العالم الذي أضعناه
التاريخ وعلم الآثار >>>> تحقيقات ووقائع تاريخية
فكيف لنا أن نفهم هذا التاريخ؟ أيجدر بنا العودة إلى الماضي ودراسة أحداث الشرق أم نذهب بعيداَ لتحليل أحداث الغرب؟ لماذا تم تجاهل تاريخ بلدان عديدة من قبل المؤرخين وبالمقابل تم التركيز على بعضها فقط؟ ومن الفائز بالصراع الدائم بين الشرق والغرب؟ أسئلة تخطر في بالنا جميعاً، فدعونا نتعرف على أجوبتها في مقالنا التالي...
لو كانَ بِاستِطَاعتكَ جمعَ بعضٍ مِن طُلابِ المدارسِ الذينَ أنهوا تعليمهُم المدرسي، وتَصوَّرتَهم وهُم يُلوحونَ بِشهاداتِ التقديرِ الجيدةِ التي حَصَلوا عليها في منتَصفِ شهرِ أغسطس/آب مِن عامِهم الدراسي، فأعتقدُ أنَّ مُعظَمهم سَيكونونَ قادرينَ على تَذكُرِ بعضٍ من التاريخِ الذي تعلموهُ أثناءَ مسيرتهم الدراسية. سَتَعبقُ ذاكِرتهم بِتاريخ الرومان في بريطانيا، وكذلكَ الفتوُحاتُ النورماندية، وجريمةُ مقتل توماس بيكيت؛ إضافةً إلى حروب ِالوردتين، كمَا سَتبرُز أيضاً حقبة عصر تيودور، وكذلك الحروب الأهلية (إذا وجدت لها حظاً من ذاكرة أولئك الطلاب). إنَّ أولئك الطلاب الذين درسوا خلال الفترة السابقة تلك، وبشكل أفضل وأطول، سنجدهم يقفون لحسن الحظ على أرضٍ صلبةٍ عند الحديث عن تاريخ تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، وحرب الاستقلال الأمريكية، وكذلك وليام غلادستون وبينجامين دزرائيلي (مؤسسا حزبي الليبراليين والمحافظين في أميركا)، ومن ثم الحربين العالميتين.
ولو أنك استطعت أن تجلُس مع نفس مجموعة الطلاب تلك، أمام نشرات الأخبار المسائية اليوم، فإنني أعتقد بأنهم قد يواجهون صعوبةً في تذكر التاريخ ذاك. فالحدث الأبرز في أي يوم من أيامنا هذه سيكون على الأرجح الانهيار في العراق، أو الحرب في سوريا؛ المشهد الإيراني المتزايد الظهور والقادم من برد عزلتها السابقة؛ المواجهة العسكرية الكبيرة في أوكرنيا؛ استمرار العنف والاضطراب في أفغانستان؛ أو ربما تسليط الضوء على أهمية الصين في الاقتصاد العالمي. ولو سألت أيَّ طالبٍ أنهى دراسته حالياً عن أي من تاريخ البلدان الآنفة الذكر، أو عن شعوبها أو عن ثقافتها حتى، فلن تحصل إلا على ورقةٍ فارغة، ولو سألتهم عن الثقافة المعاصرة اليوم سيرمقونك بنظرةٍ أشدّ حيرة: مَن هوَ أفضلُ فنانٍ روسي معاصرْ، أفضل مغن بوب عربي (أو موسيقي كلاسيكي)، أو من هو الكاتب الصيني الأكثر إثارة؟
لقد تم ترسيخ الآفاق الفكرية، أو بالأحرى تم تقييدها من خلال التركيز الذي يقتصر على (غرب) أوروبا والولايات المتحدة، ذلك التركيز الذي ينعكسُ بشكلٍ واسعِ النطاق في أقسام كليات التاريخ الجامعية، وفي الكتب التي تحكي عن الماضي، وأيضاً في مواقفنا اليوم من العالم حولنا. فنحنُ ننظرُ من الغرب وإلى الغرب. قد تكون مناطق وأماكن أخرى من العالم غريبة، ومثيرة للاهتمام وعلى قدرٍ من الأهمية بالنسبة لشعوبها محلياً، ولكن الروايات ذات الأهمية الأكبر هي تلك التي ربطت روما بأثينا، فأثمرت بعصر النهضة والتنوير، وأدت إلى الديمُقراطية الليبرالية، إضافةً إلى القبول الواسع لمبدأ المساواة الديني، الاجتماعي وأيضاً مبدأ المساواة بين الجنسين.
