انهيار عام 1987- أزمة اليابان
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
المكان: اليابان
كان المقدار الذي هبط فيه السوق من القمة إلى القاع 63.5% حتى عام 2003.
يبدو أن اليابانيين كان لديهم القدرة على تحسين نهج اقتصاد السوق والذي تبنوه نقلاً عن الولايات المتحدة الأمريكية، لكن للأسف فإن تبنيهم لهذا النهج رافقه تبنيهم للأزمات السوقية المصاحبة له أيضاً. لتكون الأزمة اليابانية أكبر بكثير من أية أزمة عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية.
كان الارتفاع الكبير في أسعار الأصول في الدول المتقدمة من السمات المميزة للتطور الاقتصادي خلال النصف الآخر من الثمانينات. إلا أن تضاعف أسعار الأسهم والعقارات في اليابان كان أكبر بكثير منه في الولايات المتحدة وبريطانيا. حيث بلغ ارتفاع أسعار العقارات في اليابان خلال فترة 1955-1990 مقدار 70 ضعفاً، في حين أن أسعار الأسهم قد تضاعفت بمقدار 100 ضعف خلال الفترة ذاتها. لقد أصبح التداول هو الهواية المفضلة في اليابان، حيث سارع اليابانيون إلى الدخول إلى السوق بثقة عمياء. خلال الثمانينات كانت قيمة الشركة الواحدة من الشركات الكبرى في طوكيو تزيد عن قيمة نظرائها من الشركات الأمريكية مجتمعة.
ويمكن القول بأن تحسن أرباح الشركات وأساسياتها قد ساهم في ارتفاع أسعار الأسهم، حيث ازدادت أرباح الشركات حوالي 70% خلال الفترة 1985-1990. إلا أن الارتفاع المتسارع في نسبة القيمة السوقية للأسهم إلى الناتج المحلي الإجمالي GDP والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في النصف الآخر من الثمانينات، يشير إلى أن التحسن في أرباح الشركات لا يمكن أن يقدم تفسيراً كافياً للارتفاع الكبير في أسعار الأسهم.
إن التحرر المالي وعدم كفاية الأنظمة وعدم وجود الحوكمة السليمة لعبت جميعها دوراً مهماً في الارتفاع الكبير في أسعار الأصول في اليابان. فمع بداية النصف الأول من الثمانينات، تم إقصاء القيود على تحركات رأس المال بشكلٍ تدريجي، إضافة إلى تحرير أسعار الفائدة على الودائع وظهور أدوات ومشتقات مالية جديدة. نتيجةً لذلك، استطاعت الشركات اليابانية الكبرى تقليل اعتمادها على البنوك والاتجاه نحو أسواق رأس المال العالمية وأسواق الأوراق المالية المحلية، ما أدى إلى حرمان البنوك من عملائها التقليديين ومواجهتها منافسة عالية من قبل المؤسسات غير البنكية. وفي ظل عدم وجود أنظمة رقابية حكيمة، اتجهت هذه البنوك نحو زيادة إقراضها إلى الشركات الصغيرة التي لم يكن لديها القدرة على الوصول إلى أسواق رأس المال، وأيضاً زيادة إقراضها إلى قطاع العقارات. هذا الإقراض المتزايد إلى سوق العقارات غذى الفقاعة في أسعار العقارات السكنية والتجارية، وهو ما زاد من قيمة الضمانات المقدمة من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وبما أن الإقراض البنكي يعتمد على قيمة الضمانات المقدمة، فقد زادت البنوك من إقراضها وهذا ما أدى إلى زيادة إضافية في الأسعار لترتفع معها قيمة الضمانات ويزداد الإقراض مرة أخرى وهكذا، وهذا ما يسمى بالتغذية الذاتية للفقاعة self-fulfilling.
لا بد أيضاً من الإشارة إلى الدور الذي لعبته السلطات النقدية اليابانية في تضخم الأسعار خلال النصف الثاني من الثمانينات، وذلك بتخفيض سعر الخصم الرسمي إلى النصف خلال عدة خطوات بين عامي 1985-1987، ليصل إلى 2.5% ويبقى ثابتاً عند هذا الحد لمدة عامين على الرغم من النمو الهائل في الأنشطة والأسعار.
مع نهاية الثمانينات أصبح من الواضح أن الفقاعة في أسعار الأصول لا يمكن تبريرها بالتحسن في أساسيات الشركات وأرباحها. وهو ما دفع السلطات إلى تشديد سياستها النقدية بشكل كبير بدءاً من أيار 1989، حيث قامت برفع سعر الخصم ليصل إلى 6% في آب 1990، أي تمت زيادته بمقدار 3.5% خلال عام واحد.
بدأت أسعار الأسهم بالانخفاض منذ بداية عام 1990، حيث انخفض مؤشر Nikkei بما يزيد عن 30000 نقطة (60%). أما بالنسبة لأسعار العقارات فلم تبدأ بالتراجع حتى بداية عام 1991، إلا أن هذا التراجع استمر منذ ذلك الحين بلا هوادة. في عام 1997 بلغ متوسط أسعار العقارات في أكبر ست مدن يابانية ما قيمته 40% فقط مقارنة مع أسعارها في عام 1990.
أثر انفجار الفقاعة الآسيوية على الاقتصاد الأمريكي أيضاً، إلا أن التدابير التي تم اتخاذها بعد أزمة 1987 الأمريكية ساهمت في منع انهيار برامج التداول. حيث كانت أمريكا قد تعلمت درساً من أزمة 1987، وهو أن البشر قد يبالغون في ردود أفعالهم في كثير من الأحيان وتنتج آثار صغيرة، أما برامج الحاسب فهي تفعل ذلك مرة واحدة فقط ولكن مع آثار كبيرة.
المصادر
هنا
هنا