حالياً، والذين يتسابقون لتطوير CRISPR كأداة علاجية.
إن الأخلاقيات في هذه المسألة قد تبدو واضحة، لكن تنفيذها يمكن أن يكون أكثر صعوبة من استخدام CRISPR في الأجنة. إذ يتكون الجنين من عدد قليل من الخلايا التي تنمو لتشكل الإنسان، أي أن تعديل الجينوم في تلك المرحلة هو مجرد حقن لمكونات CRISPR اللازمة في عدد قليل من الخلايا. أما الإنسان البالغ فهو مزيج من تريليونات الخلايا التي تتجمع في الأنسجة المختلفة. ولذلك يقلق الباحثون من كيفية جعل ألية CRISPR تستهدف خلايا محددة فقط التي تتواجد فيها الجينات المعيبة التي تعيق العمليات الفيزيولوجية.
وفي هذا السياق يقول أحد الهادفين لنقل هذه التقنية لعيادته الخاصة والرئيس التنفيذي لشركة Intellia الدوائية في مدينة كامبردج، Nessan Bermingham: "يمكنك أن تمتلك أفضل نظام لتعديل الجينات في العالم لكنك إن لم تستطع إيصاله إلى الخلايا الصحيحة، فلن يكون له أي فائدة تذكر، ونحن ننفق الكثير من الجهد والوقت في سبيل تحقيق هدفنا"
يقوم الباحثون المختصون بالعلاج الجيني باستخدام الفيروس الغدي المترافق AAV لنقل الجينات الغريبة إلى الخلايا البشرية. وتعتمد معظم المخابر على نقل الجين المشفر للبروتين Cas9، ومن أهم الصعوبات التي تواجه هذه العملية أن جينوم الفيروس المستخدم في النقل يكون صغيراً وغير قادر على استيعاب جميع المعلومات الوراثية اللازمة لتشفير الجين المطلوب. ومن أجل تجاوز هذه الصعوبة عمد Feng Zhang وزملاؤه بالبحث في العديد من الأنواع البكتيرية التي تحتوي على تتابعات وراثية تشفر لنفس الجين. حيث تقوم البكتريا بتطيبق نظام CRISPR طبيعيا لإزالة تتابعات الــDNA غير المرغوبة خارج جينومها. وقد قام الفريق بتحليل الجينات التي تشفر أكثر من 600 أنزيم لـCas9 من مئات البكتريا بحثاً عن نسخة أصغر يمكن وضعها في AAV ونقلها إلى الخلايا البشرية الجسمية.
وأخيراً وجد الفريق البحثي ضالته في المكورات العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus (وهي بكتريا تسبب التهابات جلدية وحالات من التسمم الغذائي)، والتي تحتوي على جين مشفر لــ Cas9 أصغر ب1000 حرف DNA من الجين المستخدم عادة. تمكن الباحثون بعدها من إدخاله في جينوم AAV إلى جانب جزيئات RNA والذي يعمل على تعديل الجين المنظم للكوليسترول في الكبد. وخلال أسبوع من حقن الفئرات بالفيروس المعدّل، وجد الفريق أن أكثر من 40% من خلايا الكبد كانت تحتوي على الجين المعدل.
ولقد وجد David Liu الذي قام في وقت وقت سابق بتطوير طريقة لنقل بروتينات Cas9 الأكبر حجماً بجانب دليلها من جزيئات RNA إلى داخل الخلايا بدون الاعتماد على الفيروس، أنَّ هذه الطريقة تشكل إضافة رائعة وأداة فعالة وضعها فرق البحث تحت تصرف العاملين في الهندسة الجينية.
في الوقت الراهن، يسعى مهندس الطب الحيوي Charles Gersbach في جامعة Duke في ديورهان، شمال كاليفورنيا لاستخدام أنزيمات Cas9 الصغيرة في الفئران لمحاولة تصحيح الطفرات المرتبطة بمرض ضمور العضلات Duchenne muscular dystrophy، وهو مرض بشري مدمر يصيب 1 من كل 3500 ولد في العالم، وقد تكون هذه أحد طرق إدخال تقنية CRISPR إلى العيادة، ربما يكون هذا الكلام سابقاً لأوانه، لكن هذا الحقل سريع التطور، وهناك الكثير من الأشياء التي لم يتم تجربتها واختبارها بعد على حد قوله.
المصادر:
هنا
هنا