دراسة جديدة: المقاريب الراديوية باستطاعتها الكشف عن بعض أنواع الأمواج الثقالية.
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
الأمواج الثقالية تمتد على مدى واسع من الترددات، والتي تتطلب بدورها تقنيات مختلفة حتى يتم الكشف عنها. دراسةٌ حديثةٌ قام بها مرصد الأمواج الثقالية برتبة النانو هيرتز في شمالي أمريكا ( NANOGrav "North American Nanohertz Observatory for Gravitational Waves") أظهرت أن الأمواج الثقالية ذات التردد المنخفض يمكن الكشف عنها قريباً بواسطة التلسكوبات (المقاريب) الراديوية*.
يقول ستيفان تايلور Stephen Taylor: " من الممكن التقاط هذه الإشارات إذا تمكّنا من مراقبة عدد كافٍ من النجوم النابضة عبر السماء". ستيفان هو كاتب الورقة العلمية التي نُشِرت في مجلة The Astrophysical Journal Letters، وهو أيضاً باحث بدرجة ما بعد الدكتوراه في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا (JPL). وقد صرّح أيضاً: "الدليل الدامغ هو رؤية نفس النمط من الانحرافات في جميع تلك النجوم". يُذكر أن تايلور وزملاؤه في المختبر يدرسون أفضل طريقة لاستخدام النجوم النابضة في تحسس أثر الأمواج الثقالية ذات التردد المنخفض.
نظرية آينشتاين في النسبية العامة تقول أن الأمواج الثقالية تنبع من الأجسام المتسارعة ذات الكتل الكبيرة، أما بالنسبة للأمواج الثقالية من رتبة النانو هيرتز، فهي تنبع من زوج من الثقوب السوداء تدور حول بعضها البعض، كتلةٌ كلٍّ منهما تعادل ملايين حتى بلايين المرات من كتلة زوج الثقوب السوداء الذي رصده المرصد LIGO. هذان الثقبان كانا في مركزي المجرتين، المجرتين تصادمتا منذ مدة، والثقبين الآن يسحبان بعضهما البعض، وقريباً سوف يندمجان في ثقبٍ واحدٍ هائل الكتلة. يقوم الثقبان الأسودان أثناء دورانهما حول بعضهما البعض بسحب نسيج المكان، منشئين بذلك إشارةً ضعيفةً تتنتقل وتنتشر في كافة الاتجاهات، تماماً كما الاهتزازات في شبكة العنكبوت، فعندما يجتاز هذا الاهتزاز الكرة الأرضية، فإنه يدفعها قليلاً مؤدياً بذلك إلى تغيير موقع الكرة الأرضية بالنسبة للنجوم النابضة، مثل تلك الاهتزازات تحتاج إلى شهور وحتى إلى سنين حتى تعبر الكرة الأرضية، وبالتالي فإننا بحاجة إلى سنين من المراقبة والاستطلاع حتى نكشف عن ذلك الأثر.
يقول جوسيف لازيو Joseph Lazio (أحد مساعدي تايلور): "اندماج المجرات هو أمر شائع، ونعتقد أن هناك العديد من المجرات تأوي أنظمة ثنائية من الثقوب السوداء الهائلة الكتلة التي من الممكن لنا تحسسها والكشف عنها، النجوم النابضة سوف تسمح لنا برؤية هذه الأجسام الهائلة عندما يقتربان من بعضهما البعض ويدوران حول بعضهما البعض ببطء".
في إحدى المرات، اقتربت ثقوب سوداء فائقة الكتلة من بعضها البعض بشكل كبير، الأمواج الثقالية الناتجة عن ذلك الاقتراب كانت قصيرةً جداً لنتمكن من تحسس وجودها باستخدام التقنية المعتمدة على النجوم النابضة، المراصد الفضائية التي تعتمد على تداخل ضوء الليزر كـ eLISA* يمكنها أن تلتقط مدى التواتر الذي ينتجه اندماج الثقوب السوداء فائقة في الكتلة.
إن إيجاد دلائل على وجود أنظمة ثنائية من الثقوب السوداء يُعتبر تحدياً للفلكيين، مراكز المجرات تحتوي على العديد من النجوم، والثقوب السوداء صغيرة الحجم (مقارنةً مع نظامنا الشمسي)، مما يجعل ملاحظة أو تحسس هذه الثنائيات أمراً صعباً على الفلكيين.
فلكيو الإشارات الراديوية يقومون بالبحث عن إشارات ثقالية في هذه الثنائيات، ففي العام 2007، بدأ NANOGrav برصد عددٍ من النجوم النابضة التي تدور بسرعة كبيرة، في محاولةٍ لتحسس الانتقالات الصغيرة التي تسببها الأمواج الثقالية.
