لماذا ينفقُ العالمُ ملايين الدولارات في أبحاثِ الفضاء، رُغم انتشار الفقرِ والتشردِ والبطالة على الأرض؟
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ما الفائدةُ من إنفاقِ المالِ على برامجِ الفضاءِ في الوقتِ الذي يعاني فيهِ كثيرٌ من سكّانِ الأرضِ من الجوعِ و التشرّد ؟
أنتجَ استكشافُ الفضاءِ للبشريةِ فوائدَ كثيرةً جداً على مختلفِ الصُّعُدِ الاقتصاديةِ والثقافيةِ والعلميةِ، فقد قادنا استكشافُ الفضاءِ إلى اختراعاتٍ وانجازاتٍ تقنيةٍ وعلميةٍ يستعملُها البشرُ حولَ العالمِ كلّ يوم. فإرسالُ الآلاتِ وروّاد الفضاءِ إلى الأعلى يمثّلُ تحدّياً هائلاً، والتّغلّبُ على هذا التّحدّي جاء بتطويرِ حلولٍ تقنيّةٍ مبدعةٍ، استفدنا منها على الأرضِ بطرقٍ لم نكن نتوقّعُها أبداً. فهنالكَ الكثيرُ من الاختراعاتِ والتقنيّاتِ التي طُوِّرت في الأساسِ لأغراضِ استكشافِ الفضاء، ولكنّ المهندسينَ والعلماءَ استطاعوا الاستفادةَ منها لصنعِ أجهزةٍ تخدمُ الإنسانَ على الأرض. فقد استخدمت مثلاً فأرةَ الحاسبِ في حياتكَ، ولكنكَ لا تعلمُ على الأرجحِ أنها تقنيةٌ طُوِّرت بفضلِ أبحاثٍ موّلتها وكالة NASA ، ما أدّى إلى إحداثِ تغييرٍ كبيرٍ في عالمِ الحواسيب. وفي مجال الطب تمكّن Adam Kissiah مدفوعاً بمشكلةِ السّمعِ الخاصّةِ به من ابتكارِ جهازٍ لإعادةِ السّمع، والمسمى بـ "زراعة القوقعة cohlear implant" ، رغمَ أنّهُ لم يتلقَ تدريباً طبياً، بل استفادَ من خبرتهِ في العملِ بمركزِ كينيدي للفضاء. وفي مجال الطرقاتِ والبنى التّحتيّة فإنّ الشّكلَ الجديدَ للطّرقِ السريعةِ والمعروفِ بـ "الطريق السريع المحزّز" أو "Grooven Runway"، والذي قلّل نسبةَ حوادثِ الطرقِ بنسبةِ 85%، قد جاء نتيجةَ بحثِنا عن آلياتٍ جديدةٍ لتسهيلِ هبوطِ المركباتِ الفضائية. كما أنّ أجهزةَ الإنقاذِ المستعملةِ من قبلِ رجالِ الإطفاءِ في حوادثِ السياراتِ وغيرها تستعملُ مصدرَ الطاقةِ ذاتهُ الخاصِّ بجهازِ فصلِ الصاروخِ عن المكوك الفضائي !!
سمحَ لنا استكشافُ الفضاءِ وإطلاقِ الأقمارِ الصناعيةِ أيضاً أن نطوّر تقنيّةَ الاتصالاتِ التي لا يخفى أثرها البالغُ في حياتنا اليومية (الانترنت – التلفاز- الهواتف المحمولة) وكذلك نظام تحديد المواقع العالمي GPS وغيرها. وقد أطلقت البشريةُ أيضاً أقماراً صناعيةً لمراقبةِ الأعاصيرِ والحرائقِ والبراكين. الجديرُ بالذكرِ أيضاً أنه يمكن مراقبةُ صحةِ المرضى عن قربٍ بفضلِ النّظامِ الذي طُوِّر بالأساسِ لمراقبة صحةِ روادِ الفضاء. إضافةً لذلك فقد جعلت تقنيّةُ أمانِ الرحلاتِ الفضائيةِ السفرَ بالطائراتٍ أكثرُ أماناً من السفر بالسيارة!
من ناحية أخرى فإنّ استكشافَ الفضاءِ يخدمُ أيضاً كغايةٍ ثقافيةٍ وهدفٍ بحدّ ذاتِه لإرضاءِ الرّغبةِ العميقةِ في فهمِ العالم، هذه الرغبةُ التي أوصلت العالمَ إلى ما هو عليهِ اليوم، وللإجابةِ على الأسئلةِ التي تتعلقُ بأصلِ الحياةِ وطبيعةِ الكون.
