وضعيّة النومِ المُثلى للتخلُّص من فضلاتِ الدِّماغ
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
يجدُ معظمُ الأشخاصِ صُعوبةً في توثيقِ (تسجيل) وضعيّاتِ جسدِهم أثناءَ النوم، ولكنْ يمكنُ لتوضّعِ الرأسِ والعنقِ والذراعينِ والساقينِ أنْ يؤثّر في الصحة الجهازيةِ بشكلٍ عام. إنّ الوضعيَّةَ الأفضلَ للنوم إمّا على الظهر أو على أحد الجانبين، فتلكَ الوضعيّاتُ تدعمُ كلاً من العمودِ الفِقريِّ والرَّقبة، والذي بدورِهِ يضمنُ نوماً ليليَّاً جيداً ويساعدُ على منعِ حدوثِ أذيّاتٍ على المدى الطويل. في دراسةٍ نُشرت عامَ 2007 وجدَ فيها الباحثونَ أنّ معظمَ الأشخاصِ فضّلوا الوضعيةَ الجانبيَّةَ للنَّوم، وكانوا قليلاً ما يستيقظونَ أثناءَ اللّيل جرّاءَ آلامِ الرقبةِ أو الكتفِ أو الذراع، وذلك بالمقارنةِ مع الذين كانوا يتّخذون وضعياتِ نومٍ أُخرى.
بحثتْ الدُّكتورة هيلين بينفينيست وفريقُها في كيفيةِ تأثيرِ وضعيةِ النَّوم على صحّةِ الدَّماغِ عندما يتعلقُ الأمرُ بالتخلصِ من نواتج الفضلاتِ الاستقلابية، واستُخدمَت القوارضَ لفحصِ الطريقِ الغليمفاتيّ (Glymphatic phthway) – الذي يتمُّ فيه تصفيةُ السائلِ الدماغيِّ الشوكي ((CSF في الدِّماغ ويتبادلُ معَ السَّائل الخُلاليّ ISF)) للتخلُّص من الفضلات، فذلك مشابهٌ للطريقةِ التي يخلِّص بها الجهازُ اللمفيُّ الأعضاءَ من الفضلات. يعمل الطريق الغليمفاتيّ بفعاليّته العُظمى أثناءَ النوم. يتواجد بشكل شائعٍ ضمنَ فضلاتِ الدِّماغ كلٌ من البروتينين (أميلوئيد والبروتين تاو)، حيثُ أنَّهما موادٌّ كيميائيةٌ تؤثّرُ سلباً على عملياتِ الدِّماغ في حال تراكمها.
استخدمت تقنيّةُ التصويرِ بالرّنين المغناطيسيِّ (MRI) في هذه الدراسةِ لمراقبةِ الطريقِ الغلمفاتيّ عندَ القوارض. واُستخدمَ أيضاً كلٌّ من MRI)) والتمثيلُ الحركيّ (Kinetic Modeling) لحسابِ معدّلاتِ تبادلِ السَّوائلِ –السَّائلُ الدِّماغي الشَّوكي (CSF) والسَّائلُ الخُلالي (ISF)– عندَ القوارض، والتي كانتْ تُعطى مخدّراً عند نومها على الجانبِ أو الظَّهر أو البطن. كانت القوارض تنامُ بالوضعيّاتِ الثلاثة: الوضعيّةُ الجانبيةُ والاستلقاءُ على البطن أو على الظهر.
أظهرت الموجوداتُ المخبريَّةُ أنّ النقلَ الغلمفاتيّ كان بفعاليّتهِ العُظمى في حالة النَّوم الجانبيّ بالمقارنةِ مع الوضعيّاتِ الأخرى، أعطى ذلك نظرةً أكثر عمقاً للاعتقاد بأنّ النَّوم يدعمُ وظيفةً حيويةً محددةً وهيَ التَّخلّص من الفوضى المتراكمةِ أثناء الاستيقاظ.
يقولُ الدُّكتور ميكين نيديرجارد "منَ المثيرِ للاهتمامِ أنّ وضعيّةِ النومِ الجانبيِّ هي الأكثرُ انتشاراً لدى البشرِ والحيوانات –حتى في الحياةِ البرّية– ويبدو أنّنا تكيّفنا مع أنّ وضعيةِ النوم الجانبيِّ تخلّص دماغَنا بكفاءةٍ من نواتجِ الفضلاتِ التي تتراكمُ أثناءَ اليقظة".
علاوةً على ذلك، فإنّ تعديلَ وضعيّةِ النومِ أمرٌ أساسيٌّ في الوقايةِ منَ الأمراضِ العصبيّةِ المتعلّقةِ باضطراباتِ النوم. على سبيل المثال، إنّ العديدَ من أنواعِ العُتهِ مرتبطٌ باضطراباتِ النومِ بما في ذلكَ صعوبةُ النَّوم. يَفترضُ ذلك أنّ بعضَ الاضطراباتِ مرتبطةٌ بطريقةٍ أو بأخرى بفضلاتِ الدِّماغِ التي لا يتمّ التخلّص منها بشكلٍ صحيح؛ حيث قد يسرّع ذلك من فقدانِ الذَّاكرة ومن الإصابةِ بداءِ الزَّهايمر.
نُشرت دراسةٌ مشابهةٌ عام 2013 في دوريةِ العلومِ العصبيَّة، ناقشتْ كيفَ يساعدُ النومُ على استعادةِ وظائفِ الدِّماغِ عن طريق التخلّص من السّموم المتراكمةِ خلالَ ساعاتِ اليقظة، وذلك يسلّطُ الضوءَ على الدَّور الهامّ الذي يلعبه النومُ بما يتعلّق بالصحّةِ والمرض، فقد تتمُّ الوقايةُ من بعض الأمراضِ العصبيَّةِ أو حتَّى علاجُها عبر التركيزِ على وظائفِ النِّظامِ الغلمفاتيّ.
إنَّ فهمَ كيفَ ومتى ينشِّطُ الدِّماغُ النِّظام الغلمفاتيّ (Glymphatic phthway) ويتخلّصُ من الفضلاتِ يساعدنا على اكتشافِ كيفيّة جعلِه يعملُ بكفاءة.
حتَّى ذلك الوقت، فإنّ النَّوم الجانبيّ لا يؤمّن نوماً ليليّاً جيداً فحسب، بل إنّه يحافظ أيضاً على فعاليّة الدماغ.
المصدر:
هنا
هنا
حقوق الصورة:
Flood G. - Flickr