سيلفان غولدمان وابتكار عربة التسوق
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
في عام 1921 انخفضت أسعار النفط في أوكلاهوما، مما أدى الى انهيار كل ما قاموا به، لذلك قرروا الذهاب إلى كاليفورنيا لدراسة طرق جديدة لتجارة التجزئة ومحلات البقالة.
و هناك قاموا بإنشاء سلسلة من متاجر الخدمة الذاتية، حيث كانت تزود بسلال محبوكة يمكن للزبائن حملها أثناء التسوق. و قد حققوا في ذلك الوقت نجاحاً مبهراً حيث وصل عدد المتاجر إلى 21، و من ثم قاموا ببيعها لاحقاً إلى سلسلة (Safeway) الشهيرة. لكن هذا النجاح قوبل بنكسة أخرى حين تدهورت أسعار أسهم متاجر (Safeway) إثر الكساد الاقتصادي الذي خيم في تلك الفترة ليعود سيلفان الى نقطة البداية مرة أخرى.
لم يستسلم سيلفان، وقرر أن يبدأ من جديد، حيث لاحظ أن "الشيء الرائع بخصوص الطعام هو أن الجميع يحتاجه، كما أنه يستخدم لمرة واحدة فقط."
بعد عودته للعمل مرة أخرى في منتصف ثلاثينات القرن العشرين، أصبح يمتلك حصة في سلسلة شهيرة تدعى piggly-wiggly.
في إحدى أمسيات عام 1936، جلس غولدمان في مكتبه يتساءل كيف يمكن للعملاء أن يتحركوا لشراء المزيد من المنتجات داخل محال البقالة، و جاءت فكرته من مشاهدة النساء و هن يحملن السلال، و كن يملن للتوقف عن التسوق عندما تصبح السلة مملوءة جداً أو ثقيلة للغاية.
أخذ يحدق في كرسي خشبي قابل للطي، و من ثم قام بوضع سلة على المقعد و أضاف العجلات للساقين، و من ثم فكر قليلاً: لحظة! لماذا لا نضع سلتين بدلاً من واحدة! سلة فوق الأخرى؟
بدأ غولدمان وصديقه الميكانيكي فريد يونغ في الصناعة التجريبية. كانت أول عربة تسوق يصنعانها بإطار معدني و ذات سلتين قادرتين على حمل البضائع، كما تم تصميم الإطارات لتكون قابلة للطي. و استوحى عربة التسوق من الكرسي وأسماها آنذاك (folding basket carriers) حاملات للسلل قابلة للطي.
كان مفهوم غولدمان بسيطاً: وهو جعل التسوق أسهل، وجعل زيارات المتجر أكثر تواتراُ وحث العملاء على شراء المزيد.
للأسف، لم يرغب العملاء في البداية باستخدام العربات، فقد اعتقد الشباب أنهم سيبدون ضعفاء إذا استعملوها. ورأت الشابات أن العربات ذات شكل غير عصري لأنها تشبه عربات الأطفال. أما كبار السن فلم يكونوا يريدون أن يبدوا بلا حول ولا قوة.
و لهذا عمد غولدمان إلى توظيف ممثلين من جميع الأعمار ومن كلا الجنسين لدفع العربات داخل المتجر والتظاهر بأنهم يتسوقون، كما قام بوضع موظفة استقبال جذابة لتشجيع استخدام العربات .
قام غولدمان بتأسيس شركته لصناعة عربات التسوق في عام 1940 ليرسخ لنفسه مكاناً في الحياة الأمريكية، حيث تم إعادة تصميم محلات السوبر ماركت لاستيعابها، و تم وضع ممرات جديدة لها، وتطورت العربة ليضاف إليها لاحقاً مقاعد مخصصة للأطفال.
في عام 1946، وضعت أورلا واتسون ( Orla E. Watson) من كانساس تصميماً جديداً لعربة التسوق، فقامت بتصغيرها وإزالة العناصر غير المفيدة منها، كما أصبح من الممكن تداخلها مع عربة أخرى، وبالتالي أصبحت تأخذ مساحة أقل داخل المتاجر. قامت واتسون بتقديم طلب للحصول على براءة اختراع لعربة التسوق الخاصة بها، إلا أن غولدمان قدم هو الآخر طلباً للحصول على براءة اختراع مماثلة، وبدأت النزاعات. في عام 1949 تخلى غولدمان عن حقوقه في براءة الاختراع فمنحت لواتسون. و في المقابل تلقى غولدمان حقوق التراخيص، و واصلت واتسون تلقي العوائد عن كل عربة منتجة.
شهدت عربة التسوق العديد من التغيرات مع مرور الوقت، حيث تم تغيير شكلها، و جرى الأخذ بالاعتبارات الاستخدام المريح للمستخدمين، فأصبحت أكبر لاحتواء أكبر قدر ممكن من البضائع مما يتيح زيادة المبيعات.
على الرغم من أن التصميم الأساسي لم يتغير كثيراً في السنوات الخمسين الماضية، إلا أن الجيل التالي من العربات لا يزال يتطور، فبعض المحلات بدأت بالحصول على ملحقات للعربة تتيح حمل طفلين فيها، وقامت بعض الشركات بتصنيع عربات مزودة بشاشة LCD لمعرفة خريطة المتجر وتسهيل عملية التنقل، كما تم تصميم عربات خاصة بالمكفوفين.
أظهرت الدراسات الحديثة أن متاجر التجزئة التي لا تستخدم عربات التسوق تسجل مبيعات منخفضة مقارنة بتلك التي تستخدمها، حيث تتمتع الأخيرة بازدهار في المبيعات. ويمكن أن يعزى ذلك إلى سهولة التسوق التي تحققت بفضل اختراع سيلفان غولدمان.
حصل غولدمان على العديد من الجوائز في حياته نذكر منها :
جائزة اليانور روزفلت للعلوم الإنسانية (the Eleanor Roosevelt Humanities Award) في عام 1965
وسام الخدمة المتميز من جامعة أوكلاهوما في عام 1971
تم وضع اسمه في لوحة أوكلاهوما للمشاهير في عام 1971
حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكلاهوما سيتي في عام 1974
اشتهر غولدمان بأعماله الخيرية، حيث تبرع بمبلغ 1.5 مليون دولار لمعهد اوكلاهوما للتبرع بالدم، والذي تغير اسمه في عام 1983 ليصبح مركز سيلفان غولدمان.
توفي غولدمان عن عمر يناهز السادسة و الثمانين في مدينة أوكلاهوما عام 1984 تاركاً لنا ابتكاراً غيَر الكثير من العادات الشرائية وحفزها، فلا يخلو اليوم متجر كبير من عربات غولدمان.
المصادر:
هنا.
هنا
هنا
هنا