الاكتئاب قد يكون نذيراً للإصابة بداء باركنسون
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
تبدأ الأعراض الحركية لداء باركنسون في سنٍّ متأخرة عادة (متوسط أعمار المرضى في المملكة المتحدة هو60 سنة). وهناك الكثير من الدراسات التي اقترحت أساساً جينيّاً للمرض ولكن الجينات التي تم ربطها لحد الآن بـ 'باركنسون' لا تفسر أغلب الحالات.
تبقى العلامة الأكيدة في كل مرضى باركنسون هي وجدود تنكّس في الخلايا التي تحوي مادة الدوبامين في بعض مناطق الدماغ (والدوبامين هي مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ لتؤثر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات بما في ذلك الانتباه، والتوجيه وتحريك الجسم). وهو ما يفسّر أغلب أعراض المرض.
هناك الكثير من الدراسات السابقة التي ربطت بين بعض الأعراض غير الحركية وداء باركنسون التقليدي (بأعراضه الحركية). إذ كان يلاحظ الباحثون أن بعض المرضى يشكون من أعراض أخرى كانخفاض حاسة الشم والإمساك ومن بعض الاضرابات السلوكية كالقلق أو الاكتئاب. لاحظ الباحثون أن هذه الاعرض تأتي قبل الأعراض الحركية بسنوات أحياناً.
سنتكلم في هذا المقال عن دراسة سويدية كبيرة تحاول التأكيد أكثر على الربط بين الاكتئاب وخطر حدوث باركنسون في المستقبل.
شملت الدراسة كل سكان السويد الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب -دون داء باركنسون- ما بين عامي 1987 و2012 وكان عددهم 140،688 وتم ملاءمتهم مع حالات شواهد لم تشخص بالاكتئاب في الفترة نفسها وكان عددهم 421،718.
تم متابعة الحالات في المتوسط مدة 6.8 سنة (كانت تتراوح بين 0 و26 سنة -لكن هناك من المرضى من ينسحب أو يتوفى أثناء الدراسة-)
من بين كل ألف من الذين شملتهم الدراسة (562406)، كان هناك 5 حالات تم تشخيصها بـ 'باركنسون'.
ومن بين كل 100 حالة تم تشخيصها بالاكتئاب ممن شملتهم الدراسة، كان هناك حالة واحدة تم تشخيصها بـ 'باركنسون' لاحقاً. ويعتبر هذا ذا دلالة إحصائية عالية للربط بين المرضين.
كما لاحظت الدراسة ارتفاع خطر الإصابة بداء السكري والسكتات الدماغية والإسراف في شرب الكحول، لدى مرضى الاكتئاب؛ وكذا كان لديهم مستوى تحصيل دراسي أدنى.
لاحظ الباحثون أن الربط بين داء باركنسون والاكتئاب يضعف مع مرور الوقت، فمثلاً فرصة الإصابة بـ 'باركنسون' في السنة الأولى التالية للتشخيص بالاكتئاب أعلى بكثير منها بعد 15 أو 25 سنة من التشخيص.
كما وجدت الدراسة أن زيادة درجة الاكتئاب وزيادة عدد مرات دخول المريض نفسه إلى المشفى بسبب الاكتئاب تزيد خطر الإصابة بداء باركنسون لاحقاً أيضاً.
ينبغي ملاحظة أن هذا التأثير يساعدنا فقط في فهم المرض لا أكثر (قد يمثّل الاكتئاب عامل خطرٍ للإصابة بداء باركنسون)، وليس له تلك الأهمية السريرية، إذ أن نسبة صغيرة فقط من مرضى الاكتئاب في الدراسة (1.1%) قد شُخِّصوا بـ 'باركنسون' لاحقاً.
يقترح أحد مؤلفي الدراسة أن السبب في هذه العلاقة يكمن في أن الاكتئاب قد يتسبب ببعض الإجهاد أو حتى الأذى لخلايا الدماغ وبالتالي يبدأ عملية التنكّس في الخلايا العصبية المشاهدة في مرض باركسون، لذلك ينبغي مراقبة المرضى - وخاصة اليافعين - المصابين بالاكتئاب خوفاً من إصابتهم بداء باركنسون في المستقبل. كما علق على أن العملية نفسها قد تفسر ربط الاكتئاب بالـ 'ألزهايمر' أيضاً.
يبقى هذا مجرد تخمين إذ أن العلاقة السببية بين المرضين - لحد الآن - مجهولة وبالتالي لا نعلم حالياً كيف يمكننا حماية مرضى الاكتئاب من تطوير داء باركنسون مستقبلاً.
قد ترغب في الاطلاع على مقالنا الآخر الذي شرح الأعراض الحركية لداء باركنسون:
هنا
المصادر: هنا
هنا