هل كان الصابون المضاد للجراثيم يخدعنا كلّ ذلك الوقت؟!
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء
قرّر الباحثون البدء بهذه الدراسة بعد أن قدمت إدارة الـ FDA طلباً عام 2013 تجبر به الشركات على إثبات أمان الصابون المضاد للجراثيم الخاص بهم وبأنّه أكثر قدرةً من الصابون العادي والماء على الوقاية من الأمراض وانتشار العدوى. فقاموا أولاً بتعريض عشرين سلالة من الجراثيم الأكثر انتشاراً لمنتج من الصابون يحتوي 0.3% من التريكلوسان وهو التركيز الأعلى المقبول غالباً في البلدان الأوروبيّة والصين وكندا وأستراليا، وكذلك بتعريضها للصابون ذو التركيبة نفسها بدون التريكلوسان.
ولمحاكاة تجربة غسل اليدين قاموا بتعريض الجراثيم لمزيجٍ من الصابون والماء لحوالي 20 ثانية، كذلك قاموا بهذا الاختبار مرتين: مرةً في ماء موجود بغرفة درجة حرارتها تقدر بـ 71.6 فهرنهايت (ما يعادل 22 سيليزيوس)، ومرة أخرى في ماءٍ ساخنٍ تقدر درجة حرارته بحوالي 104 فهرنهايت (40 سيليزيوس).
وتلخصت نتائجهم بعدم وجود أيِّ فرقٍ واضحٍ في الفعل القاتل للجراثيم بين الصابون العادي والصابون المضاد للجراثيم ضد أيّ نوع من سلالات الجراثيم المُختبرة في أيٍّ من درجات الحرارة وفق زمن تعرضٍ يقدر بعشرين ثانيةً. كذلك لم يكن هنالك فرقٌ عند إجراء التجربة لمدة عشر ثوانٍ أو ثلاثين ثانية، لكنّهم وجدوا بصيص أمل واحد عندما توصلوا أخيراً لملاحظة تأثيرٍ واضح على الجراثيم المعرضة للصابون المضاد للجراثيم، ولكن ذلك حدث فقط بعد إجراء الاختبار لمدة تسع ساعات!
كذلك توصلوا أيضاً لبعض النتائج المثيرة للاهتمام حينما اكتشفوا تَغيُراً صغيراً في قدرة الحشرات على المقاومة في الماء الحار أو الفاتر أكثر منه في الماء البارد، فدحضت هذه النتائج الاعتقاد السائد بأنّ غسل اليدين بالماء الدافئ أكثر فعاليةً من الغسل باستخدام الماء بدرجة الحرارة العادية.
لكن هذه النتائج على ما يبدو لم تكن مُرضيةً لهؤلاء العلماء فقاموا برفع مستوى التحدي عبر الطلب من 16 متطوعاً يتمتعون بصحةٍ جيدةٍ ليقوموا بفرك أيديهم بعينة من Serratia marcescens وهي الجرثومة المسؤولة عن بعض الالتهابات المتركزة في المشافي في سبيل التوصّل لنوعِ الصابون الذي يعمل بشكل أفضل في إزالتها، ومرةً أخرى أثبتوا بأنّ الفرق بين نوعي الصابون كان ضئيلاً ما يدعم المعلومات المتوفرة لديهم عن حقيقة كون فعالية الصابون المضاد للجراثيم لا تختلف عن الصابون العادي المستخدم لغسل اليدين.
ويعتقد العلماء بأنّ الطريقة العادية لغسل اليدين تجعل قيام التريكلوسان بعمله في الصابون أمراً مستحيلاً. فعلى الرغم من أنّ إضافة التريكلوسان للصابون تزوّده بخاصيّة الوقاية من الجراثيم لكنّ أثره غير ملحوظٍ بسبب قصر زمن التعرض المرتبط بغسل اليدين، ولاحتواء الصوابين المستخدمة في هذه الدراسة على عوامل فعالة على السطح مثل لوريث سلفات الصوديوم والتي قد تلعب دوراً في التقليل من الأثر القاتل للجراثيم في التريكلوسان.
وبينما يعتقد الباحثون بأنّ استخدام التريكلوسان في الصابون السائل أو استخدامه بتراكيز أعلى من التراكيز الحاليّة قد يجعله يعمل بشكل أفضل، لكنهم يسارعون أيضاً لتأكيد نتائجهم السابقة التي تؤكد بأنّ الصابون القاتل للجراثيم بشكلٍ عامٍ يمتلك فوائد ضئيلةٍ جداً أو حتى غير ملحوظة في مجال محاربة الجراثيم عند مقارنته بالصابون العادي. وحذّر باحثون آخرون من عواقب استخدام الصابون المضاد للجراثيم بغير ضرورة لخوفهم من إمكانيّة تطوير الجراثيم لمقاومة ضد الصادات الحيوية ولو بشكلٍ غير مقصود.
ونوّه الباحثون المسؤولون عن هذه الدراسة- وربما نتيجة الضغط عليهم من قبل الـ FDA- لنتائج بحثيّة سابقة تنص على توقف الكثير من المُصنّعين عن استخدام التريكلوسان في السنوات الأخيرة ولكنه لم يتم الإعلان عن هذا التغيير للعامة وقتها.
نهايةً وكنتيجةٍ لهذه الدراسة سوف يتحكّم على المستخدم إعادة النظر في فعالية وتأثير الصابون المقاوم للجراثيم والتي أثبت العلماء كونها وهماً واضحاً.
المصدر
هنا