قهوةٌ صباحيةٌ مع صُحبَةٍ بكتيريةٍ... منافعٌ ومضار
البيولوجيا والتطوّر >>>> الأحياء الدقيقة
والكافيين عبارةٌ عن قُلُوئيدٍ طبيعيٍ موجودٌ في القهوة، الشاي، وغيرها من المشروباتِ الَّلا كحوليةِ، وبالإضافةِ لما سبق، فهو يعملُ على تحفيزِ الجهازِ العصبيِّ المركزي، تحسينِ الذاكرةِ طويلةِ الأمد، القدرَةِ على أداءِ التمارينِ الرياضيَّة، تعطيلِ الأروماتِ اللِّيفيةِ العضليةِ المرتبطةِ بحدوثِ سرطانِ الثَّدي عند الإناث، وخفضِ خطرِ حدوثِ النَّمطِ الثاني من الداءِ السُّكَّريِّ ونسبةِ الموت بهذا الداء بين مستهلكي المشروبات الغنيَّة بالكافيين.
وكما هي الحالُ بالنسبةِ للعديدِ من المواد، فإنَّ للإفراطِ في تناولِ الكافيين الكثيرُ من المضارِّ على الجهازِ القلبيِّ الوعائيِّ والجهاز العصبي...الخ، وخطورةٌ على مرضى القلبِ والضغط؛ لذا تلجأُ بعضُ الشركاتِ إلى إنتاجِ ما يُسمَّى بالمشروباتِ منزوعَةِ الكافيين، ويتِمُّ ذلكَ بعدةِ طرقٍ، وما سنناقشه في هذا المقال هو إمكانيَّةُ نزعِ الكافيين حيويًا (باستخدام البكتيريا)، ولكن كيف لذلك أن يكون ممكناً بوجود خواصه المضادَّةِ للبكتيريا؟
هذا السؤال هو ما دفعَ الباحثين للقيامِ بالكثيرِ من التجاربِ والأبحاثِ لاكتشافِ إمكانيَّةِ نموِّ البكتريا في وسطٍ من الكافيين (باستخدام تقنياتِ كشفٍ، التصوير بالمجهر الالكتروني، RNA s16 وغيرها)، واختاروا آلةَ صنعِ القهوةِ لهذا الغرض، وكانت المفاجأةُ أنَّ بكتيريوم القهوة (Bacteriome)* غنيٌّ بالعديدِ من الأصنافِ التي وُصِفَت على أنَّها مقاوِمة للكافيين (حتى تمكنت من النمو فيه)، من هذه الأصناف: البكتيريا الأمعائِّيَّةِ والبكتيريا الإنتهازية، الزائفة Pseudomonas وغيرها.
كما وُجِدَت أيضاً الرشاشيات من نوع Aspergillus tamari وشعرية الأبواغ Trichospron asahii.
وقد فتح هذا الاكتشاف العديد من الأبواب، منها إنَّهُ على من يقتني مثلَ هذهِ الأجهزةِ، أن يهتمَّ بنظافتِها وتعقيمِها بالموادِ المضادَّةِ لنموِّ الأحياء الدقيقةِ وعدمِ الاعتمادِ على خواصِ الكافيين المضادة للبكتيريا بعد الآن، وإلَّا فإنَّ المستعمراتِ الجرثومية ستعود لتنمو بسرعةٍ كبيرةٍ لتملأَ المكانَ، مسبِّبَةً الكثيرَ من الأضرارِ لصحَّةِ شاربِي القهوةِ، بالإضافةِ إلى إمكانيَّةِ نزع الكافيين الحيوي، فمن المعروف ،منذ سبعينيات القرن الماضي، قدرةُ العديد من الأصنافِ على تفكيكِ الكافيين، فالزائفةُ Pseudomonas على سبيل المثال قادرةٌ على تفكيكِ ما يقاربُ 15 غ/ل، أو استخدام جيناتها لتحوير الـ E.Coli غيرِ الممرضة (النقل الأفقي للجينات بن الأنواع المختلفة)، إذ تعتبر E.Coli من أفضل الخيارات للتعامل مع البكتيريا ومن أكثر الجراثيم دراسةً من قبل الباحثين.
بعيداً عن ذلك، فالكافيين قد يكون ملوِّثًا للبيئةِ، أو بالأحرى مؤشِّرًا هامًّا على تلوُّثِها بمصادرَ بشريَّةِ المنشأ، فهو واسمٌ سهلُ الكشفِ لمياهِ الصَّرفِ الصِّحيِّ غيرِ المُعالَجةِ، لذا فاستخدامُ البكتيريا في التخلُّصِ الحيويِّ من الكافيين في البيئة أو ما يدعى بالـ Bioremediation لايزالُ إحدى الخياراتِ الأفضل المطروحة.
*بكتريوم القهوة: هو مجموع البكتيريا الموجودة في القهوة.
المصدر: هنا