النجوم النابضة تُصدر إشعاعات لأمواج راديوية، بعض تلك الإشعاعات يعبر الكرة الأرضية مرةً في كل دورة، فالفلكيون قاموا برصد تلك الإشعاعات على أنها نبضات سريعة من الإشعاع الراديوي. معظم النجوم النابضة تدور عدة مرات في كل ثانية، ولكن بعضها يدور دورة كاملة في أجزاء من الثانية، تُدعى بالميلي ثانية، هذه النجوم تدور في الثانية الواحدة أكثر من الأخرى بمئات المرات. يقول "ماورا ماك لاوغلن" Maura McLaughlin: "يمكن التنبؤ بموعد وصول موجة النجوم النابضة ذات مستوى الميلي ثانية بدقة، وأدواتنا قادرةٌ على رصد تلك الإشارات خلال واحد على المليون من الثانية (أي على مستوى الميكرو ثانية). "ماورا" هو فلكي راديوي في جامعة West Virginia في Morgantown ، وهو أيضاً عضوٌ في فريق NANOGrav. يصرّح "ماورا" أيضاً: "وبسبب هذا، يمكننا استخدام تلك النجوم لتحسس أصغر الانتقالات في موقع الكرة الأرضية.
يقول فيزيائيو الفلك في مختبر ناسا للدفع النفاث JPL وCaltech، إن تحسس الأمواج الثقالية تلك يتطلب أكثر من بضعة نجوم نابضة. "نحن مثل عنكبوت في مركز شبكةٍ ما، فكلما كان لدينا خيوط أكثر في شبكة النجوم النابضة التي نحن فيها، كلما ازدادت فرصنا في تحسس الأمواج الثقالية التي تعبرنا" كما صرح ميشيل فاليسنيري Michele Vallisneri، عضوٌ في JPL/Caltech.
يقول ميشيل أن إكمال هذه الخطوة يتطلب تعاون دولي؛ حالياً يراقب NANOGrav 54 نجماً نابضاً، ولكن يمكننا فقط رؤية القليل في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، لذا يجب علينا أن نتعاون مع زملاؤنا في أوروبا وأستراليا لنتمكن من تغطية كافة المساحة السماوية التي يتطلبها هذا البحث.
الجدوى من هذا المشروع شُكك فيها مؤخراً عندما قام عدد من الباحثين الأستراليين في النجوم النابضة، بالإخبار على أنهم غير قادرين على تحسس هكذا إشارة ؛عندما قاموا بتحليل عدد من النجوم النابضة؛ باستخدام أدق أدوات قياس التواقيت، بعد دراسة تلك النتيجة، أصّر فريق على أن تلك النتيجة هي غير مفاجئة، وهي نتيجة مزيج بين نماذج من الأمواج الثقالية الواعدة، وتحليل بياناتٍ قادمة من عددٍ قليلٍ جداً من النجوم النابضة. الرد على تلك النتيجة تم تقديمة عبر خدمة arXiv للنشر الإلكتروني*.
على الرغم من التحديات التقنية، إﻻ أن تايلور واثق من أن فريقه على الطريق الصحيح، ويصرّح: "الأمواج الثقالية تمسح كرتنا الأرضية في كل الأوقات، بالنظر إلى عدد النجوم النابضة التي يقوم NANOGrav برصدها، والتي ترصدها الفرق الدولية الأخرى، نتوقع أن يكون لدينا دليل واضح ومقنع للأمواج الثقالية المنخفضة التواتر خلال العقد القادم".
NANOGrav حالياً هو تعاون لأكثر من 60 عالماً في أكثر من عشرة معاهد في أمريكا وكندا، المجموعة تستخدم التواقيت المسجلة للنجوم النابضة الراديوية، تلك التواقيت سجّلها تيلسكوب NRAO's Green Bank في وﻻية West Virginia ومرقب Arecibo الراديوي في بيترو ريكو، في غايةٍ للبحثِ عن الاهتزازت في نسيج الزمكان. في عام 2015، أًعطي NANOGrav جائزةً قدرها 14.5 مليون دولار أمريكي من قبل National Science Foundation ، من أجل إنشاء وتشغيل Physics Frontiers Center .
يقول بيدرو مارونيتي Pedro Marronetti (مدير قسم أبحاث الأموج الثقالية): بالنظر إلى اكتشاف الأمواج الثقالية الأخير الذي حققه المرصد LIGO ، فإن العمل الرائع الذي قدمه NANOGrav، هو متواقت وعملي، فالمركز الذي قمنا بتمويله مستعد ﻹكمال ما بدأه LIGO، موسعاً بذلك نافذة إكتشاف الأمواج الثقالية إلى رُتب قليلةٍ من التواتر.
*المقاريب الراديوية، يمكنك التعرف المزيد عنها وعن الأمواج الراديوية عبر الرابط:
هنا
*eLISA: هي مهمة طورتها وكالة الفضاء الأوروبية بالمشاركة مع ناسا. حالياً مهمة LISA Pathfinder، والتي تتضمن نظام دفع واستقرار (النظام مُدار من قِبل JPL) حالياً تختبر التقنيات اللازمة من أجل مهمة eLISA المستقبلية.
*يمكنك الإطلاع وقراءة الرد عبر الرابط:
هنا
المصدر: هنا