ولكنّ وبالرغم من ذلك، تبقى هناك وجهات نظرٍ أخرى وأفضل لننظر من خلالها إلى التاريخ. ولكي نفهم الماضي والحاضر، فإنّ المكان الأفضل للوقوف عليه ليس هو الغرب ولا الشرق، وإنّما هو ذاك المكان الذي ربط الاثنين معاً. ومع أنه لا يبدو أمراً واعداً أن نرى العالم من خلال دولٍ في وسط آسيا، كأوزباكستان، كازاخستان وتركمانستان، أو من إيران، العراق، جنوب روسيا والقوقاز، إلا أن ذاك الإقليم من العالم هو الإناء الذي احتوى لغات العالم، فنضح بالهندو-أوروبية والسامية والتبت الصينية واختلطت ألسنة شعوبهم مع أولئك الذين يتحدثون التاي(التايلاندية) والتركية والقوقازية. ذاك الإقليم من العالم هو الذي شهد ازدهار أعظم الامبراطوريات وانهيارها، حيث تركت صراعات الحضارات ومعارك الخصوم آثاراً وصلت على بعد آلاف الأميال.
ليست تلك بلداناً معزولةً عن العالم، أو بعبارةٍ أخرى ليست أراضٍ مهملةً مجهولة، وإنّما في الحقيقة هي الجسرُ الواصلُ بينَ الشرقِ وَالغربِ حيثُ تتقاطعُ جميعُ الحضاراتِ. وَبعيداً عن كون هذه البلدان على هامش الشؤون العالمية، إلا أنها مازالت تقع في قلب العالم، كما كانت منذ بدء التاريخ. إنَّ المسير عبر تلك الدول التي تُعتبر بمثابةِ العمود الفقري لآسيا، هو كالمسيرِ في شبكةٍ من الاتصالات تمتد في كل اتجاه، تسلك دروب الحجاج والمحاربين، البدو والتجار، هناك حيث تجارة البضائع والمنتجات، وهناك أيضاً حيث تمّ تبادلُ الأفكارِ، فمِنها ما تمّ تبنيه ومنها ما تمّ صقله. لم تحمل تلك الدول من العالم الازدهار فحسب، بل أيضاً الموت والعنف، الأمراض والكوارث.
إنّ تلك الطرق والدروب، والتي اشتهرت في أواخر القرن التاسع عشر باسم طريق الحرير، كانت بمثابة النظام العصبي المركزي للعالم، فوَصلت الشعوب والأماكن معاً على حدٍ سواء. تلك الشبكات من الطرق ليست مرئيةً للعين المجردة، تماماً كما تكمن عروق وشرايين جسد الإنسان تحت الجلد. إنّ دراسة هذه الروابط تقدمُ لنا تصحيحاً مثيراً للاهتمام فيما يتعلق بمعايير الروايات في الماضي، كما أنها في واقعِ الأمر تطرح المزيد حول هذا الموضوع، وذلك أشبه بما يكشفه لنا علم التشريح من تفسيراتٍ عن كيفية عمل وظائف جسم الإنسان، لذا فإن دراسة تلك الروابط تساعد في فهم التطورات ليس فقط في آسيا، وإنما أيضاَ في أوروبا والأمريكيتين وافريقيا؛ كما تسمح لنا الدراسة أيضاَ برؤية أساليب الحياة وروابطها والتي كانت لتعبر التاريخ دون رؤيتنا لها، بالإضافة إلى أنها أيضاً تساعدنا في أن ننظر إلى التاريخ ذاته بطريقةٍ مختلفةٍ جداً.
