الانقراض والتاريخ الذي يعيد نفسه اليوم
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
قَدَّمت هذه الدراسة التقدير الأدق للفترة التي حصلت فيها الانفجاراتُ البركانية والتدفقُ الهائلُ للحمم والانقراضُ الذي تلاها منذ 201،564،000 عامٍ بهامشِ خطأ لا يتجاوز بضعةَ آلافٍ من السنوات "وهو فترةٌ قصيرةٌ جداً من وجهةِ النظرِ الجيولوجية". وبرَغم أن الدراسة لا تقدّمُ تحليلاً دقيقاً لآليةِ الانقراضِ إلا أن الإطارَ الزمنيَّ لحدوثه يُعتبر مؤشراً قوياً على ارتباطه بالتغيرات المناخية الناتجة عن الانفجارات البركانية.
الانفجارات البركانية الكبرى والانقراض:
حصلت الانفجاراتُ البركانية الكبيرة عندما كانت كلُّ القارات مجموعةً في قارةٍ واحدةٍ منذ ما يقارب ال 200 مليون عام. وقَذَفَتْ ما يقارب 10.4 مليون كيلومتر مكعب من اللافا على شكل أربعِ انفجارات امتدت ل 600،000 عامٍ مخلفةّ البازلت الذي يُمكنُ الحصول على عيناتٍ منه في كل من أفريقيا وأمريكا الشمالية.
بدأت الانفجارات البركانية الكبرى حينها في المغرب تلا ذلك انفجارُ نوفاسكوتيا بعد 3000 عام وانفجارُ نيوجيرسي بعد حوالي 13000 عام، وبالنظر إلى الرسوبيات التي تَتَوضعُ أسفلَ وأعلى الصخورِ البركانية لاحَظَ العلماءُ اختفاءَ أنواعٍ من الأسماك تدعى Conodonts وهي قريبةٌ إلى حدٍ ما من ثعابين البحر إضافةً إلى السحالي البدائية وبعضِ النباتات ذات الأوراق العريضة. واستغرقَ انقراضُ هذه الأنواع ابتداءً من أواخر الترياسي ما يقارب الـ 20000 عام.
يفترض العلماءُ أن الانفجارات البركانيةَ الضخمةَ أرسلت جزيئاتٍ من الكبريت إلى السماءِ مما جَعَلَها مظلمةً ليبدأَ شتاءٌ مظلمٌ دامَ لعدةِ سنواتٍ مما أدى لتجمدِ وموتِ العديد من الأجناسِ الحيوانية والنباتية يُضافُ لذلك قُدرةُ كلِّ ثورةٍ بركانيةٍ على مضاعفةِ تركيزِ ثاني أكسيدِ الكربون في الهواء، وهو ما أدى بدورهِ لارتفاعٍ متزايدٍ في درجات الحرارة انقرضَ على إثرهِ المزيدُ من الأحياء التي لم تتمكن من التكيف. وامتد تأثير التغير المناخي في حينها إلى المحيطات التي ارتَفَعَت حموضتها بشكلٍ ملحوظٍ مما أدى لانهيارِ الأحياء ذات الهيكل الصدفي. وربما ساهمَ اصطدامُ أحدِ النيازك بالأرضِ في الفترة التي تلتها بانقراضِ الديناصورات مُنذُ 65 مليون عامٍ وهو الحدثُ الذي أعطى الفرصةَ للثديّاتِ بالازدهار ومن ضمنها الجنسُ البشري.
ما الذي يحصل اليوم؟
يرى العلماءُ اليومَ أننا على أعتابِ انقراضٍ جديد "الانقراضُ السادس" وهو من صنع الانسان هذه المرة، حيثُ أدّى النموُّ البشريُّ والسكانيُّ الهائلُ المترافقُ مع النشاطِ الصناعيِّ واستنزافِ الموارد وفي مقدّمتها الوقودُ الأحفوريُّ لارتفاعِ ثاني أكسيد الكربون بنسبٍ كبيرةٍ قاربت الـ 40% في غضونِ القرنين الماضيين، وهذه الوتيرةُ هي الأسرع منذ نهاية الترياسي.
وتظهرُ الآن نتائجُ هذه الزيادة بوضوحٍ وفي مقدمتها ارتفاعُ درجاتِ الحرارةِ وتغيراتُ الأنظمةِ البيئية وحموضةُ المحيطات وهذا ما حصلَ في نهاية الترياسي كذلك.
كلمة أخيرة:
اهتمَّ العلماءُ بدراسةِ تأثير زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون على الكوكبِ ككلّ وما يرافقهُ من ارتفاعِ درجاتِ الحرارة وحموضةِ المحيطات، وعلى الجنس البشري الآن أن يأخذَ هذه المؤشراتِ التي تُبديها البيئة كتحذيراتٍ علّه يدقُّ ناقوسَ الخطرِ وإلا فلن يكونَ مصيرُنا مختلفاً عن الديناصوراتِ التي سبقتنا.
المصدر:
هنا