أصاب الاكتشاف المُحتمل لنوىً ذريّةٍ ذوات أربعة نيوترونات وبدون بروتونات علماءَ الفيزياء بدهشةٍ وعجبٍ كبيرين. وإذا ما أكَّدت التجارب القادمة وجود رباعيات النيوترونات tetraneutron هذه، فإنّها ستكون أوّل مثالٍ على نواةٍ معتدلة الشّحنة، أي أنّها ستكون مثالًا على شيءٍ من المستحيل وجوده وفق العديد من النظريات. ويرى "بيتر شوك" Peter Schuck عالم الفيزياء النووية النظرية في المركز الوطنيّ للبحث العلمي في فرنسا وهو من غير المشاركين في هذه التجربة أن هذا الاكتشاف سوف يكون نبأً مثيرًا لو تمّ تأكيده.
وجد باحثون من مؤسسة RIKEN البحثيّة في واكو في اليابان أدّلةً على وجود نوىً رباعية النيوترونات عندما أطلقوا حزمةً من نوى الهليوم الغنيّة بالنيوترونات (كانت النواة مكوّنة من بروتونين وستّة نيوترونات) نحو سائلٍ مؤلفٍ من النوع الأكثر شيوعاً من الهليوم (الذي تحوي نواته بروتونين ونيوترونين). يَنتُج عن هذا التفاعل أحيانًا نُوى البريليوم التي تتكون من أربعة بروتونات وأربعة نيوترونات، وتتبقى أربعة نيوترونات من ناتج هذا التفاعل. وبالرّغم من أن العلماء لم يرصدوا ناتج التفاعل الأخير هذا بشكلٍ مباشرٍ، إلّا أنّه يمتاز بصفات التجمّعات الرباعية من النيوترونات. فقد دامت هذه النوى رباعية النيوترونات لمدة جزءٍ من بليون (مليار) جزء من جزء من تريليون جزء من الثّانية قبل أن تتفكّك لجسيماتٍ أخرى.
سيحتاج علماء الفيزياء للقيام ببعض التحرّيات الإضافية قبل أن يتأكدوا من وجود نوىً رباعية النيوترونات. على الرغم من أن "شوك" يرى أنّ هذه الدراسة تقدّم أدلّةً أفضل من العديد من الادعاءات السابقة بوجود مثل هذه النوى.
إنّ النوى رباعية النيوترونات محيِّرةٌ جدًا لأن من المفترض بالنيوترونات ألا تتجمَّع إلا بحضور البروتونات، وبحسب ما يراه "شوك" سيدفع تأكيد وجودها واضعي النظريات إلى اقتراح نوعٍ من قوى الجذب المتبادلة بين النيوترونات لتفسير هذه النّوى الغريبة جدًا.
--------------------------------------------------------------
*صورة المقال: توضّح تصادم نوعين من نوى الهيليوم في مختبرٍ في اليابان، حيث نتج عن هذا التصادم نوى بريليوم ونوى رباعيّة النيوترونات أي تحتوي كلٌ منها على أربعة نيوترونات ولكنّها لا تحتوي على بروتونات. يوضِّح هذا الرسم عدد البروتونات والنيوترونات في كل نواةٍ ولكنّه لا يمثّل موضعها الفعليّ ضمن كلِّ نواة.
المصدر: هنا