الحلقة الثالثة - النسبية الخاصة
الفيزياء والفلك >>>> النظريات الأساسية في الفيزياء
أكترنا سمع بالنسبية الخاصة لآينشتاين ويمكن هية من أشهر النظريات الفيزيائية بعصرنا وبالتالي بنفس الوقت اكتر نظرية معرضة للشرح الخطأ. النظرية رائعة و مهما شرحنا عنها ما منعطيها حقها الصحيح لكن رح نحاول بهالحلقة نشرح زيادة ونوضح اساسيات افكارها ونتائجها بشكل مبسط. قرأنا في مقالنا السابق عن النظرية الكهرومغناطيسية أن معادلات ماكسويل التي تصف الحقول الكهربائية والمغناطيسية يمكن أن نستنتج منها أن هذه الحقول ممكن أن تنتشر كأمواج بسرعة تساوي سرعة الضوء وبالتالي فالضوء هو موجة كهرطيسية ايضا. وقد كان الفيزيائيين معتادين على فكرة أن كل موجة بحاجة لوسط تنتشر فيه. فالأمواج الصوتية تنتشر في الهواء (أو الغازات) وحتى في السوائل والأجسام الصلبة، والأمواج الاهتزازية الأخرى ايضا تنتشر على سطح الماء او في حبل مشدود نهزه بأيدينا مثلا فافترض الفيزيائيون وجود وسط تنتشر فيه الأمواج الكهرطيسية سموه "الأثير" وافترضو انه وسط شفاف ليس له وزن وموجود في كل مكان. وبالتالي يمكن أن نعتبر هذا الوسط مرجعا فالجسم الساكن بالنسبة للأثير يعتبر ساكنا بالمطلق وبقية الأجسام متحركة. وبما أن الأرض تتحرك حول الشمس فقد رغب الفيزيائيون بمعرفة سرعتها عبر الأثير وصممو لذلك عدة تجارب لعل أشهرها تجربة مايكلسون-موريلي التي اعتمدت على المبدأ التالي:بفرض أن هناك موجة على سطح الماء تسير بسرعة 10 امتار في الثانية وانت على قارب يسير معها بسرعة 4 امتار في الثانية ستبدو لك الموجة تسير بسرعة أقل: 10- 4 = 6 امتار في الثانية. وكذلك الضوء ستختلف سرعته باختلاف جهة انتشاره مما ينتج عنه ظواهر حاول مايكسلون وموريلي في تجربتهما ان يقيساها ولكنهما وجدا أنه لا يوجد أي فرق وكأن الأرض ساكنة لا تتحرك. وقد جرت عدة محاولات لتفسير النتيجة كان منها ما قدمه لورنتز من أنه عند الحركة يتغير قياس الأطوال والزمن بمعادلات تعرف باسم تحويلات لورنز ولكن ذلك بقي شيئا نظريا. تمكن اينشتاين من حل المعضلة الضوء فافترض فرضيتين: الأولى: انه لا يمكننا تمييز الحركة المستقيمة بسرعة ثابتة (ندعوها حركة منتظمة) عن السكون فالظواهر والقوانين التي سيرصدها ويستنتجها شخصين يتحركان بالنسبة لبعضهما بحركة منتظمة هي نفسها. الثانية: سرعة الضوء هي أكبر سرعة يمكن الوصول اليها. وبحسب الفرضية الأولى فهي نفسها بالنسبة للجميع سواء كانو ثابتين بالنسبة لبعضهم أم متحركين بحركة منتظمة. وبرغم بساطة الفرضيتين ظاهريا إلا انهما تتضمنان معاني فيزيائية عميقة سنشرح أولها وهو ما سيقود للبقية. تصور انك في وسط عربة قطار طويلة جدا تمشي بسرعة عالية ثابتة وفي كل من مقدمة العربة ومؤخرتها باب يفتح عندما عندما تصله اشارة ضوئية من مصباح موضوع فوقك تماما. وتصور أنني واقف على رصيف السكة اراقب الحركة ولنرى ماذا سنشاهد عندما يضيء المصباح. بالنسبة لك سيصل الضوء لبداية ونهاية العربة في نفس الوقت وسيفتح البابان معا. ولكن بالنسبة لي الأمر مختلف. فالضوء بالنسبة لي سرعته نفس السرعة بالنسبة لك وثابتة فانا سأرى الباب الخلفي يندفع نحو الضوء ويصل الضوء بسرعة بينما الباب الأمامي سيبدو كانه يهرب من الضوء القادم من الخلف وسيستغرق الضوء وقتا أطول قليلا ليصله فبالنسبة لي سيفتح الباب الخلفي اولا ثم الباب الأمامي. وبالتالي ما تراه انت يحصل في نفس الوقت أراه انا يحصل في لحظتين مختلفتين فكيف ذلك؟ لحل ذلك التناقض اقترح اينشتاين أننا نحن الاثنان نقيس زمنين مختلفين وطولين مختلفين وأن العلاقات الصحيحة التي يرتبط فيها زمن شخص (أنا) والطول الذي يقيسه مع القياسات نفسها لشخص يتحرك بالنسبة للأول (أنت) هي تحويلات لورنتز التي وجدها اينشتاين من هذه الفرضيات. ويعرف هذا الحل "بمبدأ التزامن". فإذا كنت تتحرك بالنسبة لي فسوف تقيس زمنا اقصر من الزمن الذي سأقيسه انا . كما أن ألأطوال التي سأقيسها للأجسام التي تتحرك معك ستكون اقصر من التي تقيسها انت. ولا يصبح هذا الفرق محسوسا بالنسبة لنا إلا عندما تقترب سرعة الحركة من سرعة الضوء. إن نظرة اعمق لهذه الفرضيات و لتحويلات لورنتز تستلزم ان نفترض ايضا أن الجسم حتى عندما يكون ساكنا بالنسبة لنا فهو يمتلك طاقة تعطى بالعلاقة الأشهر في الفيزياء: الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء وبما أن سرعة الضوء مجرد عدد ثابت فهذه العلاقة تعني وجود تكافؤ بين الكتلة والطاقة فليست الكتلة إلا أحد أشكال الطاقة. وتتغير الطاقة (وبالتالي الكتلة) بتغير سرعة الجسم وتضمن تحويلات لورنتز أن الكتلة او الطاقة تصبح لا نهائية عندما تصبح سرعة الجسم تساوي سرعة الضوء وهو مستحيل فلذلك لا يوجد فيزيائيا أي جسم أسرع من الضوء تم رصده. تم التحقق تجريبيا من فرضيات هذه النظرية كتأخر الزمن باستخدام ساعات ذرية تشعر بأقل تغييرات الزمن وضعت في طائرات نفاثة سريعة. كما اتضح في جميع تجارب تسريع الجسيمات كالالكترونات والبروتونات صحة زيادة كتلة الجسيمات عند اقترابها من سرعة الضوء بما يتفق مع فرضيات اينشتاين. اما المثال الأوضح عن تكافؤ الكتلة والطاقة فهو الطاقة النووية التي يتحول فيها جزء من كتلة نواة العناصر عند انشطارها إلى طاقة حرارية و كهرطيسية هائلة. لقد بين مبدأ النسبية الخاصة أن الزمن ليس مطلقا ولا يراه الجميع بنفس الصورة وكأن هناك ساعة كونية ثابتة تدق فوق رأس الجميع. بل هو مقدار متغير يتعلق بحركة المراقبين "بالنسبة" لبعضهم. ويتغير قياسه كما يتغير قياس المكان وبالتالي فالمكان والزمان متغيران من طبيعة واحدة ونسيج واحد نطلق عليه اسم الزمان-مكان أو اختصارا "الزمكان" . لم توجد تجربة صحيحة حتى اليوم تتعارض مع مبدأ النسبية الخاصة والذي اصبح من أركان الفيزياء الحديثة. ومن أهم المبادئ التي غيرت نظرتنا للعالم الفيزيائي حولنا . فما رأيكم ؟ هل تغيرت نظرتكم أيضا. نتمنى أن قراءة هذا المقال قد كانت ممتعة لكم، فبحسب اينشتاين إذا كنت تفعل شيئا ممتعا ستشعر أن الوقت قد مر بسرعة، هذه هي النسبية. حقوق الصورة: Photograph by Sean Gallagher, National Geographic مراجع عامة: - النسبية وجذورها: بانيش هوفمان - Relativity, A Very Short Introduction- Oxford University Press مراجع متخصصة: - Walter Greiner: Classical mechanics-Point particles and relativity - A.P French: Special Relativity -The M.I.T. Introductory Physics Series-