مختبرات فيرمي تُظهر أن جسيمات النيوترينو تغيّر نوعها على بعد 800 كيلومتر من إطلاقها.
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
تسعى تجربة NOvA لتوسيع آفاقنا بما يخص جسيمات النيوترينو التي ما تزال غامضة على الرغم من وفرتها، والتي تخترق المادة وكأنها غير موجودة. تم نشر النتائج الأولى في مؤتمر الجسيمات والحقول للمجتمع الفيزيائي الاميركي في ولاية ميشيغن، وتبين هذه النتائج أن كشاف التجربة بأبعاده الني تبلغ 15 متراً ارتفاعاً وعرضاً و60 متراً في الطول يتوضع على مسافة 800 كيلومتر تقريباً من مكان إطلاق الجسيمات، واضطر العلماء للخوض في ملايين الاصطدامات التي سببتها الأشعة الكونية وأنتجت تفاعلات لجسيمات النيوترينو.
قام العلماء بجمع البيانات منذ شباط عام 2014 مسجلين تفاعلات جسيمات النيوترينو في الكشاف الواقع في ولاية مينسوتا بينما كان الكشاف لا يزال قيد الإنشاء. مما سمح بالتعاون في جمع البيانات في أثناء اختبار اﻷنظمة قبل بدء تشغيل الكشاف بالكامل.
تمر حزمة جسيمات النيوترينو التي تم توليدها في مختبرات فيرمي عبر كشاف قريب يتوضع تحت الأرض، يقوم هذا الكشاف بكشف مكونات الحزمة قبل مغادرتها المحطة. تسافر بعدها الجسيمات مسافة 800 كيلومتر في خط مستقيم تحت الأرض دون حاجة لنفق، بينما تهتز (أو تغير من نمطها. )
يطلق مسرع مختبرات فرمي كل ثانية تريليونات من جسيمات النيوترينو إلى مينيسوتا، وبالرغم من هذا العدد الهائل لا يتم رصد إلا جزء قليل منها، وذلك لقلة عدد تفاعلات هذه الجسيمات مع المواد الأخرى، حيث أن الكشّاف لا يرى جسيمات النيوترينو حقاً إنما يرصد أثرها، ذلك الأثر يختلف حسب نوع جسيم النيوترينو الذي قام بالتفاعل، والحزمة التي تم توليدها في مسرع مختبرات فيرمي مؤلفة بالكامل تقريباً من نوع واحد من جسيمات النيوترينو ألا وهو نيوترينو الميون، وما يقوم به العلماء هو حساب عدد الجسيمات التي اختفت أثناء رحلتها وعاودت الظهور كجسيمات نيوترينو الإلتكرون مجدداً (اي تحوّلت الى نوع آخر من جسيمات النيوترينو).
توقع القائمون على التجربة رؤية 201 جسيماً من نيوترينو الميون يصل إلى الكشاف NOvA، لو أن الاهتزازات لم تحدث، ولكنهم تمكنوا من رصد فقط 33 جسيماً، مثبتين بذلك أن جسيمات نيوترينو الميون كانت تختفي، حيث تحولت للنوعين الآخرين (نيوترينو الإلكترون ونيوترينو التاو). كما توقع العلماء بشكل مشابه رؤية جسيم واحد من جسيمات نيوترينو الإلكترون نتيجة تفاعلات أخرى تحصل، لكن ما تم رصده حقاً هو ستة جسيمات من هذا النوع، مما يدل على أن عدداً من جسيمات نيوترينو الميون التي اختفت قد تحولت إلى جسيمات نيوترينو الإلكترون بالفعل.
لم تكن تجربة مختبرات فيرمي الوحيدة التي رأت جسيمات نيوترينو الميون تتحول إلى جسيمات نيوترينو الإلكترون، حيث جرب تجارب مشابهة في اليابان (تجربة T2K)، وتجربة MIONS التي جرت في محطة مختبرات فيرمي أيضاً وقامت برصد تحولات كهذه.
ضبطت تجربة NOvA نتائج مشابهة خلال تصوير الحدث تصويراً بطيئاً وهو أمر جيّد للتجربة حيث إن هدفها المتمثل بدراسة خصائص جسيمات النيوترينو كان قد استعصى على تجارب أخرى.
