هل يمكننا القول وداعاً للشيخوخة؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المورثات والوراثة
تُصيب متلازمة فيرنر ما يقارب شخصاً واحداً من كل 200,000 شخصٍ في الولايات المتحدة وتنتج عن طفرة في المورثة المسمّاة بمورثة متلازمة فيرنر WRN والتي تُنتِج بروتيناً يدعى ببروتين WRN أيضاً، وقد بيّنت دراساتٌ سابقةٌ أنّ الشكل السليم من البروتين هو عبارة عن إنزيم يحافظ على بنية وسلامة DNA الفرد، ولكن عند حدوث طفرة في المورثة المسؤولة عن الترميز لهذا البروتين فإنَّه يعرقل نسخَ وإصلاحَ الـ DNA كما يشوّش عمليةَ التعبير المورثيّ والذي كان يُعتقد أنه سبب الشيخوخة المبكرة في متلازمة فيرنر، ولكن، ما لم يكن واضحاً كفايةً هو الآلية التي يعيق بها بروتين WRN الطّافر هذه العمليات الخلوية الهامّة.
ولتحديد هذه الآلية قام الباحثون في هذه الدراسة بإنشاء نموذج خلوي لمتلازمة فيرنر وذلك باستخدام أحدث تقنيات التعديل المورثيّ بهدف حذف مورثة فيرنر من خلايا جذعية بشرية، أعطى هذا النموذج الخلويّ الجذعيّ للمتلازمة إمكانياتٍ هائلة مكّنت العلماء من دراسة تقدّم الخلايا في السن في المختبر. كانت الخلايا الناتجة محاكيةً للطفرة الوراثية الموجودة عند مرضى متلازمة فيرنر حيث سَبقت هذه الخلايا (المنمّاة مخبرياً) الخلايا الطبيعية في الدخول في طور الشيخوخة، وعند إجراء فحص دقيق للخلايا، اكتشف الباحثون أنّ حذف مورثة فيرنر أدّى أيضاً إلى اختلال بنية الكروماتين المتغاير.
يعمل تَحَزُّم الـ DNA على التحكم بنشاط المورثات وقيادة العمليات الجزيئية المعقّدة في الخلية، حيث توجد على الجهة الخارجية لحُزَم الكروماتين المتغاير علامات كيميائية تُعرَف بالإشارات فوق الوراثية تقوم بالتحكّم ببنية الكروماتين المُتغاير. وعلى سبيل المثال، تؤدّي التعديلات في هذه العلامات الوراثية إلى تغيير بنية الكروماتين المتغاير فينتج عن ذلك تعبير الجينات عن نفسها أو تَنَحّيها، ومما يؤكّد هذه النتيجة أنّ باحثي معهد سالك اكتشفوا لاحقاً أنّ بروتين فيرنر يتفاعل بشكلٍ مباشرٍ مع بنىً جزيئية تُعرف بأنّها تحافظ على استقرار الكروماتين المتغاير. وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها ربط بروتين فيرنر الطّافر بشكلٍ مباشرٍ مع عدم استقرار الكروماتين المُتغاير.
الخلاصة هي أنّ تراكمَ التغيّرات في بنية الكروماتين المُتغاير على مرّ السنين ربما كان عاملاً رئيسياً من عوامل الشيخوخة على المستوى الخلوي، والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كان عكسُ هذه التغيّرات ممكناً بغرض التخلّص من الأعراض والأمراض المرتبطة بالشيخوخة!
بالطّبع، ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الدراسات المكثّفة لنفهم تماماً كيف يُسهم اختلال بنية الكروماتين المُتغاير في التقدم بالسن، بما في ذلك فهم كيفيّة تآثره مع العمليات الخلوية الأخرى المرتبطة بالشيخوخة. هذا ويعمل جزءٌ من فريق الدراسة الآن على تطوير تقنيات التعديل فوق الوراثي للتمكّن من عكس التغيّرات فوق الوراثية خاصّة فيما يتعلّق بتقدم السن والأمراض المختلفة.
*الكروماتين المُتغاير: هو جزء من الـصّبغي، يُعتَبر خاملاً وراثياً (ليس له دورٌ في التعبير الجينيّ) إلّا أنّه قد يكون له دور في التّحكّم بالأنشطة الاستقلابية، و عملية النّسخ، والانقسام الخلويّ.
المصدر: هنا
مصدر الحاشية: هنا