استخدم اسنان النياندرتال الأعشاب الطبية
البيولوجيا والتطوّر >>>> التطور
تشير الكُشاطات التي أُخذت من أسنان الإنسان البدائي من عشرات الآلاف من السنين على أنهم كانوا يمضغون النباتات الطبية لتهدئة الاضطرابات التي تصيبهم.
هذا هو الاستنتاج الذي توصّل إليه فريق دولي من الباحثين الذين أجروا التحليل الكيميائي على حساب التفاضل والتكامل للأسنان من خمس مجموعات من بقايا إنسان النياندرتال التي استخرجت من داخل كهف Sidron في شمال إسبانيا.
وأشار التحليل إلى أنّ البشر البدائيين كانوا يأكلون الطعام المطبوخ النباتي الحاوي على نسبة عالية من النشويات، و ربما أيضاً المكسّرات والأعشاب و الخضار الخضراء. كانت حالة خاصة واحدة مثيرة للفضول: مأخوذة من فرد أطلق عليه اسم "البالغ 4 أو Adult 4"، أشارت إلى وجود المواد الكيميائية المعروفة باسم الآزولين azulenes والكومارين coumarines، وهي مواد موجودة في نوعين من الأعشاب العلاجية؛ نبات الألفيّة yarrow ونبات البابونج.
عشبة الألفيّة هي دواء مقبّض للأوعية الدموية، وكان يستخدم منذ فترة طويلة لتطهير الجروح عندما يستخدم خارجياً، أومضادّ للنزيف الداخلي عند تناوله فمويّاً. البابونج معروف أكثر في يومنا باستخدامه مثل الشاي كمهدئ أو مسكّن، وهذا لأنّ له تأثيراً على نزلات البرد والصداع والاضطراب المعوي ومغص الحيض. كما يتمتّع النباتان بخواصّ مضادة للالتهابات.
ويقول الباحثون أنّ هذا هو أول دليل يدعم فكرة تناول البشر البدائيّين للنباتات الطبية. وقد نُشرت نتائجهم التي تقوم على طريقة عالية التقنية للتحليل، تعتمد على الاستشراب الغازي مع مطياف الكتلة وتعرف باسم pyrolysis-gas chromatography-mass spectrometry، إضافة إلى دراسة الأحافير (المستحاثّات) الدقيقة النباتية.
"إنّ استخدام هذه المجموعة المتنوعة من النباتات وجدناها تشير إلى أنّ إنسان النياندرتال في هذا الموقع كان على معرفة متطورة بمحيطه الطبيعي، والتي تضمّنت القدرة على اختيار و استخدام بعض النباتات من اجل قيمتها الغذائية وكذلك بهدف التطبيب الذاتي" كما قالت Hardy، وهي واحدة من مؤلّفي الدراسة.
سؤال قد يخطر لنا... أين اللحم في نظامهم الغذائي؟
اقترحت البحوث السابقة أنّ البشر البدائيين اعتادوا على تناول حمية غنيّة باللحوم، ولكنّ هاردي وزملاءها لم يجدوا أية أدلة على استهلاك اللحوم في عيّنات الأسنان التي حُلّلت.
هذا لا يعني بالضرورة أنّ أولئك البشر البدائيين كانوا نباتيين. فعدم وجود أدلة يمكن أن يكون راجعاً إلى الطريقة التي تمّ فيها حفظ المواد الكيميائية للسن، كما أنّها يمكن أن تشير إلى تحويل البشر آنذاك لنظامهم الغذائي، من اللحوم إلى النباتات، بسبب التغيّرات الموسمية أو عادات الهجرة.
وأخيراً فقد سمحت لنا الاكتشافات التي توصّلنا إليها بفضل البقايا المكتشفة في كهف Sidron بتنحية أو نفي العديد من الأفكار المسبقة التي كنّا نحملها عن بشر نياندرتال. فبفضل الدراسات السابقة عرفنا بأنّ أولئك البشر اعتنوا بمرضاهم ودفنوا موتاهم وزيّنوا أجسامهم. والآن يُضاف إلى ذلك بُعد جديد يتعلّق بحميتهم الغذائية ومداواتهم لما كان يصيبهم من علل وأوجاع.
المصدر