العلماء يتمكنون من تنمية دماغ بشري كامل في المُختبر!
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
يبلغ حجم الدماغ الُمنمَّى في المختبر حجم ممحاة قلم الرصاص، وهو يحتوي على جميع أجزاء الدماغ (القشرة، الدماغ المتوسط، وجذع الدماغ، وكذلك فهو يحتوي 99% من المورثات الموجودة في دماغ جنين الإنسان الطبيعي. ويمكن لهذا التركيب أن يتيح لنا طريقة أخلاقية وسريعة لدراسة وفحص الأدوية الموجودة تحت التجربة قبيل الوصول لمرحلة التجارب السريرية.
وقال الدكتور أناند، بروفيسور الكيمياء الحيوية وعلم الأدوية في ولاية أوهايو: "إنَّ هذا الدماغ لا يبدو فقط كدماغٍ حقيقي، ولكنَّه أيضاً يحتوي أنواعاً مختلفة من الخلايا تعبِّر تقريباً عن جميع المورثات كما الدماغ الحقيقي. لقد كانت محاولاتنا لحل مشاكل أمراض الدماغ المعقدة والتي تسبب آلام مزمنة ومعاناة شديدة متعثرة لفترة طويلة. ويقدم هذا النموذج الدماغي فائدة كبيرة لصحة الإنسان وذلك بكونه يوفر لنا خيارات أفضل وأكثر ملائمة من اسخدام القوارض لدراسة وتطوير العلاجات".
أناند يعمل على دراسة الارتباط بين المستقبلات النيكوتينية واختلالات الجهاز العصبي المركزي، وقد كان يعمل سابقاَ على دراسة دواء تحت التجربة لمرض التوحد استخدم فيها القوارض، وحصل في تلك التجارب على نتائج مخيبة، مما دفعه للبحث عن نموذج للجهاز العصبي البشري يسهل دراسة الأدوية بشكل أكثر دقة ومحاكاه للدماغ البشري الحقيقي.
الشيء الأساسي المفقود في هذا النموذج هو نظام الأوعية الدموية، ولكنَّ الأجزاء المتوافرة حالياً؛ الحبل الشوكي، المناطق الرئيسية في الدماغ، أنواع متعددة من الخلايا، دارات لانتقال الإشارات، وحتى شبكية عين. كل هذه المكونات بإمكانها تسريع وتيرة البحوث العصبية بشكل كبير.
يقول الدكتور اناند: "فيما يتعلق بأمراض الجهاز العصبي المركزي سيمكننا هذا النموذج من دراسة الأسباب الوراثية المسببة لهذه الأمراض، أو الأسباب البيئية، أو دراستهما مجتمعتان. مثلاً، من المؤكد من خلال الدراسات الوراثية وجود ما يقارب الستمائة مورثة من الممكن أن تؤدي إلى التوحد، ولكننا عالقون في هذا الجزء، حيث أنَّ الإرتباط الرياضي والدراسات الإحصائية غير كافية لوحدها لمعرفة المسبب، نحن بحاجة لنظام تجريبي، نحن بحاجة إلى دماغ بشري".
تعتمد العملية بشكلٍ أساسي على تحويل الخلايا البالغة إلى خلايا متعددة الإمكانات (نوع من الخلايا الجذعية من الممكن إعادة برمجته ليعطي أي نسيج في الجسم)، "عندما تكون الخلية في حالة تعدد الإمكانات من الممكن أن تصبح أي عضو، في حال معرفتك بما يدعمها لتصبح هذا العضو، لطالما كان الدماغ عبارة عن ما يشبه الحلقة المقدسة لتعقيده البالغ مقارنة بأي عضو آخر" قال أناند.
"لقد وفرنا أفضل بيئة وظروف ممكنة لإعادة ما يحدث داخل الرحم لتكوين الدماغ " قال الدكتور أناند عن العمل الذي أنهاه مع زميلته سوزان مك كاي الباحث المشارك في الكيمياء الحيوية والصيدلة.
إنَّ عملية بناء نموذج متطورلما يقارب دماغ جنين عمره خمسة أسابيع تستغرق ما يقارب الخمسة عشر أسبوعاً، اناند ومك كاي تركوا نموذجهم ينمو لمرحلة الإثني عشر أسبوعًا، وكانوا يلاحظون التغيرات المتوقعة لنضوجه.
"لو تركناه يكمل للأسبوع السادس عشر أو العشرون، ربما لكان اكتمل، لحصلنا على المورثات الواحد بالمائة المفقودة، لا نعلم بعد" قال الدكتور.
وقد علق مجموعة من العلماء على الخبر بأنه غير مقنع خصوصا أن الدكتور أناند لم ينشر نتائجه بعد، وقد قال مجموعة من العلماء بأن الفريق ربما أنبت تجمع من الخلايا أو عضي في الطبق، ولكن التركيب ليس شبيهاً كثيراً بدماغ الجنين.
قام جيرجون كونبليش من مؤسسة البيولوجيا الجزيئية في فيينا بإنماء تركيب دماغي مشابه في العام 2013 ولكنه يفتقد لأحد الأجزاء وهو الدماغ الأوسط، و قد قال بأن اناند لم يقدم الأدلة الكافية لإثبات ان العضي الذي أنبته يمتلك تركيب مطابق ومكتمل للدماغ.
إنَّ الطريقة الوحيدة ليتأكد الفريق بأن ما أُنبِت مساوٍ لدماغ جنين هي بفحص خلايا من مختلف مناطق العضي وراثياً ومقارنتها بخلايا من مختلف المناطق لدماغ جنين، وبحسب قول كريستوف كوتش من مؤسسة ألين لعلوم الدماغ في سياتل " ما من دليل على أنَّ اناند فعل ذلك".
ولكنَّ اناند قال بأنَّه أجرى فحوص وراثية للتركيب الذي انبته ووجده مطابقاً بنسبة تسع وتسعون بالمائة في المورثات الفعالة كما في دماغ الجنين، ولكنه لم يحلل خلايا من مختلف الأجزاء للتركيب الذي انبته.
أناند قال أيضاً بأنه لم يكن من الممكن فحص أجزاء مختلفة من الدماغ المصغر الذي أُنبِت، لأنه كان صغيراً جداً ليتم تقطيعه، ولكن كاتانيو لا توافقه إذ قالت بأنَّ التركيب كبير بما يكفي ليتم دراسة شرائح مختلفة منه.
و أضاف كوتش بأنه ما من دليل على أان الخلايا متصلة كما في الأعصاب "كل ما هناك هو حفنة من الخلايا في طبق، كالحساء" بحسب قوله.
أناند خالف ذلك، قال بأنَّه يمتلك نتائج تدل على أنَّ النشاط الكهربائي ينتشر في العضي بنفس الطريقة كما في الدماغ البشري. وأثار مجموعة من الباحثون موضوع أنَّ أبحاث اناند في هذا المشروع لم تُعرَض للمراجعة الدقيقة، وقد قال اناند أنّه يحترم عملية المراجعة الدقيقة إلا أنَّه واثق بما يكفي من نتائجه لينشرها.
المصادر:
هنا
هنا