نظامُ الإنذارِ ضدَّ الزلازل.. سَتحملهُ في جيبِكِ قريباً
الهندسة والآليات >>>> الاتصالات والشبكات
ولقد تمّ تسميةُ هذا النظامِ بِـ (نظامِ الإنذارِ القائمِ على الحشودِ) " Crowed – Sourced "، وعَرَّفتِ الدكتورةُ سارة مينسون -الجيوفيزيائية و المؤلفةُ الرئيسةُ لهذهِ الدراسةِ- هذا النظامَ بأنَّهُ " نظامٌ يسمحُ لِلمجتمعاتِ الاستفادةَ من البياناتِ التي تُولِّدُها المجتمعات ".
وعلى الطرف الآخر، فإنَّ أنظمةَ الإنذارِ المبكرِ لِلزلازلِ الموجودةِ حالياً "EEW" تعملُ على كشفِ بدايةِ وقوعِ الزلازلِ وإرسالِ التحذيراتِ بسرعةٍ إلى الأشخاصِ والنظمِ الآلية. وذلك قبلَ أنْ يشعرُوا حتى بِحدوثِ الاهتزازاتِ في أماكن تواجدهم. وبالرَّغم من أنَّ معظَمَ سكان العالمِ هم عُرضةٌ لِلزلازلِ المدمّرة، إلاّ أنَّ أنظمةَ الإنذارِ المبكر "EEW" لاتعملُ حالياً إلا ضمنَ عددٍ قليلٍ من المناطقِ حولَ العالم: بما فيها اليابان والمكسيك؛ ويعودُ ذلك إلى التكلفةِ الماديةِ الكبيرةِ لِبناءِ شبكاتِ الرصدِ العِلْمِيةِ اللازمة. ونستطيعُ أنْ نرى مما سبق، أنَّ معظمَ دولِ العالمِ لاتتلقى تحذيراتٍ مبكرةٍ ضدَّ الزلازل من نظام "EEW" .
أَمَّا في حالةِ نظامِ الإنذارِ القائمِ على الحشود " Crowed – Sourced "، فإنَّهُ يستخدمُ نظامَ تحديدِ المواقع العالمي "GPS" لِلتنبؤِ بِوقوعِ الزلازل. وعلى الرغمِ من كون أجهزةِ الاستقبالِ الخاصةِ بِنظام الـ "GPS" أقلَّ دقَّةٍ من المعدّاتِ العِلميةِ في نظام "EEW"، إلّا أنَّها كافيةٌ لِلكشفِ عن حركةِ الأرض الدائمة أو عن الإزاحةِ في حركتها؛ و التي تنتُجُ عن حدوثِ زلازل بِشدَّاتٍ تُقارِبُ السبعَ درجاتٍ أو أكثَر على مقياسِ ريختر. وحالما يتِمُّ الكشفُ عن حدوثِ إزاحةٍ ما بواسطةِ أجهزةِ المستخدمين، فإنَّ المعلوماتِ سيتمُّ جمعُها وتحليلُها بِسرعةٍ؛ من أجلِ إنشاءِ التحذيراتِ التي سيُعادُ إرسالُها إلى أولئك المستخدمين في الحال.
وقَامَ الباحثون في هذه الدراسةِ باختبارِ جدوى نظامِ الإنذارِ المبكِّر المعتمدِ على الحشود " Crowed – Source EEW" وذلك عن طريقِ محاكاةٍ لِزلزالٍ قوتُه 7 درجات، حيثُ تمَّ استخدامُ بياناتٍ حقيقيةٍ لِزلزالِ اليابان الذي وقعَ عام 2011 والذي بلغَ 9 درجات. وأظهرتِ النتائجُ بأنَّهُ يمكنُ انجازُ هذا النظامِ عن طريقِ الاستفادةِ من البياناتِ المخزنة في الهواتف الذكية لِـ عددٍ قليلٍ من الأشخاصِ القاطنين ضمنَ منطقةٍ جغرافيةٍ كبيرة. فعلى سبيل المثال، إذا استجابتْ مجموعةٌ معينةٌ من الهواتفِ المتواجدةِ ضمنَ منطقةٍ سُكَّانِيةٍ كبيرة –والتي لا يتجاوزُ عددها الخمسةَ آلافِ جهاز- لِاهتزازاتِ وتحركاتِ الأرض، فإنَّه يمكنُ الكشفُ عن الزلزالِ وتحليلهِ بسرعةٍ كافيةٍ لِإطلاقِ التحذيراتِ و الإنذاراتِ إلى مناطقَ أبعدَ بكثيرٍ وذلك قبل حدوثِ الهزّةِ القوية.
كما لاحظَ الباحثون أنَّ مستقبلاتِ الـGPS الموجودة في الهواتفِ الذكيةِ والأجهزةِ المماثلة لن تكون كافيةً لِلكشفِ عن الزلازلِ ذات الشدّة الأقلَّ من 7 درجاتٍ، والتي قد تكون ذات آثارٍ مدمرةٍ أيضاً. بالرغم من ذلك، إلاَّ أنَّ الهواتفَ الذكيةَ تملك أنظمةَ قياسِ تسارعٍ إلكتروميكانيكيةٍ صغيرة "MEMS"، والتي تكونُ قادرةً على تسجيلِ أي اهتزازاتٍ يمكن الشعور بها، مِمَّا يعني أنَّ الهواتفَ الذكيةَ يمكنها أيضاً أنْ تكونَ ذات فائدةٍ حتى في حالة الزلازلِ ذات الشِّـدَّة القريبةِ من 5 درجات.
ويَجرِي الآن بناءُ نظامِ الإنذارِ المبكرِ ضدَّ الزلازل "EEW" التابعِ لِلولايات المتحدة بِاستخدامِ شبكاتِ رصدٍ علميةٍ ذاتِ مواصفاتٍ عالية. في حين أنَّ نظام الإنذار المبكر المعتمد على الحشود "Crowed – Sourced" قادرٌ على جعلِ الإنذاراتِ تصلُ إلى الأماكنِ التي لا تملكُ مثل تلك الشبكاتِ عاليةِ الجودة. وقد وافقتْ الوكالةُ الأمريكيةُ لِلتنميةِ الدوليةِ على تمويلِ المشروعِ الرائدِ، وذلك بِالتعاونِ مع مركز سيسمولوجيكو التشيلي الوطني "Chilean Centro Sismólogico Nacional" بِهدف اختبارِ هذا النظامِ الهجين والمُؤلًّف من حساساتِ الهواتفِ الذكية وحساساتِ شبكاتِ الرصد العِلْمِية ، والمُتَوضِّعة على طولِ الشريطِ الساحلي التشيلي.
إنَّ مشروعاً رائداً كهذا سـيجعلُ من خطوةِ الإنذارِ المبكِّرِ لِلزلازلِ خطوةَ قرارٍ فقط، فليسَ على الدُولِ سوا الموافقةَ على المشروعِ مع القليلِ من التكاليف؛ مما سيؤولُ في نهايةِ المطافِ إلى الحفاظِ على الكثيرِ من الأرواحِ والممتلكات، وهذا هو هدف العلمِ الأولُ و الأخير.
المصدر:
هنا