-فوائدُ محطّةِ الفضاءِ الدّوليّة :
هي مختبرٌ دائمٌ على ارتفاعِ 400 كيلومترٍ من سطحِ الأرض، حيث يمكننا افتراضُ عدمِ وجودِ الجاذبيّة، وهذا يجعلُ عطسةً واحدةً كافيةٌ لدفعِ روادِ الفضاءِ إلى الوراءِ بقوّةٍ تساوي قوّةَ العطسة، كما يجعلُ لهبَ الشمعةِ دائريٌّ تماماً، والماءُ يغلي دونَ فقاعات. وبعيداً عن الظواهرِ الغريبةِ فإنّ غيابَ الجاذبيّةِ مهمّ لمجالاتٍ عديدة. فالمحطّةُ هي مختبرٌ لدراسةِ صحةِ الإنسان وعلم الأحياءِ و أبحاثِ علمِ الموادّ والطاقةِ، حيث يوفّر هذا المختبرُ ظروفاً مثاليةً لا يمكنُ لنا توفيرُها على الأرض، وبفضلها نستطيعُ تطويرَ الكثيرِ من الأدواتِ والمعدّاتِ التي ستفيدنا في تأمينِ سلامةِ وصحةِ روادِ الفضاءِ الذين سيذهبونَ في رحلاتٍ فضائيةٍ بعيدةٍ. هل يمكنُ لنا مثلاً زراعةُ الخضارِ في ظروفِ انعدامِ الوزنِ (ربما لكي يستخدمها رواد الفضاء المتجهون إلى المريخ في المستقبل ) ؟ وماذا عن تربيةِ الحيواناتِ ؟ إضافة للتأثيراتِ المختلفةِ على الإنسانِ خلالَ بقاءهِ في الفضاءِ لفتراتٍ طويلةٍ. ويجبُ ألا ننسى الأبحاثَ الأخرى المتعلقةِ بالطاقةِ وتوليدها وتخزينها واستكشافِ المواردِ الباطنيةِ والكثيرِ من الأشياءِ الأخرى التي تنعكسُ مباشرةً على الحياةِ على الأرض .
-لماذا نهتم بالكويكبات ؟
نحن نعلمُ أن الكويكباتِ قد تشكّلت في بدايةِ تاريخِ النظامِ الشمسيّ، أي قبل حوالي 4.5 مليار سنة، وبهبوطنا على هذه الأجسامِ القريبةِ من الأرضِ ودراستنا للموادّ الموجودةِ عليها فإننا نستطيعُ البحثَ عن أجوبةٍ لأصعبِ الأسئلةِ التي واجهتها البشريةُ مثلَ: كيفَ تشكّلَ النظامُ الشمسي؟ ومن أين جاءَ الماءُ والموادّ العضويةُ كالكربونِ للأرض؟ كذلك فإننا سنتمكنُ من معرفةِ كيفيةِ ارتطامِ الكويكباتِ بالأرض، و ربمّا نتمكّنُ من حمايةِ الأرضِ من ارتطامٍ قريب! كما أن إرسالَ الروبوتاتِ إلى الكويكباتِ يساعدنا في تطويرِ التقنيةِ اللازمةِ لاستثمارِ المواردِ المتاحةِ في الفضاء .
مقال سابق عن مهمة التقاط الكويكبات هنا
-ماذا نريد من المِرّيخ ؟
لقد كان المِرّيخُ دوماً مصدرَ إلهامٍ للمستكشفينَ والعلماءِ، فقد وجدَت البعثاتُ الروبوتيّةُ دلائلَ على وجودِ الماءِ، لكنّ وجودَ الحياةِ خارجَ الأرضِ لا يزالُ لغزاً. أظهرت المركباتُ العلميّة أن خصائصَ المريخِ وتاريخهِ شبيهٌ بالأرض، وبذلك فإن دراسةَ بنيةِ المريخِ قد تؤدي لنتائجَ يمكنُ تطبيقها على الأرضِ أو العكس، وهذهِ الطريقةُ استخدمت من قبلُ في دراسةِ قمرِ زحل تيتان. إن تحدّي الوصولِ للمريخِ وتعلمِ كيفيةِ العيشِ هناكَ سيشجعُ دولَ العالمِ على العملِ معاً، وسيكون لها فوائدُ وتطبيقاتٌ كثيرةٌ على المدى البعيد.
المصادر:
هنا
هنا
هنا