الفلكلور الصيني: الأساطير والحكايات الفلكلورية
الفنون البصرية >>>> فلكلوريات
-قصة تشونغ يور
قبل زمن طويل كان للأرض تسعة شموس، وبسبب حرارتها العالية لم يتمكن أي كائن حي من العيش على الأرض ما عدا البشر وطائر عملاق عاش البشر تحت ظل جناحه. وفي مقابل الظل الذي أمنّه الطائر لهم، كان عليهم أن يقدموا له فتاة يأكلها كل عام كأضحية.
وفي أحد الأعوام اختار الناس فتاة جميلة كأضحية للطائر، وقد كان للفتاة حبيب ماهر بشكل استثنائي في الرماية. وقد شعر بالاستياء إزاء فكرة التضحية بالفتاة التي يحبها. فقرر الشاب أن الشموس التسعة هي سبب مصيبته تلك، وفكر بأنه إن أطفأ تلك الشموس فستنخفض الحرارة ويصبح العيش ممكناً بدون ظل جناح الطائر. أخذ الشاب الإذن من كبار السن الحكماء وانطلق لإطفاء الشموس، وقد كان عليه أن يخرج من تحت حماية جناح الطائر لتحقيق مهمته. تمكن الشاب من إطفاء ثمانية شموس قبل أن يوقفه الحكماء لأنهم لا يعرفون ما قد يحل بالأرض إن لم يكن لها شمس على الإطلاق. رغم ذلك كان جو الأرض قد أصبح بارداً ومنعشاً بالفعل، واحترق شعر الشاب بالكامل.
مع التغيير الحاصل في مناخ الأرض باتت النباتات والحيوانات قادرة على العيش والنمو فيها، وبالتالي لم يعد الطائر العملاق بحاجة تضحية البشر ليتغذى. تزوج الشاب بفتاته الجميلة وعاشا بسعادة. كبر الشاب ليصبح رجلاً قوياً متمرساً في فنون الصيد، ويجلب اللحم الطازج دائماً لزوجته الجميلة. كان ماهراً في الصيد لدرجة أن الحيوانات لم تملك فرصة للنجاة منه، وخلال وقت قصير باتت المنطقة التي يعيشان فيها خالية من الحيوانات. اشتكت الزوجة من عدم وجود لحم للأكل، ومن أجل تهدئتها أخبرها الزوج أنه يملك وصفة سحرية أعطاه إياها رجل حكيم، وهي وصفة تمكنهما من الانتقال إلى السماء إن لم يستطع الزوج أن يؤمن لزوجته الحياة التي اعتادت عليها. لكنه كان متأكداً أنهما ليسا بحاجة لتلك الوصفة لأنه سيجد اللحم إذا بحث لمسافة أبعد.
ذهب في رحلة صيد طويلة وعاد أخيراً بدجاجة واحدة وجدها. لكنه لم يجد زوجته في البيت حين عاد، بحث طويلاً ولم يجد زوجته أو الوصفة السحرية. نظر إلى السماء ورآها على القمر. شعر الزوج بالغضب وبأن زوجته قد خانته فقرر أن يسقط القمر. ولكن لسوء حظه كان قد أصبح كبيراً في السن وفقد قوته فلم يستطع أكثر من هز القمر قليلاً فظلت زوجته تعيش هناك.
-ما جعل القرود مقدسة:
عندما خُلقت الأرض خُلقت السماء أيضاً، وكُتب كتاب يحوي أسرار السماء. ولحماية البشر من اكتشاف أسرار السماء كُلّفت مجموعة من القرود البيضاء بحماية الكتاب. لكن أحد تلك القرود كان فضولياً جداً فاختلس النظر إلى الكتاب في غياب بقية القرود وتعلم بعض أسرار السماء. فعوقب القرد بأن حكم عليه بحراسة الكتاب للأبد، وبذلك يكون يعرف أسرار السماء لكنه لا يستطيع إخبارها لأحدٍ بها. بينما أُعفي بقية القرود من مهمة حراسة الكتاب وصاروا أحراراً لاستكشاف المزيد من المعرفة من مصادر أخرى.
-قصة رجل البيضة:
في أحد الأيام كان هناك راهب وجد بيضة في النهر قرب المعبد، فالتقطها ورفعها في الضوء ورأى شيئاً ينمو داخلها، لذا وضعها تحت دجاجة لتفقس. بعد سبعة أيام ذهب ليرى الدجاجة فوجدها ميتة وكل بيضها ميت، ووجد في زاوية العش صبياً صغيراً. لم يستطع الصبي أن يتكلم فاكتفى بالابتسام للراهب، واعتبر الراهب ذلك أمراً غير طبيعي فقرر أن يدفن الصبي حياً. لكن الصبي استطاع أن يحفر الأرض ويخرج من ثلاثة قبور ضحلة حفرها الراهب، فأخذه الراهب بيأسٍ بعيداً جداً، دفنه، ووضع صخوراً فوق مكان الدفن، كما أقفل البوابة ليبقي الصبي بعيداً.
رغم أن ذلك لم يمنع الصبي من الهروب من القبر إلا أنه أخّر خروجه من تحت الأرض فتسنى للراهب أن يرتاح بعد نجاحه في نفي مخلوق غير طبيعي. في النهاية خرج صبي البيضة ليجد نفسه وحيداً، كان لا يزال صغيراً جداً وبحاجة الرعاية، فأتى كلب بري ورباه. كبر صبي البيضة ليصبح رجلاً بالغاً أكبر حجماً من معظم الناس في القرية التي عاش فيها، وقد استطاع أن يتكلم.
حين اكتشف رجل البيضة يوماً أن القرد الأبيض الذي يحرس كتاب السماء يأخذ يوم عطلة في السنة، فقرر أن يحصل على الكتاب. ولأنه لم يملك الكثير من الأصدقاء ولم يكن له عمل فقد امتلك الكثير من الوقت طوال العام ليكتشف اليوم الذي يظل الكتاب فيه دون حراسة. لسوء حظه، ورغم تخطيطه المسبق، فلم يكن مستعداً لحجم الجبل الكبير الذي كان عليه أن يتسلقه، فما أن وصل إلى القمة واقترب من الكتاب حتى عاد القرد الأبيض من يوم عطلت. توجّب على رجل البيضة أن يعود إلى قريته وينتظر عاماً آخر ليرى الكتاب، لكنه في المرة الثانية كان مستعداً، فوصل إلى القمة قبل بضعة أيام وانتظر خارج المكان الذي يرقد فيه الكتاب. ما إن غادر القرد الأبيض يوم عطلته حتى ركض الرجل سريعاً إلى الكتاب وبدأ يتعلم أسرار السماء. انهمك رجل البيضة في القراءة طوال اليوم حتى عاد القرد.
لم يكن باستطاعة القرد أن يسمح لفانٍ بالهرب بعد أن عرف أسرار السماء، لذلك احتجز رجل البيضة في المكان مع الكتاب. لم يمانع رجل البيضة ذلك فقد كان لديه المزيد من الوقت لقراءة الكتاب. لكنه بعد عامٍ كاملٍ من القراءة عرف كل ما يحتاج معرفته عن الأسرار، لذا حين غادر القرد يوم عطلته، هرب الرجل عائداً إلى قريته.
تضمنت الأسرار في الكتاب أموراً مثل النار، الحراثة، الري، الموسيقا، والفنون. أخذ القرويون تلك الأسرار وحسنوا بها حياتهم، وانتشرت الأسرار في الصين كلها.
المصدر:
هنا