ولد «جون مكارثي» في بوسطن - ماساتشوستش في الرابع من أيلول/سبتمبر من عام 1927. حصل على البكالوريوس في الرياضيات من معهد كاليفورنيا للتكنوولوجيا في عام 1948، وعلى الدكتوراه في الرياضيات أيضاً من جامعة برينستون عام 1951. عمل في التدريس لمدة عامين في جامعة برينستون ومن ثم انتقل إلى ستانفورد كأستاذ مساعد عام 1953.

كان مكارثي رائداً في مجالاتِ الذكاءِ الصنعي (Artificial Intelligence) وعلومِ الكمبيوتر ونظمِ الحوسبة التفاعلية. يعود الفضل له بإطلاق مصطلحِ الذكاء الصنعي في عام 1955، بعد أن استغرق شهرين لكتابة مقترحٍ لورشة عملٍ صيفية في جامعة «دارتموث» والتي شارك فيها العديدُ من المفكرين والمبدعين في مجال الحوسبة. كتب في مقترحه: "هذه الدراسة هي للمضي قدماً بناءً على الظن أن كلَّ جوانب التعلّم أو أي سمة أخرى للذكاء يمكن من حيث المبدأ أن تُوصفَ بدقة بحيث يمكنُ صنع آلة ما لمحاكاة هذه الجوانب". وقد عُدَّ لاحقاً أن هذه الورشة كانت لحظةً فاصلة في علوم الحاسوب.

وكجزء من عملية صقل أفكاره حول الذكاء الصنعي، قام باختراع لغةِ البرمجة "LISP" في عام 1958، وهي تُعدُّ ثاني أقدم لغة برمجة بعد "FORTRAN". لا تزال هذه اللغة مُستخدمةً إلى يومنا هذا وهي اللغة المفضّلة في مجال الذكاء الصنعي.

وفيما كان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، قام باقتراح وسيلةٍ لتوزيع موارد الحوسبة عُرفت بالمشاركة الزمنية (Timesharing) وذلك في بداية الستينات، وهي وسيلة تتيحُ للعديد من المستخدمين الفرديين الوصولَ إلى نظام حاسوبٍ مركزي ما. وقد أصبحت هذه الوسيلة هي نموذجُ الحوسبة السائد في الستينات والسبعينات وحسَّنت الكثيرَ في أداء الحوسبة الموزعة، وقد سبق ذلك الحوسبة السحابية التي نعرفها اليوم بعقود.

في عام 1965، أصبح مكارثي المديرَ والمؤسسَ لمختبرات ستانفورد للذكاء الصنعي (SAIL)، حيث أودَت الأبحاث إلى الآلات الذكية والحوسبة الرسومية التفاعلية والمركبات الذاتية التحكم، واستمر في منصب المدير حتى عام 1980.

"قرر العديدُ من الأشخاص أنه من الواضح أن المشاركة الزمنية هي الطريقة الأفضل للتعامل مع الحاسوب، ولكن لا أحد كان يعرف كيفيةَ جعلها تعمل للحوسبة ذات الأغراض العامة، لا أحد باستثناء جون". هذا ما قاله "Les Earnest" وهو أحد كبارِ الباحثين في ستانفورد ومعاون مكارثي في مختبر (SAIL).

حصل مكارثي على الإهتمام في عام 1966، وذلك من خلال إستضافة أربعِ مباريات شطرنج متزامنة على الحاسوب ضد منافسيه في روسيا عن طريق التلغراف. استمرت المباريات عدةَ أشهر. خسر مكارثي مبارتين وتعادل باثنتين. لاحقاً، عدَّ مكارثي أن الشطرنجَ وغيرها من الألعاب اللوحية هي «دروسوفيلا الذكاء الصنعي»، والدروسوفيلا هي الاسم العلمي لذبابة الفاكهة والتي لها أهمية كبيرة في دراسة علم الوراثة.


Image: http://news.stanford.edu

وبعد ذلك قام بتطوير أول نظام للكمبيوتر باسم "hand-eye"، والذي من خلاله كان للحاسوب القدرة على رؤية الكتل ثلاثية الأبعاد من خلال كاميرا والتحكم بذراع آلية لإتمام بعض عمليات الترتيب والتكديس لهذه الكتل.

من الناحية المهنية، عُرف مكاثي بالقدرة على التركيز المكثف، من النوعية التي يُساء فهمها، حيث يقول زميله "Earnest" أنه كان كثير التركيز في جميع الأوقات، وإذا ما قمت بمحادثته بشيء لا يثير اهتمامه فسوف يدير لك ظهره دون أن يقول شيئاً. ويقول عنه البروفيسور "Ed Feigenbaum" والذي قام مكارثي بتوظيفه إلى جانبه: "كان دائمَ التركيز على المستقبل، يخترع ويخترع ويخترع".

وأحد المشاريع التي عَمِل عليها في نهاية حياته، ورقةً بحثية كتبها في السبعينات وتتحدث عن إمكانية السفر بين النجوم. وقد كتب: "نحن نرى إمكانيةَ السفر ممكنة، ولا يلزمنا سوى تحسينات قليلة على التكنولوجيا الموجودة لدينا الآن". كان يحبُّ تحقيقَ الدقة العلمية في كل جانب من جوانب الحياة.

تم اختياره في عام 1971 للفوز بجائزة تورينغ (AM) من قِبل رابطة الآلات الحاسبة ACM وهي أعلى تقدير في علوم الكومبيوتر. كما حصل على جائزة "Kyoto" في عام 1988، والميدالية الوطنية للعلوم في عام 1990 وهي أعلى جائزة فنية في الولايات المتحدة.
كان عضواً في الأكاديمية الوطنية للعلوم والأكاديمية الوطنية للهندسة والأكاديمية الأميريكية للفنون والعلوم. تقاعد في بداية عام 2001.

تزوج ثلاث مرات وله ثلاثة أولاد. توفي في 24 تشرين الأول من عام 2011 في منزله في ستانفورد عن عمر ناهز 84 عاماً.

المصادر:
هنا
هنا