القُرَاد... الكائن الوحش!
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
الآن فلنلقِ نظرةً أقربَ إلى هذا الكائن الحي، ولنبدأ بالشكل الخارجي:
- يتكوّن جسم القُرَادة من قسمين رئيسيين هما الرُؤيَسُ والجسمُ الذي تتصلُ به الأرجلُ التي يبلغُ عددُها ستةُ أرجلٍ في اليرقاتِ وثمانية في العذارَى والقُرَاد البالغ.
لا يمتلك القُرَاد رأساً مميزاً.
- يبلغُ طولُ هذا الحيوان من 2- 20 مم قبل تناولِه وجبتِه الدموية، ويصلُ طول الأنثى بعد انتهاءِ تناولِها الوجبةَ من 25 إلى 30 مم، في حينِ يبلغُ وزنُها 100 ضعفَ ما كان عليه قبل التغّذي.
الصورة (1) تُظهر الأبعاد المختلفة للقراد: من اليسار إلى اليمين: العذراء، ذكر بالغ، أنثى بالغة.
Image: California Department of Public Health
دورة الحياة:
تمرُّ معظمُ القُرَاديات بأربعَ مراحلِ حياةٍ هي: البيضةُ واليرقةُ والعذراءُ والحيوان المفصلي البالغ، وتتغذّى منذ خروجِها من البيضة وفي كلّ مراحل حياتها على الدم. وفي حين يتطلَّب بعضُها ثلاثَ سنواتٍ لإكمال دورة حياتِه، يموتُ معظمُها لعدمِ تمكنّه من إيجاد المُضيف الذي سيحصلُ منه على الدم اللازم لاستمرار حياته، وتحتاجُ معظمُ الأنواع لثلاثة مضائفَ مختلفةٍ لإتمام دورة حياتها. توضح الصورة (2) دورة حياة القُرَاد.
Image: 2015 Bay Lyme Foundation
كيف يجد القُرَاد مضيفَه (عائله)؟
يعتمدُ القُرَاد في إيجادِ عائلِه على كشفِ نَفَسِ المُضيف ورائحتِه أو استشعارِ حرارةَ الجسم والرطوبةَ والاهتزازاتِ الناتجةَ عنه، ولبعض الأنواعِ القدرةُ على تمييزِ الظل حتّى! ولأنّه ليس باستطاعةِ القُرَاد الطيرانُ أو القفزُ فإنّه يكتفي باتخاذ مكانٍ لنفسه على الأعشابِ أو الشجيراتِ يقبع فيه منتظراً "فريسته" القادمة بفارغ الصبر! وفي مكانِ المراقبةِ هذا يتمسَّك القُرَادُ بواسطةِ شفعي أرجلِه الثالثِ والرابع بالأوراقِ النباتيةِ أو الأشجار، بينما يبقي الشفعُ الأولُ ممدوداً في حالةِ تأهبِ للزحفِ إلى المُضيف في اللحظة المناسبة. وحالما يمرُّ المُضيف بموقع المراقّبةِ هذا يتعلّقُ به بعض القُرَاد، في حين يبقى البعضُ الآخر يجولُ إلى أن يجدَ مناطقَ ذاتَ جلدٍ رقيقٍ كالأذن ليتمسّك بها.
كيف ينقلُ القُرَاد المرض؟
ينقل القُرَاد المرضَ خلال عمليةِ التغذي التي تتمُّ وفق المراحلِ التالية:
1. يستغرقُ التحضيرُ للتغذي بين 10 دقائقَ إلى ساعتين وذلك اعتماداً على نوع القُرَادِ والمرحلةِ التطوريةِ التي يمرُّ بها، وحالما يجدُ النقطةَ الملائمةَ للبَدء بالحصول على وجبته يجرحُ سطحَ الجلدِ في ذلك الموضع.
2. يغرِز القُرَادُ أنبوبَ التغذي مكانَ الجرح، وتمتلك بعضُ الأنواعِ خاصيةَ إفراز مادة تشبه الاسمنت تعملُ على إبقائها ملتصقةً بجلد خلال الحصول على الوجبة الدموية.
3. للقراد القدرةُ على إفراز كمياتٍ صغيرةً من اللعابِ ذي الخصائصِ المُخدِّرة، ما يحولُ دون إحساس المُضيف بوجوده، وقد ينتهي الأمرُ بمغادرته مكانَ الجريمة دون أن يُلاحَظ أصلاً لا سيّما إذا كان الموقع مغطىً (بشعرٍ أو لباس إذا كان المُضيف من البشر أو بالوبر مثلاً إذا كان المُضيف حيواناً)
4. يستمرُّ القُرَاد في التغذي البطيء لعدة أيام، وإذا كان المُضيفُ الحيواني مصاباً بمرضٍ يُنقَل عبر الدم، فعندها سينقل القُرَاد العدوى إلى المُضيف التالي الذي سيتغذى على دمه.
5. قد تدخل كميةٌ صغيرةٌ من اللعابِ جلدَ المُضيفِ أثناءَ التغذي، فإذا كانَ اللُّعابُ حاملاً لعامل ممرضٍ، قد يَنتقلُ العاملُ الممرضُ للمضيف الجديد بهذه الطريقة.
6. يسحبُ القُرَاد أجزاءَه الفمويةَ من جسم المُضيف بعد أن حصلَ على غذائه ويبدأ بالتحضير للانتقال إلى المرحلة التالية من حياته.
إذاً يُمكن إجمالُ مراحلِ تغذي القُرَاد بتسع خطواتٍ رئيسية هي:
البحثُ عن المُضيف، والالتصاقُ بجلده، ثم البحثُ عن منطقةٍ فُضلى للتشبث، وبَدءُ عمليةِ التغذي، يلي ذلك اختراقُ الجلدَ، وتثبيتُ الأجزاء الفموية، ثم امتصاصُ الدم المتبوعُ بسحب الأجزاءِ الفموية، وأخيراً مغادرةُ مكان التغذي.
يُعدُّ القُرَاد من الطفيلياتِ الخارجيةِ إجباريةِ التَّطفُّلِ التي تتغذى على الدم والمسؤولةِ عن نقل عددٍ كبيرٍ من العوامل المُمرضة كالفطريات ووحيدات الخلية الحيوانية والفيروسات والرِّيكتِسيات وغيرها من البكتريا خلالَ عمليةِ تغذيها على مضائِفها. لذلك فإنَّ العديدَ من الدراساتِ حول الإيكولوجيا الأحيائيةِ للقُرَاد التي تأخذ بعين الاعتبار المعلوماتِ المرتبطةَ بدينامياتِ مجتمعاتِه المتعلقةِ بالمُضيف والبيئة تجعلُ من المُمكن تطبيقُ إجراءاتِ التحكمِ في برامجِ الوقاية من الأمراضِ المنقولة بواسطةِ الحشرات.
للتعرّف أكثرَ على بعض الأمراض التي ينقلها القُرَاد، وطرقِ الوقاية منه والأعراضِ والعلاماتِ المُرتبطةِ بلسعته، تابعوا القسمَ المتعلّقَ بالجانبِ الطبيّ من حياة القُرَاد في المقال القادم...
المصادر:
هنا
هنا
هنا