استخدام الصادّات الحيوية في أعلاف الحيوانات يهدّد صحة الإنسان
الطب >>>> مقالات طبية
والسبب الحقيقي لذلك على ما يبدو هو الاستخدام المفرط لهذه المركبات في علف الحيوانات وإنتاج اللحوم، الذي يعزى إلى ازدياد الطلب العالمي على اللحوم والحاجة اليومية للبروتين الحيواني في غذاء الإنسان بشكل لا مثيل له خلال الفترات الأخيرة، وقد صاحب هذا الجشعَ طرقٌ حديثة للحفاظ على حياة الحيوانات التجارية عبر الاستخدام غير المدروس للصادات الحيويّة، حيث توضع هذه الصادات الحيويّة في غذاء الدواجن والماشية بشكل روتيني، بغض النظر عن كون هذه الحيوانات مريضة أم لا لزيادة وزن الحيوانات والخوف من موتها، والهدف فقط هو زيادة الأرباح دون أي اعتبارات أخرى.
ويتم سنوياً استخدام ما يقرب من 63 ألف طن من الصادات الحيويّة في خطوط إنتاج الدواجن والماشية حول العالم، ويقدّر الخبراء أن هذه الكميّة ستزيد لتصبح 106 ألف طن في عام 2030، بنسبة زيادة تقدّر بـ 67%. وإن هذه النسب غير ضئيلة، حيث تستهلك الدواجن والماشية 80% من الصّادات الحيوية في الولايات المتحدة الأمريكية، مقارنة بـ 20% فقط كحصة للبشر.
تؤدّي هذه الزيادة الرهيبة في استهلاك الصّادات الحيويّة إلى زيادة الضغط على البكتيريا لإنتاج فصائل جديدة مقاومة للصادات الحيويّة عن طريق عملية "الانتقاء الطبيعي"، حيث أن البكتيريا التي تستطيع النجاة من الصّادات الحيويّة تكون قادرة على العيش والتكاثر لفترة أطول، وبالتالي يزيد عددها بالنسبة للبكتيريا غير القادرة على المقاومة، تحت مبدأ "البقاء للأصلح".
ويبدأ ظهور معظم هذه الفصائل الجديدة المقاومة للصادّات الحيويّة في الدول الغنيّة بالثروات الحيوانيّة، ونخص بالذّكر تلك الدول التي تميل لزيادة الإنتاج بطرق فعّالة من حيث التكلفة، كالصّين والبرازيل وروسيا والهند. ولكن عندما تظهر تلك الفصائل الجديدة في إحدى الدول فإنها لن تتوقف حتّى تجتاح العالم بأسره.
ولكن ما علاقة هذه المشكلة بالبشر عمومًا؟
يستعمل البشر نفس الصّادات الحيويّة المستعملة في الحيوانات في بعض المجالات الطبية، حيث تستخدم لعلاج الإنتانات البكتيرية، كما يتم استخدامها في بعض الأحيان لمنع تلوّث الجروح بعد العمليّات الجراحية وعمليات زراعة الأعضاء. وبالتالي فإن ظهور هذه الفصائل الجديدة المقاومة للصادات الحيويّة في الحيوانات يؤدّي بدوره إلى عدم قابليّتها للعلاج في البشر أيضًا، حيث يسهل انتقال هذه البكتيريا إلى البشر بأكثر من طريقة، كالاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة، أو تنفّس هواء ملوّث بالبكتيريا الجديدة، وأحيانا قد تنتقل عن طريق التعامل مع الفضلات الحيوانيّة أو جلود الحيوانات.
ويمكن لكل ذلك أن يتسبب في ازدياد شراسة البكتيريا والأمراض التي تتسبب بها، وبالتالي ازدياد الحاجة لتطوير أنواع جديدة من الصّادات الحيويّة القادرة على مقاومة هذه الفصائل الجديدة.
يبدو أن الطمع البشرى لزيادة الأرباح، وتدخّل الإنسان في دورة الطبيعة، ومحاولاته الدائمة للسيطرة عليها أو تعديلها لصالحه، قد تكون له عواقبه الخطيرة وقد يكون الجنس البشري نفسه ضحيتها الأولى. نتمنى ألا ايحدث هذا.
المصادر:
هنا
هنا