إلا أن الغريب في الأمر، أن كل ذلك تم تجاهله والتغاضي عنه من قبل العلماء، وذلك لثلاثة أسباب:
يكمن السبب الأول في نهضة الغرب – ويبدو أن هذه هي الرواية التي تفسر العالم الحديث بشكل جيد جداً – فتلك النهضة متينةٌ لدرجةِ أنها غير قابلةٍ للهزيمة، ذلك أن العالم كان يتمحور حول الامبراطوريات الأوروبية والولايات المتحدة خلال القرون الأربعة الماضية، ولم تكن هناك حاجةٌ كبيرةٌ لمحاولة دحض النصوص التي تم قبولها بالإجماع عن أن نهضة الحضارة الغربية كان أمراً لا بد منه إضافة إلى كونه أمراً مرغوباً أيضاً.
ويكمن السبب الثاني في حقيقة نشوء ميدانٍ مكتظ بالمؤرخين المتنافسين فيما بينهم، أدى بهم الأمر إلى إيجاد دراساتٍ أصغر وأضيق وأكثر دقة في تخصصاتٍ عديدة لم تكن موجودةً من قبل. وقد ذكر فرناند بروديل مرةً، أنه ليس من المهم للدارسين في أحداث الماضي أن يكونوا جريئين فحسب، بل عليهم أيضاً محاولة القيام بالبحث على أوسع نطاق. إن كتابة الروايات التاريخية أو "التاريخ النهائي" لم يتعرض فقط للإهمال، وإنما أصبح أيضاً عرضةً للتهكم والسخرية على المستوى الأكاديمي، فتم استبداله بالتاريخ المصغر والدراسات التي تقارن بين مجتمعاتٍ تعيش على بعد بضعة كيلومتراتٍ بدلاً من المقارنة بين تلك التي تبعد آلاف الأميال. ولكن وبالرغم من ذلك، فإنه مازال بالإمكان الجمع بين الاثنين والتقاط ما يكفي من التفاصيل مع المحافظة على الصورة الكاملة التي تمتد لمئات وآلاف السنين بدلاً من عدة أشهر؛ ويتطلب القيام بذلك طموحاً كبيراً، إضافةً إلى إيجاد طريقةٍ جديدةٍ لإجراء البحوث وكتابة التاريخ، ولا ينطوي ذلك على أن تصبح متخصصاً في مجالٍ واحدٍ فقط وإنما أيضاً أن تتفرع من تخصصك إلى تخصصات الآخرين.
وأما السبب الثالث فبالطبع هو سببٌ مألوفٌ بالنسبة لأولئك الذين أنهوا تعليمهم المدرسي وأيضاً للقارئ العام على حد سواء. فبنفس الطريقة التي تم فيها تحديد آفاقنا الفكرية الثقافية، السياسية منها والتاريخية بكل ما يتعلق بأوروبا الغربية، فكذلك هو الأمر بالنسبة لمهاراتنا اللغوية. وكما هو الحال اليوم فإن تعليم اللغات الحديثة في المدارس يقتصرُ وبشكلٍ حصريٍ تقريباً على تعليم اللغة الفرنسية والألمانية والأسبانية، وأما لمن حالفه الحظ في دراسة اللغات الكلاسيكية، فاللاتينية تعتبر حجر الأساس لتعلم اللغات، واليونانية تم تعليمها للقلةِ القليلةِ من الطلاب، وقد اختفى تدريس تلك اللغات من القطاع الحكومي البريطاني، وهذا يعني أن جواهر تاج الماضي (في إشارةٍ إلى اللغات الكلاسيكية) تم تجاهلها فرقدت بسلام. إن القليل هم من يعرفون عن الأدب البيزنطي، كالتاريخ الذي كتبه بروكوبيوس وآنا كومينين أو أكروبوليتس ، بالرغم من أن ذلك الأدب تمت