أقمار ناسا الصناعية تكشف التفاصيل الأدقّ للدورة المائية الأرضية
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
وتؤدّي المؤسسات العلميّة العالمية دورها في قضايا المناخ والمياه، ومن بينها وكالة ناسا الفضائية التي أطلقت عدة أقمار صناعية منذ عام 2010 مُخصّصة لرصد المناخ والقياسات المائية، وهي تغطّي كامل أجزاء الأرض بما فيها المحيطات، والمناطق النائية، والدول النامية حيث يصعب في مثل هذه المناطق الحصول على قياساتٍ أرضيةٍ.
استخدمت ناسا بيانات هذه الأقمار للحصول على تقديرات الموازنة المائية العالمية خلال العقد الأول من القرن 21، بالشكل الأكثر دقّةٍ في تاريخ تسجيل القياسات، وقد بيّنتها في دراسة نُشرت في مجلة Climate، تعدّ أوّل دراسةٍ من نوعها تعتمدُ حصراً على نتائج رصد الأقمار الصناعية ونماذج دمج البيانات، لتضعَ بذلك الأساس الّذي ستقوم عليه المقارنات المستقبلية.
بدأ الباحثون بتوصيف الوضع الرّاهن وفهمه بشكل دقيق ومن ثمّ دمج البيانات الناتجة من أجل تطوير آليّة تنبّؤ النماذج المناخية بتوزُّع وشدّة الهطولات المطريّة، والثلجيّة واستخلاص التغيّرات الرئيسية المستقبلية.
ويشير الباحثون أنّ توقّع تغيّرات الهطول من خلال النماذج المناخية أصعب بكثير من توقّع تغيّرات درجات الحرارة، لأنّ العمليات التي يشملها التساقط المطريّ والثلجيّ في السحاب تحدث ضمن بضعة أميال مربعة، وهي مقاييس صغيرة جداً في النماذج التي تعادل أصغر واحدة فيها مساحة ولاية كونيتيكت تقريباً (حوالي 5550 ميلاً مربعاً).
كما تزامن الحصول على تقديرات الموازنة المائية الأرضية، مع تقدير كتلة الطاقة الحرارية الناتجة عن الشمس والتي تقوم بتسخين المياه وتحريكها، حيث يساعدهم تقديرها بدقّة في تحديد كمية المياه المتبخرة إلى الغلاف الجوي.
حيث يؤكّد الباحثون عدم إمكانية حساب تقديرات المكوّنات المختلفة لموازنة المياه دون النظر إلى المكونات الطاقيّة والحراريّة، لاسيّما أن 75% منها تنتقل من سطح الأرض بواسطة التبخّر إلى الغلاف الجوي.
آليّة إجراء البحث، ونتائجه:
في البداية قُسِّمت الدورة المائية إلى عشرة أقسام وُصفت كل منها بمجموعة من البيانات المختلفة والتي نتجت عن رصدٍ قام به أكثر من 25 قمراً صناعيّاً، حيث دُمجت بعد ذلك مجموعات البيانات معاً باستخدام طريقةٍ رياضيةٍ تعتمد على دقّة كلّ قياس، والتي تعبّر عن الموثوقية أو مجال من الإجابات المحتملة الصحيحة نوعاً ما.
ثمّ تمّت موازنة كميّة المياه الداخلة إلى كل قسم من أقسام الدورة المائيّة، كالمحيط أو القارّة أو البحيرة مع كميّة المياه الخارجة منها.
قَدّمت الدراسة تقديراتٍ حول الدورة المائية لكل كتلة من كتل اليابسة السّبع، ولكل حوض من أحواض المحيطات الأرضيّة التّسع، إضافةً إلى تقديراتٍ شهريّةٍ عالمية عن كلّ منطقة بمفردها.
وأظهرت نتائج الموازنة المائية أن التبخّر السنويّ بسبب حرارة الشمس، بلغ 107،841 ميلاً مكعباً من المياه (449،500 كيلومتراً مكعباً) من المحيطات، و16،938 ميلاً مكعباً (70،600 كيلومتر مكعب) من اليابسة من كل من التربة والنباتات.
كما بلغ الهطول السنويّ على المحيطات 96،805 ميلاً مكعباً (403،500 كيلومتراً مكعباً) بزيادة 5% عن التقديرات السابقة، بينما بلغ على اليابسة 27،950 ميلاً مكعباً (116،500 كيلومتراً مكعباً)، منها 11،012 ميلاً مكعباً (45،900 كيلومتراً مكعباً) يجري ضمن جداول وأنهار تنتهي في المحيطات، و16،938 ميلاً مكعباً (70،600 كيلومتراً مكعباً) يتبخر من جديد ضمن الجو.
وجدت الدراسة أيضاً أن الاستهلاك البشري الإجماليّ من المياه للاستخدامات البشرية، والزراعية، والصناعية يبلغ 2،182 ميلاً مكعباً (9،100 كيلومتراً مكعباً)، وهي كمية تكفي لملء 3 مليون ملعب كرة قدم)، وبمقارنة بسيطة نجد أنّ الاستهلاك البشري الإجمالي للمياه لا يتعدّى نسبة 8% من إجمالي الهطول على الأرض.
في النهاية يؤكّد الباحثون أنّ هذا العمل مازال بحاجةٍ إلى تحسين دقّة التقديرات المحسوبة لأجزاءٍ محدّدةٍ من الدورة المائية ومن الطاقة، كالتبخّر الناتج عن النتح، وكميّة المياه المتبخّرة من التربة والنباتات، وأنّ الجيل القادم من هذه الأقمار سيمكّنهم من تقدير حركة المياه بشكل أكثرَ دقّة خلال العقد الحالي من القرن 21.
اقرأ مقالنا السابق عن توزع المياه ومصيرها من هنا
Image: the source
Image: the source
Image: the source
المصادر:
هنا