" أحد الأسباب الذي جعلنا نحرز تقدماً جيداً هو فريق المسرع الموجود في محطة Fermilab" كما قال مارك ميسييه "Mark Miessier" المتحدث باسم مشروع NOvA من جامعة إنديانا. كما صرّح أيضاً:"الحصول على شعاع بتلك القدرة، يعمل بفعالية عالية، يضعنا على حافة التحدي ويسمح لنا بجمع البيانات بشكل أسرع".
مسرع محطة Fermilab الرئيسي قام بتحطيم رقم قياسي مؤخراً، حيث قام بإطلاق حزمة من جسيمات النيوترينو ذات طاقة عالية، وصلت قدرتها إلى 521 كيلو واط، ولا تزال المختبرات تعمل على تحسين حزمة جسيمات النيوترينو مما سوف يفيد في تجارب قادمة، كتحسين النتائج في تجربة NOvA، وأيضاً في التجربة DUNE (Deep Underground Neutrino Experment) "تجربة النيوترينو في أعماق الأرض" التي ستقام في وقت لاحق.
يتوقع العلماء أن تصل قدرة الشعاع إلى 700 كيلو واط خلال أوائل العام القادم، الأمر الذي سوف يزيد من عدد التفاعلات الحاصلة، والذي بدوره سوف يجعل قدر البيانات مضاعفاً ثلاث مرات في نهاية العام القادم.
على الرغم من أن جسيمات النيوترينو هي الأكثر وفرةً في الكون، إلا أننا لا نعرف الكثير عنها، فعلى الرغم من أن العلماء يعلمون أن هناك ثلاثة أنواع لجسيمات النيوترينو، إلا أنهم لا يعرفون أيها الأثقل، وأيها الأخف. فمعرفة ذلك وفهم هذه الجسيمات سوف يكون الاختبار الحقيقي للنظريات التي تفسر كيف تمكنت جسيمات النيوترينو من الحصول على كتلتها، فعلى الرغم من أن بوزونات هيغز تساعدنا في فهم كيف أن بعض الجسيمات أكتسبت كتلتها، إلا أن العلماء لا يستطيعون الربط بين تلك البوزونات وجسيمات النيوترينو، فحساب كتلة جسيمات النيوترينو هو أيضاً تجربة مهمة للكشف عما إذا كان الجسم المضاد لجسيم النيوترينو هو الجسيم نفسه.
فكما في تجربة T2K اليابانية، كشاف NOvA يستطيع الكشاف عن الجسيمات المضادة لجسيمات النيوترينو، للبحث عمّا إذا كانت الفروق بين النيوترينو والجسيم المضاد له أساسية. قريباً سوف يتمكن العلماء من توحيد البيانات التي جمعتها تجارب T2K و NOvA وMIONS، في سبيل الحصول على أجوبة للأسئلة المتعلقة بجسيمات النيوترينو.
"النجاح السريع الذي حققه فريق NOvA يظهر الالتزام والموهبة المطلوبة لتولي مشاريع معقدة من أجل الإجابة على الأسئلة الكبرى في عالم فيزياء الجسيمات." كما قال نايجل لوكاير "Nigel Lockyer" مدير محطة Fermilab، كما صرّح أيضاً "نحن سعيدون بأن الكشافات تعمل بشكل جيد مقدمةً بيانات جيدة، تلك البيانات سوف توسع فهمنا لمملكة الجسيمات الأولية."
جل مقالنا كان عن جسيمات النيوترينو، فماهي هذه الجسيمات؟
النيوترينو هو جسيم أولي، ينشأ من تفاعلات التفكك الإشعاعي، لتلك الجسيمات ثلاثة أنواع أو ثلاثة نكهات كما يدعوها فيزيائو اليوم، نيترونو الميون، نيترونو الإلكترون، نيترونو التاو.
تسافر تلك الجسيمات بسرعة الضوء، ولا تتأثر بالحقول المغناطيسية، فهي جسيمات معتدلة كهربائياً.
يمكنك معرفة المزيد عن تلك الجسيمات عن طريق مقالنا عنها عبر الرابط: هنا
*NOvA: هو مشروع يجتمع فيه 180 عالم ومهندس من معاهد مختلفة حول العالم، يهدف المشروع إلى دراسة اهتزازات جسيمات النيوترونيو وبشكل خاص تحول نيوترونيو الميون إلى نيوترونيو الإلكترون، الكشاف سُمي باسم المشروع، ويتألف من عدة كشافات مجتمعة (ثلاثة كشافات-البعيد والقريب وIPND).
المصادر: هنا
هنا
هنا