كتابته في عصر امبراطوريةٍ ازدهرت لآلاف السنين، وقليلون هم من يعرفون عن الأطروحات التي كتبت في العالم العربي العظيم، والذي امتد من جنوب البحر المتوسط، إلى شمال افريقيا وآسيا وصولاً إلى حدود الهمالايا واستمر لقرونٍ عديدة، تلك الأطروحات التي كتبها المقديشي وابن فضلان والمسعودي بقيت مجهولة وتم التغاضي عنها. إضافةً إلى الأعمال العظيمة في الشعر الفارسي والروايات الفارسية كملحمة الشاهناما للفردوسي، وتاريخ جهانكشا (تاريخ الفاتح العالمي) للجويني والذي يتحدث عن تاريخ المغول، كل ذلك بقي طي الكتمان، في حين أن أعمالاً أخرى باللغة التاميلية والهندية والصينية ككتاب شي جي (عن تاريخ الصين القديم) الذي كتب منذ أكثر من ألفي سنةٍ مضت للكاتب سيما كيان، أيضاً كل ذلك لم يكن أوفر حظاً من سابقيه. ولكن وعلى الرغم من ذلك فقد أدرك الملك وولينغ، حاكم مقاطعة زاو في الصين الشمالية ومنذ ما يزيد عن الألفي عام أهمية مواكبة العصر آنذاك حينما صرح عن ذلك في 307 قبل الميلاد قائلاً : "إنّ الموهبةَ في اتباعِ أساليبِ الماضي ليست كافيةً لتطويرِ الحاضر".
ونحن اليوم نسمع باستمرار من المعلقين وفي الإعلانات التلفزيونية عن العولمة المتزايدة في زمننا هذا، لذا فعلينا أن نعيد التفكير في كيفية رؤيتنا للحاضر والماضي وفقاً لذلك.
ولعلَّ نقطة الانطلاق الأكثر وضوحاً تتعلق بشكل أساسي بتفكك أوروبا خلال العصور الكلاسيكية القديمة. فالإغريق لم يولوا اهتمامهم - أو بالأحرى كانت علاقتهم تنافسية - مع أولئك الذين كانوا يقطنون في المناطق النائية من القارة، كما أنهم لم يتفاعلوا أيضاً مع الشعوب التي سكنت على طول الشريط الساحلي للقارة. وبصرف النظر عن الصراعات الداخلية بين الدول كأثينا واسبارطة، فإن توجه الحضارة الإغريقية القديمة قد انصب وبوضوحٍ كبيرٍ نحو الشرق: ابتداءً بطروادة والشرق الأدنى وانتهاءً بالفرس وسط آسيا. لم يخطر يوماً على بال الاسكندر العظيم أن يتجه نحو الغرب ويُخضع ايطاليا أو اسبانيا أو القارة الأوروبية، فالجائزة الكبرى التي تستحق عناء الحصول عليها تكمن جهة شروق الشمس وليس غروبها.
ونجد أصداء ذلك لدى امبراطورية روما أيضاً. تسعى الدراسات التي تتحدث عن غزو يوليوس قيصر لبريطانيا، أو كتب أستريكس (شخصية كرتونية خيالية) الكوميدية، إضافةً إلى فيلم جلادييتر، لجعلنا نعتقد أن مركز ثقل الامبراطورية الرومانية يكمن في أوروبا، بيد أنه يكمن في قارةٍ أخرى تماماً. إن فتح مصر هو الذي حول روما من مجرد بلادٍ ناجحةٍ إلى امبراطوريةٍ واسعة، إنه ذلك البطل المنتصر الذي أشرف بنفسه على استعمار ضفاف نهر النيل الغنية والذي اعتاد التفاخر بإنجازاته، "لقد وجدت روما مصنوعةً من الطوب، وغادرتها مصنوعةُ من الرخام".
لقد كان مفتاح هذا النجاح هو الوصول إلى الثروة الزراعية في مصر، وانفتاحها على طرق التجارة الخارجية مع البحر الأحمر، الخليج العربي والمحيط الهندي، تلك الطرق امتدت على مساحاتٍ واسعةٍ لدرجة أنها وصلت بلاداً بعيدةً جداً كبلاد وادي السند، التي سرعان ما بدأت تقلد العملة الرومانية، وقد كان عطاؤها وفيراً جداً. وكما ازدهرت روما، فقد ازداد أيضاً نهمها لترف الشرق كالتوابل والعبيد والحرير، ومع أن ذلك لم يكن يحظى بقبول الجميع إلا أنه كان يحصل. فيمكنكم أن تتخيلوا كمية الأموال فقط التي كانت تتسرب من الاقتصاد الروماني، وتصب في أيدي الآخرين: مئات الملايين من السيسترسي (اسم العملة الرومانية آنذاك)، كل تلك الأموال كانت تصب في الشرق.
إن توجه روما نحو الشرق كان أمراً جلياً جداً، لدرجة أنه مع بداية القرن الرابع، كان ثمة مدينةً جديدةً قيد الإنشاء، تحمل في جوانب كثيرةٍ من عمرانها نموذج المدينة الأم ذاتها؛ روما الجديدة، كانت مدينة الروعة، بكل مؤسساتها، بإدراتها وبكل الآثار والنصب التي تحتويها حتى فاقت ونافست روما القديمة بكل عظمتها؛ القسطنطينية – والتي اكتسبت اسمها هذا من مؤسسها الامبراطور قسطنطين – كانت تصريحاً جلياً عن نية التحول إلى الشرق، فقد انصب جُل اهتمام الامبراطورية على الشرق، الذي كان هو أيضاً خيار خصمها القوي بلاد فارس.
وحتى عندما بدأت روما بالانزلاق نحو الهاوية ودخلت عصر الانحدار بعد اكتساحها من قبل ملك الألاريك (القوط الغربيين) في العام 410 م، واصلت القسطنطينية مسيرة الازدهار، مصحوبةً بثرواتٍ عظيمةٍ أخذت تزداد وتتناقص على مر العصور. وقد كان سبب ذلك النجاح هو علاقتها مع بلاد فارس، حيث رسمت تلك العلاقات عدة مراحل من النجاح والفشل معاً. وفي أوائل القرن السابع، ازدادت حدة المنافسة بين الاثنين، وبدأت وتيرة الصراع بينهما تأخذ منحى الرهان على نجاح أحدهما مقابل تدمير الآخر؛ وفي خضم تلك المنافسة الحادة ودخول كليهما مرحلة توجيه الضربة القاضية للآخر، تلك الضربة التي من شأنها تحويل معالم العصر القديم، بدأ صوتٌ جديدٌ يهدر في الأفق، في قلب الجزيرة العربية، هناك تماماً حيث كان مصدر ذلك الصوت.
سادة العالم الجديد، لم يجدوا أنفسهم فقط حكاماً لعالمٍ واسع، وإنما أيضاً مالكين لثرواتٍ هائلة. وبينما أخذت الأموال تتدفق إلى قلب العالم الإسلامي، بدأت مدنٌ كدمشق، مرو، سامراء، وقبل كل أولئك مدينة بغداد، بالازدهار. وسرعان ما تم إنشاء المباني الخلابة، بدءاً من المساجد والمدارس، وحتى الحمامات العامة وانتهاءً بالمكتبات. لقد ساهمت الأموال الكثيرة في تقدمٍ منقطعِ النظير في مختلفِ مجالات العلوم والفنون، ومنح الرعاية لبعضٍ من أعظم العلماء في التاريخ، كابن سينا -المعروف لدى الغرب بآفيسينا- والبيروني والخوارزمي، الذين أصبحوا عمالقةً في علومهم.
لقد كان العالم العربي ينظر إلى أوروبا خلال تلك الفترة نظرة ذهول وازدراء، متجاهلاً تلك الشعوب التي اعتبرها عنيفة، همجية ومتخلفة، ولا تستحق حتى الكتابة عنها. وقد أصابت الحيرة العلماء آنذاك من ضيق الأفق الفكري لشعوب الغرب ومن القيود الفكرية التي كانت محيطةً بهم؛ ولكن أوروبا قبل كل شيء، أنجبت أفلاطون وأرسطو واقليدس، و قد تساور الشكوك البعض على من يقع اللوم في حال أوروربا حينها.
المصدر:
هنا